أكد رئيس رابطة علماء الشريعة لدول مجلس التعاون الخليجي الدكتور عجيل النشمي أن المؤسسات المالية الإسلامية أثبتت قدرة كبيرة على مواجهة الأزمات المالية العالمية، ما جعلها تتبوأ مكانة كبيرة في الصناعة المالية العالمية، مستدلاً على أن فرنسا ذات الحساسية الشديدة اتجاه كل ما هو إسلامي أعلنت ترحيبها بالأدوات المالية الإسلامية من خلال الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية التي أصدرت قراراً بتقديم تسهيلات للمؤسسات الإسلامية والمتعاملين في الأسواق المالية الفرنسية. وقال في كلمته في افتتاح أعمال مؤتمر شورى الفقهي الخامس في الكويت أمس:"يكفي أن نعلم أن عدد المصارف الإسلامية اليوم بلغ 22 مصرفاً في إنكلترا، و3 في فرنسا، و4 في سويسرا، و2 في ألمانيا، إضافة إلى فرع واحد في كل من روسيا وأرلندا وتركيا واليابان وأميركا. وبيّن أن الصين بدأت تفتح أبوابها أمام المنتجات المالية الإسلامية، إذ أعلن بيت التمويل الكويتي إصدار أول صكوك إسلامية لتمويل محطة الطاقة بقيمة 200 بليون دولار. وأوضح أن منطقة الخليج قادرة على صناعة سوق مالية تكون مركزاً لقطاع الصيرفة الإسلامية، ومن بين المشاريع المؤهلة تطوير المدينة الاقتصادية شمال جدة بالسعودية بقيمة 27 بليون دولار، كما أن دبي وقطر والبحرين والكويت لديها القدرة على أن تكون مركزاً مالياً إسلامياً. مضيفاً أن عدد المصارف التي تقوم بتقديم خدمات مالية إسلامية في ازدياد، ويقدر عددها بنحو 350 مؤسسة مالية إسلامية في 95 دولة بالعالم، تستحوذ أوروبا على 55 مؤسسة منها، وتدير تلك المصارف نحو تريليون دولار، بمعدل نمو يراوح بين 15 في المئة و20 في المئة. من جهته، قدر محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل حجم السوق العالمية للخدمات المالية الإسلامية قياساً بحجم الأصول بأكثر من 1.7 تريليون دولار، مسجلاً بذلك نقلة نوعية واسعة مقارنة بمستواها البالغ نحو 150 بليون دولار في منتصف التسعينات، كما زاد عدد المؤسسات المالية الإسلامية إلى أكثر من 600 مؤسسة تعمل في أكثر من 75 دولة حول العالم، كما حققت سوق الصكوك الإسلامية نمواً واضحاً، إذ بلغت قيمة الإصدارات نحو 140 بليون دولار خلال عام 2012 لتسجل أعلى مستوى لها على الإطلاق. وقال إن العمل المصرفي والمالي أظهر على المستوى العالمي مدى تقدم الصناعة المالية الإسلامية وانطلاقها خارج الحدود المحلية والإقليمية، مشيراً إلى أن هذه الصناعة انتقلت إلى مرحلة النضج الحقيقي في الرؤية والأهداف والاستراتيجيات ومنهجية العمل والنشاط. وعلى رغم كون هذه التطورات مشجعة إلا أنها لا تزال دون مستوى التطلعات، إذ إن نسبة التمويل الإسلامي في حدود 1 في المئة فقط من حجم التمويل على مستوى النظام المالي العالمي، وهي بالطبع نسبة متواضعة للغاية. وقال الهاشل إن أبرز التحديات التي تواجهها الصناعة المالية الإسلامية توافر مواصفات القائمين على الرقابة الشرعية للعمل في المصرف الإسلامي، إضافة إلى ذلك فإن حجم المخاطر التي تنطوي عليها المعاملات المصرفية والمالية سواء أكانت تقليدية أم إسلامية، أضحى حقيقة، لاسيما مع تكرار الأزمات التي يتعرض لها النظام المالي العالمي، مؤكداً أن الكيانات المصرفية والمالية الإسلامية لا تتعرض فقط في ممارسة أنشطتها لمختلف المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها مثيلاتها من الكيانات التقليدية، بل إنها تنفرد أيضاً بمواجهة مخاطر أخرى ترتبط بتنوع وتعدد الأدوات المالية الإسلامية، مع ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية الخاصة بها، علماً بأن المخاطر التي تتعرض لها المؤسسات المالية الإسلامية تكون أحياناً أشد حدة وتأثيراً في أوضاع الكيانات المصرفية والمالية مقارنة بمثيلاتها التقليدية.