عندما يشار إلى مرضى الفشل الكُلوي في المملكة العربية السعودية، لا بد أن يتم ذكر وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولذلك جاءت رعايته للمؤتمر السعودي العالمي لأمراض وزراعة الكُلى غداً في مركز الملك فهد الثقافي، الذي تنظمه الجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكُلى بالتعاون مع جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي"كلانا"، تجسيداً لاهتمامه بهذه الفئة من المجتمع التي تعاني من هذا المرض الذي أصبح التطرق له والاهتمام بالمصابين به، إحدى أولوياته القصوى، الذين تتزايد أعدادهم سنوياً، وإدراكاً منه لمعاناة هذه الفئة من المجتمع، ومدى حاجتها للوقوف معها ومساندتها وتقديم كل أشكال العون والدعم لها. لقد أطلعت على مطبوعات المؤتمر، خصوصاً ما يتعلق بالبرنامج العلمي، ووجدت أنها يتضمن أربعة محاور رئيسة، الأول: يتضمن مناقشة المستجدات والأبحاث العلمية في مجالات أمراض الكُلى المزمنة والحادة، وارتفاع ضغط الدم، والغسيل الكلوي، وزراعة الكلى، والثاني: يتضمن برامج التمريض والخدمات الصحية المساندة، أما المحور الثالث: فيتعلق بدورة علمية في علم أنسجة أمراض وزراعة الكلى، والمحور الأخير: هو دورة علمية موازية لطاقم التمريض والخدمات الصحية الموازية في مجال أمراض وزراعة الكُلى، لذلك من خلال هذه المحاور نجد أن محاور المؤتمر تشمل الكثير من القضايا والدورات العلمية وورش العمل التي تهم المشارك والحاضر والمنظم في هذا المؤتمر. أما ما يتعلق بحجم ومستوى المشاركين، فتوضح أوراق المؤتمر المقدمة، وموقعه الالكتروني، أن عدد المشاركين لحضور هذا المؤتمر يتعدى"700"مشارك، محليين وإقليميين وعالميين، إذ يعتبر هذا المؤتمر من الناحية العلمية من أفضل المؤتمرات التي تناقش هذا المجال في المنطقة، ولذلك جاءت مشاركة أكثر من 17 متحدثاً عالمياً من الولاياتالمتحدة الأميركية وكندا وبريطانيا وألمانيا والسويد وفرنسا، تتويجاً لأهمية هذا المؤتمر وعالميته، ما يؤكد مدى الاهتمام العلمي الذي يحظى به هذا المؤتمر عالمياً. إن رعاية الأمير سلمان بن عبدالعزيز المؤتمر، هي تكريس وتتويج لمسيرته بالاهتمام بهذه الفئة من المجتمع، إذ يرأس سموه مجلس إدارة جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكُلوي"كلانا"، منذ تأسيسها، وأسهمت في نشر التوعية ودق جرس الإنذار لهذه الآفة التي تفتك بشريحة من المجتمع تزداد سنوياً، وطورها بحيث وصلت خدماتها إلى كل مواطن ومقيم في المملكة العربية السعودية، من خلال القيام بالكثير من الأعمال التي أصبحت تساعد المواطنين والدولة في الاهتمام بفئة مرضى الفشل الكلوي، مثل القيام بأول وأشمل مسح ميداني في المملكة عن المرضى ومراكز الغسيل، وكذلك إنشاء مركزي الغسيل الكُلوي في الرياضوجدة، وبرنامجي الابتعاث الخارجي وزراعة الأعضاء بالمملكة، والكثير من البرامج الأخرى التي تساعد في مواجهة هذا المرض ورعاية هذه الفئة، سواء بالدراسات أو بالتوعية، أو التبرعات والتمويل. يقول، المشرف العام على المؤتمر، رئيس جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز في كلمة له منشورة في الملف الإعلامي للمؤتمر:"إن الخطوات التي قطعتها المملكة في مجال تطور الخدمات الصحية والعناية المقدمة لمرضى الفشل الكلوي من دون استثناء جنسه أو جنسيته، يعد مفخرة لكل مواطن سعودي، وحق ضيافة لمن يعيش على أرض الحرمين الشريفين"، لذلك لم تتطور الجمعية ولا النشاطات المصاحبة لها إلا بجهود الجميع، سواء مسؤولين أو مواطنين، من خلال الإسهام البنّاء في كل ما من شأنه أن يسهم في تخفيف معاناة فئة مرضى الفشل الكلوي، والإسهام البناء في خلق وعي واهتمام من الجميع بهذا المرض ومن يعاني منه. والعمل الخيري هو نموذج للتعاون بين الدولة والمجتمع، فالدولة لا تستطيع أن تغطي كل شيء، ولكن عليها الدور الأكبر في كل شيء، ثم يأتي دور العمل الخيري الذي يمكن أن يتطور من خلال الوعي والتعاون بين جميع مكونات المجتمع. لقد مثل التعاون بين الجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكلى في جامعة الملك سعود، وجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي"كلانا"، رمزاً ومثلاً يحتذى به من أجل تطوير آليات الرعاية العلاجية والاجتماعية، فالتقاء الجانب الخيري والجانب العلمي سيسهم في بناء منظومة متكاملة لمواجهة مرضى الفشل الكلوي، تبدأ من الكشف والرعاية والزراعة والعلاج وتأهيل المرضى، ما يشجع الجميع، مواطنين ومؤسسات حكومية، على التفاعل والعمل على المستويات كافة من أجل التطوير والإسهام في إيجاد حلول علمية واجتماعية لمرضى الفشل الكُلوي، والانتقال من الأقوال إلى الأفعال، لرعاية مرضى الفشل الكُلوي. إن الإسهام في تطوير آليات العمل في هذا النوع من المؤتمرات، سواء بالمشاركة في الحضور أو التنظيم، لسوف ينعكس على التوعية والمشاركة بالتبرع المادي والتطوعي، وكذلك الإسهام العلمي من المتخصصين والخبراء، سيكون له دور كبير في رفع درجة الاهتمام"Awareness"، والرعاية"Care"لهذه الفئة التي تعاني من هذا المرض الذي لا يرحم، ويرفع درجة إسهام المجتمع في رعاية مرضى الفشل الكلوي، ويوجد بنية تحتية اجتماعية وعلمية لمواجهة هذا المرض والحد منه، ورعاية من أصيب به. يقولون إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ولذلك بدأت المملكة العربية السعودية رحلة رعاية مرضى الفشل الكلوي بجمعية الأمير فهد بن سلمان في الرياض، ومن ثم تطورت لتشمل خدماتها جميع مناطق المملكة، ولتظهر الجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكلى معها، ومن ثم يبدأ التعاون بينهما، من المؤتمر السابق قبل سنتين، من أجل توحيد الجهود المشتركة بما يخدم مواطني هذا البلد، وينظم الجهود في هذا الخصوص مع كل الجهات، فلنشارك في تخفيف المعاناة والألم عن هذه الفئة الغالية على قلوبنا. * أكاديمي سعودي. [email protected]