التاريخ سيخلد اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ليس فقط حاكماً سياسياً فذاً، وإنما سيذكره مصلحاً اجتماعياً ومفكراً اقتصادياً، جسد معاني الحاكم العصري الذي يبلور أحلام مواطنيه ويجعلها واقعاً ملموساً. إن صدور قرار مجلس الوزراء، بتاريخ 28ربيع الأول 1433ه، 20 شباط/ فبراير 2012، بالموافقة على إنشاء مدينة"وعد الشمال"للصناعات التعدينية، سيكون نقلة حضارية تسبق الضوء في تطوير منطقة كانت إلى وقت قريب بعيدة من مشاريع التنمية الصغيرة، فما بالنا بتحضنها لمشروع عالمي، متمثلاً في مدينة تعدينية متكاملة تتوفر فيها مقومات الصناعة كافة. إننا على يقين كامل بأن منطقة الحدود الشمالية، بعد اكتمال بناء هذه المدينة وتشغيلها، سوف يختلف جلدها كلياً عما كان يعرفها سابقاً، وسوف تتسابق المؤسسات والشركات مستقبلاً لخطب ود هذه المنطقة وأهلها، نظراً للحراك السكاني الذي سوف يخلقه إنشاء هذه المدينة. هذا المشروع الذي يدخل في نطاق التنمية المستدامة سوف يختصر الزمن لمنطقة الحدود الشمالية، وذلك من خلال خلق فرص وظيفية للشباب، وفرص تدريبية، ووعي مهنى، ورفع المستوى المعيشي، وجلب الاستثمارات المتنوعة للمنطقة. منطقة الحدود الشمالية من خلال هذه المدينة الصناعية، ونظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، كبوابة تطل منها مملكتنا على دول العالم، مهيأة لها الظروف بأن تصبح أحد المراكز العالمية لصناعة أحد المعادن التى بدأت تبرز أهميتها، وحاجة السوق العالمية لها، وينتظرها الكثير من المستقبل عالمياً، نظراً لندرة أنواعها الجيدة، وهو معدن الفوسفات، الذي سيكون بالقرب من منابع الغاز الطبيعي بالمنطقة، هذه الثروات التى تنعم بها المنطقة ستكون روافد وركائز مهمة لاقتصادنا الوطني، وتعزيزاً لتنوع مصادر دخله، خصوصاً بعد أن أصبحت عملية النقل للتصدير للأسواق العالمية سهلة من خلال إنشاء سكك حديدية سريعة ومتكاملة وحديثة، بحسب المواصفات العالمية. إن ضخ استثمارات بأكثر من"26"بليون ريال لإنشاء مدينة للصناعات الأساسية والتحويلية لمعدن الفوسفات في منطقة نائية، ولم يتجاوز قيمة أكبر مشاريعها التنموية سابقاً"100"مليون ريال، وعدد سكانها لا يتجاوز"500"ألف نسمة. إنه إنجاز لتخطيط استراتيجى واعٍ، فكر في تحقيق تنمية متوازنة تهتم بجميع أفراد ومناطق البلاد، وعرف كيف يوظف الفائض المالي المتوفر حالياً في الاقتصاد الوطني في تنمية مستدامة تخدم أجيال الوطن، لأن مدينة وعد لن يكون انعكاسها اقتصادياً فقط، ولكن ستكون لها آثار اجتماعية كثيرة، أهمها تكريس وزيادة الانتماء والاعتزاز والفخر بالوطن ككل والمنطقة خصوصاً، وآثار نفسية طيبة لأهالي المنطقة الذين كانوا يتصورون أنهم بمعزل عن التنمية الحديثة التي تنعم بها بلادهم، فشعروا بعد صدور إنشاء هذا المشروع العملاق أن الدولة مهتمة برعايتهم وليست غافلة عن تنميتهم، ورأوا في هذه المدينة الضامن لمستقبل أبنائهم وأجيالهم، فلا يلوم أحد أهل الشمال بهذه الفرحة التى تغمرهم هذه الأيام بعد سماع هذا القرار المفرح، ويكثرون الدعاء بالصحة والعافية وطول العمر لصاحب اليد البيضاء في تعجيل إصدار هذا القرار وتحقيق حلم حياتهم مليكهم المفدي عبدالله بن عبدالعزيز. عايد بن مبارك العنزي مدير التأمينات الاجتماعية بمنطقة الحدود الشمالية [email protected]