يستغرب الجميع تعمد بعض رجال أعمالنا بالتمادي في إطلاق التصريحات الإعلامية الرنانة عبر وسائل الإعلام المختلفة، يتحدثون فيها عما لا يفعلونه ولا يلتزمون به تجاه الوطن والمواطن، أو استغلال وسائل الإعلام لأغراض شخصية، الأعجب من كل ذلك أن نقرأ تصريحات يطلقها مثل هؤلاء أصحاب المصالح الشخصية، وهم يناشدون فيها الآخرين بتوطين الوظائف ولا يفعلون هم ذلك! وآخر يتحدث عن الكرم وفعل الخير وهو لا يفعل ذلك! والهدف من ذلك هو السعي لتحسين صورتهم المشوشة التي يعرفها الجميع، وحتى يقال إن رجل الأعمال صاحب الأيادي البيضاء والكرم الحاتمي قد دحض المزاعم وأصابع الاتهامات كافة الموجهة إليه. وأمثال هؤلاء كثر، فلقد قرأت كغيري تصريحاً منسوباً لأحد رجال الأعمال، أسهب فيه بالتحدث عن توطين الوظائف، وتناول تجربته الشخصية في"سعودة"مؤسساته، ولكن، مع الأسف، فإن ما تناوله لا يعدو كونه تحصيل حاصل، ولا أساس له من الصحة، لأن رجل الأعمال هذا هو أول من يتصدى لتوطين الوظائف، ويحارب"السعودة"، ويسعى إلى تطفيش الشباب من مؤسساته ما أمكن وبشتى الطرق، فهو يرفع شعار توطين الوظائف من جهة لمجرد الخداع، في الوقت الذي يجابهه هو بكل قوة، أو يكون الهدف من وراء التوطين الوهمي هو الاستفادة مما تقدمه الدولة من دعم مالي لكل مؤسسة تسعى إلى"سعودة"الوظائف فيها، والمؤسف أن يكون مثل رجل الأعمال هذا عدواً لتوطين الوظائف، ولكن لا بأس مادامت حرية الكلمة متاحة للجميع. المؤتمرات وورش العمل والمناسبات الرسمية المختلفة، التي تنظم هنا وهناك، أصبحت اليوم منفذاً لهذه الفئة لاستغلال منابرها في مدح أنفسهم وتلميع صورهم، فهم حريصون كل الحرص على حضور كل مناسبة من هذه المناسبات، يتحدثون فيها عن تنفيذ مشاريع تخص الشباب، وتوطين الوظائف، ومساعدة المحتاجين، ومن ثم تقديم التوصيات تلو التوصيات، حتى أصبح حجم التوصيات أكبر من أفعالهم، وهي مجرد شعارات خادعة، ولكن النتيجة لا شيء يذكر منها، لأنهم لا يطبقون هذه التوصيات على أنفسهم، على أرض الواقع. نشكو من مشكلة البطالة، ونوجه اللوم إلى جهات الاختصاص بشأن التقصير، بينما المصيبة الأكبر تكمن في وجود بعض رجال الأعمال الذين جعلوا من توطين الوظائف شعاراً لهم للتسلق وبلوغ أهدافهم وهم لا يستحقون ذلك أصلاً. جملة ما طُرح من تصريحات إعلامية وتوصيات قدمها رجال الأعمال هؤلاء، لو استثمرت بصدقية وبشكل سليم لما كانت هناك بطالة ولا فقر، وليت المسؤولين في وسائل الإعلام، أو القائمين على المؤتمرات وغيرها، ألا يتركوا المجال لجعل هذه المناسبات منابر للخداع، ووسائل للشهرة، والعودة للسير الذاتية لهذه الشخصيات وما قدموه للوطن والمواطن حتى نستفيد من تجاربهم. ماهر بن عبدالصمد بندقجي - جدة [email protected]