مقتل 21 شخصًا على الأقل في انفجار مصنع للألعاب النارية بالهند    السفير الرقابي يقيم حفل استقبال ويشارك رئيس الجمهورية بصلاة عيد الفطر المبارك    الصحة العالمية: كل فرد مصاب بالتوحد هو حالة فريدة بذاته    المركزي الروسي يرفع سعر الروبل أمام العملات الرئيسة    أسعار النفط تستقر وسط ترقب لرسوم جمركية جديدة    إشادة إيطالية بجناح مكتبة الملك عبدالعزيز في بولونيا    أمطار رعدية وزخات من البرد ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    فاطمة الفهرية التي أسست أقدم جامعة في العالم؟    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    استمرار احتفالات العيد بالمدينة بحزمة من الفعاليات والأنشطة الثقافية    خالد عبدالرحمن يشعل أولى حفلات العيد بالقصيم    مجمع الملك سلمان للغة العربية يُطلق برنامج "شهر اللغة العربية" في إسبانيا    المملكة ترحب بتوقيع طاجيكستان وقرغيزستان وأوزباكستان معاهدة الحدود المشتركة    عقد قران المهندس أحمد حسن نجمي على ابنة محمد حمدي    الخواجية يحتفلون بزواج المهندس طه خواجي    الاتحاد «جحفل» الشباب بثلاثية    القادسية والرائد للبحث عن بطاقة التأهل الثانية    نواف بن فيصل يُعزّي أسرة الدهمش في وفاة الحكم الدولي إبراهيم الدهمش    محافظ البكيرية يرعى احتفالات الأهالي بعيد الفطر    المملكة: حماية الأطفال في الفضاء السيبراني استثمار استراتيجي    ساكا يهز الشباك فور عودته من إصابة طويلة ويقود أرسنال للفوز على فولهام    المملكة توزّع 1.500 سلة غذائية في محلية الدامر بولاية نهر النيل في السودان    رجال أعمال صبيا يسطرون قصص نجاح ملهمة في خدمة المجتمع وتنمية الاقتصاد المحلي    القيادة تعزي حاكم أم القيوين    مدرب الشباب ينتقد التحكيم عقب الخسارة أمام الاتحاد    العيد يعزز الصحة النفسية    الاتحاد يقلب الطاولة على الشباب ويتأهل لنهائي أغلى الكؤوس    الولايات المتحدة: من المبكر تخفيف العقوبات السورية    8 دول في أوبك+ تجتمع الخميس وتوقعات ببدء خطة رفع الإنتاج    أخضر الصالات يعسكر في فيتنام استعداداً لتصفيات كأس آسيا    تجربة سعودية لدراسة صحة العيون في الفضاء    49.8 مليار ريال فائض تاريخي لبند السفر في ميزان المدفوعات بالمملكة    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    الناصر يحضر احتفال القوارة بعيد الفطر    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جوارديولا يُعلن مدة غياب هالاند    وادي الدواسر تحتفي بالعيد السعيد وسط حضور جماهيري غفير    أمير منطقة تبوك يلتقي اهالي محافظه تيماء    إصابة الكتف تنهي موسم «إبراهيم سيهيتش»    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    التجارة: 5 شوال دخول نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية الجديدين حيز التنفيذ    أكسيوس: ترمب سيزور السعودية مايو المقبل    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    أقصى الضغوط... ما قبل «التطبيع الشامل»    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    إنجاز إيماني فريد    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    العيد انطلاقة لا ختام    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقف ... بين زمنين
نشر في الحياة يوم 06 - 10 - 2012

في حلقة الأسبوع الماضي من برنامج"اتجاهات"التي تحدثت عن موقع"تويتر"بين المطالب للحجب والتقنين، والرافض له من الآراء الشبابية، كانت الحلقة مثيرة، على رغم انعدام الهدوء بين المتحاورين، والمتأمل المحايد يستطيع تقريب وجهات النظر، غير أن هذا لم يحدث بينهم، فلم يكن الخلاف الفكري كبيراً، ولكن الخلاف النفسي أكبر، حين تباينت أمامي عقليتان، وكلاهما على مستوى رفيع من الوعي، ولكن تفاوت الزمن بينهما يلعب دوره في تقبل فكرة الآخر، خصوصاً إذا كانت الفكرة تتحدث عن الحرية، ويبدو أن الرأي الشبابي أيضاً، الذي لا يقبل التعتيم ولا العودة للوراء، فقد كان أكثر انفعالاً ورأيه أكثر وقعاً، وهو الذي يعبر عن"تحقيق احتياج"، بينما الآخر يتعامل بأسلوب"تلافي المشكلة"، فالقناعات مختلفة بين زمنين، والزمن يتغير ولا يملك أحد القدرة على إيقافه مع الاحترام لجميعهم.
ولا شك أن التنافر بين الآراء والصدام الذي أحدثته حرية المساحة التي يمنحها موقع"تويتر"- على عكس نمط الحياة غير التفاعلي في أرض الواقع - لم يجد قبوله التام، خصوصاً عند الكبار، ولو كانوا من المثقفين أو التنويريين الذين حملوا هم إيصال الكلمة، إنطلاقاً من المساحات التي يختارونها لأنفسهم، وبتناسق الأفكار التي يعيشها الكاتب منسجماً مع نفسه أثناء الكتابة، ومن خلال الأجواء التي اعتاد أن يشارك فيها أصحابه أو يحاورهم، والذين لا يكونون عادة من دون مستواه الفكري من دون الاصطدام بالعوام، أو من يحمل الفكرة المضادة، فلم يتقبل مواجهة الآخر حال كون التيار المخالف عاصفاً حد القسوة والبذاءة.
ليس من حق أي شخص يحمل رسالة توجه إلى المجتمع وشأن العامة وتُعنى بقضاياهم أن يقنن متابعيه أو يختار لردود أفعالهم أنماطاً تتناسب مع ذوقه، ولا أعني أن نرضى عما يحدث من انحطاطٍ أخلاقي، ولكن إذا كان المثقف يوجه رسائل إلى الناس وينشر أفكاراً بينهم، وهم يختلفون عن قوله - ربما إلى حد الاختلاف الجذري - سواء لفكرته أو لأسلوبه أو برفضهم لشخصه، فمن حقهم عليه أن يكفل لهم الحرية لقول ما يشاؤون مع مراعاة أنهم لم يعتادوا على حرية التعبير، أو أن تشكل آراؤهم أهمية حتى في تلك التي تأتي من استياء المتلقي لها، فالكثير من الأفراد بحاجة إلى تحقيق ذاته، وقد لا يأخذ هذا طريقاً سليماً، فهناك نسبة ليست قليلة تفتقد للوعي وأدب الحوار وتحتاج للتربية.
ونعلم أنه من المحبط أن توجه كلمة تحمل معاني جادة وتقابل بمن يستهزئ في رأي فارغ خالٍ من القيم، ولكن هذا موجود في كل مكان، فحين تكتب العبارات السيئةأ وتشوه المتنزهات الجميلة، أو على أسوار المنازل والمدارس، على رغم أنه اعتداء ومفسدة للذوق إلا أنه ليس من المنطق أن نطالب بمنع بيع الفحم مثلاً أو بخاخات الرسم على الجدران، فنحن بحاجة إلى العقلية المرنة التي تتماشى مع معطيات الواقع وحاجات الشباب، وليست التي تنقلب عليهم، يريد الشباب من يوجههم وبحاجه أيضاً إلى من يتفهم تطلعاتهم ويتعايش معها ليبقى بينهم وقريباً منهم.
هذه الحرية التي تربي على الرشد نحتاج إليها فمن خلالها يمكن حتى للبذيء أن يهذب نفسه ويفرغ الكبت والعقد النفسية، ودور الشخص الواعي في أن يتصرف جيداً ليترك انطباعاً حسناً سيشعر به الآخر، ويستعيده في داخله ويتعلم منه أفضل من الاصطدام معه.
كثيراً ما نلاحظ أن البعض يتصرف بتصرف البذيء، فبدلاً من الحوار معه أو التغاضي عن رسالته المسيئة، يقوم بإعادة إرسالها لمتابعيه، وقد يدفعه شعور عزته بنفسه إلى أن يجعل متابعيه ينالون ممن أساء إليه بدلاً منه، وينسى أن كل ما يتوجه إليه عبارة عن رد فعل تجاه أفكاره التي لم يتعود الناس إلا ممارسة الرفض ضدها، فكيف يقول للآخرين، شاهدوا ما يقال عني؟! فمن يواجه المجتمع بالإصلاح وينغمس وسط المعمعة فعليه أن يتحمل.
"تويتر"اليوم يشكل موقعاً افتراضياً وحرية رأي، ولكن التعامل من خلاله يعني أن تنزل إلى الشارع وتتعامل مع العامة وتكون بينهم، وهذا من شأنه التحرر من الانغلاق والتفاعل الفكري للمجتمع، ولو ظهر هناك سلبيات فهي تبعة صحية، وهي مساحة أوصلت أصوات العامة، على رغم الطبقية إلى أشخاص لا يسمح الواقع بالتخاطب معهم.
لو أن خطاب المثقف في الثمانينات يحمل الجرأة والوعي اللذين يحملهما اليوم لتلافينا الكثير من الأضرار، وبذلك فإن الحجب والقمع وإقفال أبو جهل لا تعطي نتيجة إيجابية إنما تزيد الوضع سوءاً، وحينما نداوي الجرح فهو يأخذ وقته للإلتئام ولن يشفى إلا بالرعاية، وإن عاملناه بقسوة وخدشناه سنستنطق نزفه، ولو فكرنا قليلاً - بعيداً من الشعور بالتأذي من المسيء - في البنى النفسية والعقلية التي بنيت عليها نفوس الناس عامة في مجتمعنا لوجدنا لمرضى الفكر منهم من المعذرة ما يستحق لأجلها أن نشفق عليه، فنحن نسعى في علاج هذه الحالات وتناولها على أنها حالات مرضية، ولا مبالغة فهم في الحقيقة ضحايا ثقافة اجتماعية وبيئة مؤدلجة لا تتعلم أي شيء إلا مما تسوقه عليهم العادة والأعراف، وهم أدوات بيد الفكر الذي وجه عواطفهم من دون أن يغذي عقولهم، فإذا تجرأوا على استخدامها سهل استصلاحهم، والمثقف المفكر الواعي وحده القادر على ذلك.
* كاتبة سعودية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.