وصلتني رسالة مقلقة من مبتعثة سعودية في ولاية نيويورك، تخبرني فيها كيف تم استبعاد المبتعثات من التصويت على الإدارة الجديدة للنادي السعودي في جامعتها، وكانت أحد المرشحين... استطاع أحد المبتعثين فرض رأيه على البقية، وتم منع أي مبتعثة من دخول القاعة المخصصة للتصويت، وعندما حاولت دخول القاعة، وكان معها طفلها الصغير، تم طردها أمام الجميع... تعجبت وأنا أقارن الحال، إذ احتفلنا قبل أيام بدخول 03 عضوة من خيرة نساء الوطن لمجلس الشورى، كما احتفلنا قبل عام تقريباً بصدور هذا القرار مصحوباً بقرار دخول المرأة المجالس البلدية ناخبة ومُنتخَبة"بفتح الخاء"، أي أن المفروض أننا تجاوزنا"بقرار ملكي"معضلة هل تنتخب المرأة أم لا؟ القصة الثانية عن مبتعثة أيضاً، اسمها لجين الهذلول، نشرت فيديو لها على موقع التواصل الاجتماعي الجديد Keek، الذي يشهد غزواً من المبتعثين والمبتعثات، وهو موقع تحمل فيه فيديو لا يتجاوز الدقيقة، ويستطيع المشاهد متابعتك والتعليق على"الفيديوهات"، تماماً كما في"تويتر"، الفيديو عادي جداً تُظهر فيه المبتعثة جانباً من جامعتها الكندية، لكن ما أثار حفيظة البعض كانت بداية الفيديو، إذ قالت مازحة، وهي تقلد صوت رجل"تغطي، تغطي يا مرة، تستري"، ثم ردت"ماني متغطية"، تم فتح وسم"هاشتاق"في"تويتر"باسمها الكامل، ومهاجمتها ونعتها بكل الأوصاف، والمطالبة بقطع بعثتها، ووصل الأمر بأحدهم أن طلب نسخة من سجلها الأكاديمي"ليناصح أهلها"، وأجابه مبتعث يدرس معها أن لكل شيء ثمناً،"كم تدفع"؟ في الجانب الآخر خرجت قبل شهر تقريباً قصة مفزعة وموجعة لمبتعثة أخرى اشتهرت باسم"معنفة بوسطن"، تعرضت مرتين لمحاولة قتل من زوجها عضو هيئة التدريس المبتعث، وانتهت بطردها وطفلها للشارع، في مدينة معروفة ببردها القارس، تضاربت الأنباء حتى خرجت بنفسها لتحكي قصتها على"تويتر"، كم أحب"تويتر"!، المفاجأة أن السفارة السعودية تجاهلتها تماماً، مع أن شكواها تكررت ست مرات، وعلى العكس عينت محامياً لزوجها واستمرت بعثته، والملحقية ظلت متكتمة على الموضوع، خوفاً من أن يصل للإعلام، وزادت فقطعت عنها البعثة منذ سبعة أشهر لتجبرها على العودة، وتغيير أقوالها حتى لا يدخل زوجها السجن، لم تملك المبتعثة حتى قيمة الحضانة لطفلها، وكانت تتركه مع والده، وفوجئت بآثار الاحمرار على جسده، لأن والده كان يضعه في الفرن ليسكت!... هنا لم نسمع أصوات مناصحي مبتعثات"ماني متغطية"! قد يبدو أن وضع المرأة السعودية لم يتغير كثيراً حتى بعد الابتعاث، فالقوانين تقف بصف الذكر دائماً، ما شجعه على عنترياته على المبتعثات فقط، والمجتمع سيضع الخطأ عليها كالمعتاد، فهي مخطئة وستدفع الثمن وإن كانت الضحية! لكن القصص الثلاث لم تنتهِ بعد، مبتعثة ولاية نيويورك أرسلت لي بعد يوم واحد من الحادثة أنها تقدمت بشكوى رسمية لإدارة الجامعة، وقامت الجامعة مباشرة بفتح ملف للتحقيق في الموضوع، وقد يتعرض المبتعث للعقوبة والفصل... لجين الهذلول بعد البحث عن تاريخها ستجدها أول من يحمل الجنسية السعودية، ويتم انتخابه لرئاسة نادي الطلاب العرب في كندا، بسبب مشاركتها الفعالة مع زملائها في الأعمال التطوعية لجمع التبرعات لفلسطين وباكستان وغيرهما! أما معنفة بوسطن فقد قررت أخيراً أن تتقدم بشكوى رسمية للسلطات الأميركية، التي سارعت بالقبض على زوجها الجاني وزجه في السجن وتعيين محامٍ لها مدفوع التكاليف! الدرس المُستقى من القصص الثلاث أن هناك شيئاً ما تغير في المبتعثات أنفسهن، خلعن أخيراً ثياب"ضحية المجتمع"، واتخذن موقفاً حازماً سيغير واقعهن في الخارج، وحتى واقعنا إذا عدن يوماً لأرض الوطن. [email protected]