في النص الأول الذي كتبه المخرج كريستفور نولن وشقيقه جونثان لفيلم"باتمان"، يقول ألفريد لسيده بروس المثقل بالجراح:"نحن نسقط يا سيدي فقط لنتعلم في كل مرة أننا قادرون على النهوض"، وهي ربما الحكمة التي أقنع بها نولن نفسه قبل خوضه تجربة إخراج سلسلة أفلام"الرجل الوطواط""باتمان". فالشخصية الخيالية التي لاقت نجاحاً على مدى عقود طويلة من خلال السينما أو حتى مجلات"الكوميك"- التي انطلقت منها - سقطت سقوطاً ذريعاً في آخر تجربة في القرن الماضي، إذ إن الجزء المعنون بپ"باتمان وربين"، وعلى رغم مشاركة كل من جورج كلوني وسليفستر ستالوني في بطولته، إلا أنه فشل في سباق شبابيك السينما الأميركية عام 1997 بعد أن واجه انتقادات لاذعة من الجماهير والنقاد، ليخرج بأرباح لم تزد على خمسة ملايين دولار، على رغم أن كلفته الإنتاجية تخطت حاجز ال150 مليون دولار، لكن كل ذلك لم يمنع نولن من التصدي للمهمة الأصعب وإعادة شخصية باتمان إلى سابق عهدها. لكنه كان واضحاً في مطالباته لشركة"ورنر بروذرز"، إذ أصرّ على العودة بالقصة من الصفر وطرحها بطريقته الخاصة، مشدداً على أن الصورة القاتمة التي تحيط بمدينة"غاثم"الخيالية التي يعيش فيها"باتمان"ستلون الفيلم، لذلك ألغى نولن سريعاً شخصية روبن التي تتسم بروح فكاهية، واختار كريستين بيل للعب دور البطولة، في ظل نجاحه الباهر في تجسيد شخصيات درامية عدة، أبرزها شخصيته في فيلم"برستيج"الذي أخرجه نولن أيضاً، فيما احتفظ بمورغان فريمان، وتعاقد مع الممثلة كيت هولمز لتتصدى للدور الأنثوي في الفيلم. في"فارس الظلام"الجزء الثاني من ثلاثية باتمان مع كرستيفور نولن كمخرج وكاتب، يقول المدعي العام هارفي دنت لسكان مدينة غوثام بعد أن عاث فيها المجرمون فساداً:"لا سواد يعلو على سواد الليل قبل بزوغ الفجر... الفجر قادم"، من هنا انطلق نولن ليثبت أن الفجر قادم بفيلم"بداية باتمان"، بعد أن أبلغ"ورنر بروذرز"نيته استكمال القصة عبر ثلاثية سينمائية، فالجزء الأول الذي طرح عام 2005 عاد ببروس"باتمان"لبدايته، لتحكي القصة مخاوف الطفل التي أطلقت شخصية البطل، والمراحل التي مرّ بها، ويبدو أن نولن نجح من خلال الجزء الأول في ربط المشاهدين بالعمل، إذ ترك مساحة واسعة لولادة الجزء الثاني، من دون أن يحرم المشاهد من اكتمال قصة الأول، فينتهي الفيلم ليقنع المشاهد أن العالم لا يزال ينتظر من بطله الخارق المزيد من عمليات الإنقاذ. وفي"بداية باتمان"بدا واضحاً أن نولن لم يبحث عن تعقب من سبقوه في تأدية المهمة، فذهب بالفيلم إلى منحى مختلف، مستنداً إلى الأساسيات التي تنطلق منها الشخصية، لكنه في الوقت ذاته عاد إلى طريقته المفضلة في التعاطي مع المشاهدين وإقناعهم، ما أسهم في منح الجزء الثاني"فارس الظلام"وهجاً خاصاً، إذ لم يؤثر تأخر إنتاجه لثلاثة أعوام في تقبل المشاهدين له.