لم يجدا لشغفهما مكاناً، ولم يكن هنالك مكان يركنان إليه لتنمية موهبة نادرة، فقاتلا أشد ممّا يفعلانه في لعبتهما المفضلة"الفنون القتالية"، حتى حجزا مقعديهما في بطولة"ديزيرت فورس"التي تنظمها"مجموعة إم بي سي"ليلتقيا مع نظرائهم العرب للمرة الأولى وينازلوهم بحثاً عن لقب يتوج عشقهما الطفولي الذي نشأ معهما. عبد العزيز جليدان 24 سنة، وعبد الملك المرضي 21 سنة مقاتلان سعوديان لم يتوقف حلمهما عند تسجيل حضور في مسابقة رسمية إثر خلو بلدهما من اتحاد رسمي للعبة أو حتى لانعدام تنظيم بطولات مصغرة، فدخلا المنافسات بسيرة خالية من الإنجازات، مكتظة بالأمل والطموح لمنظمي"ديزرت فورس"، لتفتح أمامهما أبواب أمل جديد للمضي في طريق احتراف"الفنون القتالية". جليدان الذي اصطحب حلمه برفقته إلى سويسرا ليكمل دراسته قبل ثمانية أعوام، يقيم هناك حتى اللحظة، وخلال غربته في أوروبا سعى إلى تطوير قدراته في ال"جيوجيتسو"وهو أسلوب قتالي"ياباني برازيلي"تم تأسيسه في القرن ال16 في اليابان حينما استشعر اليابانيون عدم حاجتهم لحمل الأسلحة، قبل أن يقوم الياباني جيجور كانو بسن قوانينه في عام 1882م، وهو الأسلوب الذي تفرع من"الجودو"الشهير. وحاز جليدان على الحزام الأسود في ال"جيوجيتسو"، إضافة إلى تحقيقه بطولات عدة في المجال ذاته، كما أن جليدان يهوى رياضة"الملاكمة"ويحلم أن يمثل السعودية مرتدياً القفازات في حلبات ريو دي جانيرو وتحديداً أولمبياد2016. فيما كان المرضي محظوظاً عندما وجد من يصقل له موهبته في فن"مواي تاي"في أحد المراكز الخاصة الواقعة في"حي السويدي"في العاصمة الرياض، و"مواي تاي"هو فن تايلاندي قتالي يعود تأسيسه إلى عام 1411م حينما وجد التايلانديون ضرورة تطوير قدرات جندهم القتالية الفردية في أوانها، حتى تم سن قوانينه في القرن ال16. ويملك المرضي حزاماً أسود هو الآخر في"جيوجيتسو"، ويبدي أمانٍ جامحة في استحداث اتحاد يتبع للرئاسة العامة لرعاية الشباب يضم مثل هذه الفنون القتالية، أو ضمها على أقل تقدير إلى اتحاد الكاراتيه أو الجودو والتايكواندو. "الحياة"التقت المقاتلين الطامحين للتعرف أكثر على خبايا قصتهم مع"فنون القتال"، وجاءت كالتالي: حدثنا عن بداياتك مع اللعبة .. - محبتي الكبيرة منذ صغري لهذه اللعبة"مواي تاي"هي من قادني إلى اقتحام المجال كمقاتل، إذ بدأت ب"الجيوجيتسو"اليابانية وهي عبارة عن قتال أرضي واشتباك أثناء الوقوف، إضافة إلى"مواي تاي"وهي من أصول تايلاندية شبيهة بالملاكمة، وحينما تجمع هذه وتلك فبمقدورك أن تكون مقاتلاً محترفاً، ما دفعني إلى الالتحاق بأحد المراكز الرياضية المتخصصة في"حي السويدي"بعد رحلة بحث طويلة عن متخصصين أنهل منهم الدروس في ما أحببت، والحمد لله وجدت ذلك المركز المتخصص بعد عناء ولكن الأهم هو أنني وجدته، وذلك بالطبع بفضل من الله ثم بعد وقفة والديّ إلى جانبي وتفهمهما لموهبتي ومجالها. إذاً لا مرجع للعبتكم في السعودية؟ - لا يوجد إطلاقاً! ولم تكن لكم محاولات من أجل توافر مرجعية لذلك؟ - أنا وكل محب للفنون القتالية، نعلم وجود اتحادات للكاراتيه والتايكواندو والجودو، ونتمنى دائماً من الرئاسة العامة لرعاية الشباب أن تضم الفنون التي نهواها إلى تلك الاتحادات، أو استحداث اتحاد يختص بما ذكرت، خصوصاً أن مثل الأساليب القتالية ك"مواي تاي"و"جيوجيتسو"تعد في يومنا هذا قريبة من الشبان الذين تتراوح أعمارهم مابين 10 سنوات إلى 25 سنة حينما تجد أن متابعة برامج القتال التابعة لاتحاد"يو اف سي"العالمي، وهو الذي يقدم مقاتلين محترفين في هذه الفنون القتالية. وهل تتعرف على شبان محبين للفنون القتالية كالتي تمتهنها؟ - نعم، ونسبتهم عالية خصوصاً من أقراني، ونتمنى دائماً إيجاد الفرصة لتقديم أنفسنا، فنحن نمتلك مواهب من شأنها رفع العلم السعودي في محافل عالمية يوماً ما، كما يحدث مع كل رياضي سواء في كرة القدم أو ألعاب القوى أو الألعاب المختلفة كافة. ولم تجدوا أي دعم في ظل اتساع دائرة الرياضة اليوم؟ - بالتأكيد، وتحديداً الأمير محمد بن تركي بن سعود الكبير، وهو يتفهم ما نريده بحكم أنه كان لاعباً سابقاً في في"مواي تاي"، وهو يسعى الآن لإيجاد الحلول من أجل كل موهوب في مجالنا. ما هي الكيفية التي جعلت منك مشاركاً في مسابقة"ديزيرت فورس"؟ - بعد أن قمت بالتسجيل في المسابقة، حضر مندوبون تابعون للجنة المنظمة للبطولة، ووقفوا بأنفسهم على أدائي ووجدوا أنني مقاتل مناسب لخوض غمار المنافسة، فعرضوا علي تفاصيل البطولة ووجدتها منعطفاً مهماً في حياتي وفرصة قد لا تعوض وها أنا اليوم في الأردن من أجل المنافسة على لقب البطولة الأولى لي شخصياً، وأتمنى أن أثبت بأن السعودية ليست أقل من الدول الأخرى في هذا المجال، وأن أقدم أداءً مشرفاً يكون بمثابة الدعم لأقراني الشغوفين بالفنون القتالية. ال"جيوجيتسو"ليست بمألوفة في السعودية، فكيف تمكنت من الوصول إلى امتهانها؟ - أعشق هذه الفنون منذ سن مبكرة، وقبل ثمانية أعوام بعد أن سافرت إلى سويسرا كنت متابعاً جيداً ل"يو اف سي"وتعرفت على فنون قتالية عدة هناك، ومارست الجيوجيتسو، وتدربت لأكثر من سنتين، حتى حزت على الحزام الأسود. في"يو اف سي"تكون حاضرة على المقاتلين، ألم تجد رفضاً من أقاربك لدخولك هذا المجال؟ - وجدت معارضة بإلحاح من والدتي، وحاولت جاهدة ثنيي عن هذه الرياضة، وأيضاً كان يحذرني والدي باستمرار، ولكن دوماً كنت أشرح لهما مدى تعلقي بهذه اللعبة، وأطلب من الله أن يسامحني إن كنت قد أخفتهما على ابنهما. وهل هناك مستوى حماية معين للمقاتلين يضمن لكم السلامة؟ - ليست حماية بالمعنى ذاته، ولكن هناك تدريبات مطولة وهي من أساسيات اللعبة في كيفية الدفاع عن النفس، كما أن المواقع الحساسة في الجسد يمنع ضربها، إضافة إلى منع الضربات خلف الرقبة، وفي بعض الأحيان نتعرض لإصابات معينة مثل أن تتلقى ضربة قوية في اليد وتتعرض للكسر، ولكن هذه إصابات واردة لكل لاعب رياضي في أي لعبة أخرى يحصل بها أدنى احتكاك. طموحاتك تتوقف لدى نقطة المشاركة في بطولة عربية؟ - لا أفكر بهذه الطريقة، فأنا أسعى للوصول إلى تحديات تتركز عليها الأضواء، كأولمبياد 2016 في البرازيل، من أجل تمثيل السعودية في منافسات الملاكمة، وقمت على ضوء ذلك بمخاطبة عدد من الأشخاص في الرئاسة العامة لرعاية الشباب لا تحضرني أسماؤهم وطلبوا مني الانخراط في معسكر مدة أسبوعين في الرياض، ومثلها في أوكرانيا وبعدها يتم تحديد ما إذا كنت مؤهلاً للمشاركة في الأولمبياد صحبة المنتخب السعودي، ولم أدخل هذا المعسكر. وما هي الدوافع خلف عدم انخراطك في المعسكر؟ - أولاً أن ذلك المعسكر عبارة عن اختبارات في أساسيات اللعبة وهي مراحل سبق وأن اجتزتها في بداياتي، وأنا أطمح إلى المضي للأمام وليس العودة للخلف، وقمت بعرض شهادات وبطولات تثبت وصولي للمرحلة التي تؤهلني للمشاركة، ولكنهم أصروا على فكرة المعسكر.