سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محام ومستشار قانوني يؤكد أن فرص خريجي أقسام الشريعة بدأت تتناقص في ظل الانفتاح الاقتصادي الدولي . خالد بن سعيد : نظامنا القضائي يفتقر إلى هيئة المحامين ... وقضاتنا كانوا جفاةً معنا
ميادين القضاء هي التي تحفظ للمجتمعات أمنها وآمالها، المحامي خالد بن سعيد الشهراني من القانونيين الشباب الذين يختصرون الكثير ليصلوا بالمنظومة العدلية لبر الأمان. هو مستشار قانوني وكاتب في الشؤون القانونية يحاول من خلال قلمه توعية المجتمع وأفراده بحقوقهم ومكتسباتهم تعلم المحاماة منذ صغره بدفاعه عن أصدقائه وأخوته في البيت، ويشير في حوارنا معه إلى أن مجتمعنا تنقصه الثقافة القانونية وتهضم حقوق أفراده بسبب ذلك، ويعتب أن الناس لا يعرفون مكاتب المحاماة إلا بعد حدوث المشكلة وليس قبلها... وفي السياق نفسه يرى ضيفنا أن مخرجات كلية الشريعة لا تتناسب مع الأنظمة الدولية الجديدة ولا تواكبها ويتمنى لو يتم دمجها وأقسام القانون في نظام دراسي واحد، ويعرج المستشار ابن سعيد على عجز المرأة على نيل حقوقها ودفاعها عن نفسها ويبشر بصدور أنظمة جديدة تساعد على منح المرأة الفرصة لإثبات حقها... حوارنا اليوم مرافعة في ميادين الإعلام العدلي... فإلى تفاصيل الحوار. ما أجمل قانون تعلمته في طفولتك؟ - في تصوري أن أجمل قانون تعلمته هو قانون الحماية والدفاع عن نفسي وعن إخوتي وأبناء الحي أو الحارة ضد الأشخاص الغرباء عن الحي ففي الوقت نفسه كنا نتعارك في ما بيننا إلا أننا ضد الأشخاص الغرباء عن الحي كنا نقف صفاً واحداً لكي لا يتعرض أي واحد منا للإيذاء. في مرحلة المراهقة.... ما القانون الذي خرجت عن بنوده؟ - قانون الاجتماع على وجبة الغداء مع الأسرة وكنت أعتبر أن وضع والدي- حفظه الله- لهذا القانون لي أنا وإخوتي هو تعدٍ على حقوقنا، فنحن يحق لنا ما لا يحق لغيرنا في المنزل في مسألة الاجتماع والغياب في ما يتعلق بوجبة الغداء تحديداً. المتغيرات التي أسهمت في اتجاهك نحو فلك القانون؟ - هو الفضول بداخلي لمعرفة تفاصيل هذا العلم والتعمق فيه حيث كنت من أوائل الملتحقين بهذا القسم من أفراد الأسرة والمحيطين بي، كما أن دور الدفاع يستهويني، إذ كنت أدافع عن إخوتي أمام والدي ولذا أحببت أن أحقق ما أشعر به في نفسي من رغبة وطموح في للدفاع عن المظلومين والعاجزين وغيرهم من أفراد المجتمع. فأنا من هواة الدفاع عن حقوق الإنسان، كما أن من الأسباب التي دفعني إلى الالتحاق بقسم القانون هو كون هذا التخصص حينها كان نوعاً ما، من التخصصات النادرة والتي توفر فرصاً أكبر لخريجي هذا التخصص فيما بعد التخرج في العمل القانوني حيث تتيح للخريج العمل في أي قطاع من القطاعات الحكومية والخاصة. القانون والثقافة المحلية يرى البعض أن القانون كمفرده وقيمه هو أمر طارئ وجديد على ثقافتنا المحلية، فالثقافة القانونية غائبة تماماً عن نسيجنا الثقافي المحلي.... ما رأيك؟ - أتفق معك، فكلمة قانون تعتبر من الكلمات المستحدثة في ثقافة المجتمع السعودي إذا ارتبطت هذه الكلمة في أذهان البعض بمفردة القانون الوضعي في دول الجوار والذي لا يلاقي قبولاً حينها لدينا كأفراد مجتمع محافظ. وأتذكر أن جميع أقاربي وأصدقائي كانوا يسْخرون من دراستي للقانون وكانوا يلُّحون على تغيير التخصص، والسبب في ذلك يرجع إلى ما لثقافة المجتمع من سطوة وتأثير وتحسس من أن دراسة القانون تخالف المعتقد الشرعي للإنسان على رغم كوننا ندرس في جامعة سعودية حكومية. هل تشعر أنه لا بد لكل عائلة من محامٍ لأجل معرفة الحقوق والواجبات؟ - نعم في ظل عدم الوعي القانوني لجميع الأطراف فإن الأمر يستلزم وجود محامٍ لكل عائلة، ففي الغرب مثلاً تجد أن لكل عائلة محامياً خاصاً ينهي جميع الإجراءات القانونية التي تحتاج إليها العائلة. كما أن ارتفاع عدد الشركات العائلية في المملكة يؤيد مثل هذا التوجه، ولا سيما إذا علمنا أن حجم استثمار الشركات العائلية في المملكة تزيد على 250 بليون ريال، وفقاً لدراسة مجلس الغرف السعودية. مآسي الناس مع القروض والبنوك... هل يستقبل المحامون آهاتهم؟ - أود أن أوضح هنا أن دور المحامي يبدأ قبل القيام بأي عمل تجاري، سواء بين أفراد أو شركات أو جهات حكومية ولكن لقلة الوعي القانوني - كما أسلفت - نجد أن دور المحامي يأتي بعد فوات الأوان، فالشخص لا يتجه إلى مكاتب المحاماة إلا بعد أن يقع في مشكلة قانونية يصعب علية حلها، وقد يرجئ دور المحامي إلى ما بعد صدور الحكم الابتدائي إذ يكتفي بالاستماع إلى غير المتخصصين في بداية النزاع ويتبع تعليماتهم. وهذا يؤدي إلى نتائج عكسية كان بالإمكان تلافيها لو تم توكيل محامٍ متخصص في مثل هذا النزاع. ألا ترى في محامي التعويضات استغلالاً للظرف والحاجة؟ - لا أتفق معك في سؤالك، فمهنة المحاماة مهنة شاقة كما أن قضايا التعويضات في بلدنا قليلة، وهي محكومة بقاعدة قانونية وشرعية فمتى ثبت وجود الخطأ والضرر والرابطة السببية بينهما حكم بالتعويض، وهنا يحكم بالتعويض عن الضرر الفعلي وليس الضرر الاحتمالي والضرر الاحتمالي هو ما يحكم به بأرقام فلكية في الغرب تحديداً ولا يطبق ذلك لدينا عملاً بالقاعدة السابقة. عضويتك في بعض المنظمات الدولية.... ماذا تضيف لك؟ - تضيف لي مسؤوليات إضافية، فالانضمام إلى عضويات دولية تتطلب منك أن تتابع الشأن القانوني والسياسي على مستوى العالم، كي تكون على دراية تامة بالأحداث والمستجدات العالمية، ومن ثم محاولة الاستفادة من التجارب والخبرات المتوافرة لدى هذه المنظمات الدولية. نحن ومنظمة العفو منظمة العفو الدولية... لماذا لا يحفل بها البعض عندنا ويراها تتدخل في شؤون داخلية لنا؟ - منظمة العفو الدولية - كما تعلم - تركز في نشاطها على السجناء خاصةً فهي تسعى لتحرير سجناء الرأي عن طريق تحقيق معايير عادلة للمحاكمة لجميع السجناء وبوجه الخصوص لمن تم سجنهم من دون محاكمة أو اتهام في الأصل، وتبقى مسألة تقبلها من عدمها مسألة نسبية تتفاوت من دولة لأخرى بحسب ما تتناوله من أمور تكون من اختصاص الدول في تشريعاتها وأنظمتها القانونية. وسأضرب لك مثلاً بحرية الرأي فما يعد من قبيل حرية التعبير في الرأي في دولة قد لا يعتبر كذلك في أخرى، بسبب اختلاف الثقافات بين العالم وقد يكون هذا سبباً في عدم تقبلنا لعملها في البلدان العربية. تحالفاتك مع مكاتب دولية.... هل تمنحك الصبغة العالمية؟ - التحالف مع مكاتب محاماة دولية مرموقة لها فوائد عدة، منها تنمية القدرات الذاتية لنا كمحامين سعوديين. كما أن هذه المكاتب تسهم في نقل الخبرات العالمية إلى بلدنا في شتى مجالات القانون والتدريب والتعليم والاطلاع على القوانين الدولية المختلفة وتقديم الجوانب الاستشارية لكل القطاعات الحكومية والخاصة، كما أن المشاريع التنموية القائمة والتي ستقوم إن شاء الله في المملكة تتطلب توفير الشركات والمكاتب القانونية ذات الصبغة الدولية للمحافظة على مكتسبات الوطن والمواطن والمساهمة في تأسيس بيئة قانونية وقضائية مواكبة لما هو موجود في العالم. خريجو الشريعة أقل فهماً لماذا خريجو كليات الشريعة لهم الصفوف الأولى في المؤسسات القانونية؟ - لا أتفق معك فيما ذكرتِ، فأنا أرى أن فرص خريجي أقسام الشريعة بدأت تتناقص في ظل الانفتاح الاقتصادي الدولي ودخول المملكة منظمة التجارة العالمية وما تلا ذلك من دخول المستثمرين الأجانب ورؤوس الأموال الأجنبي، وهو ما يعني زيادة الطلب على الخدمات القانونية الاستشارية، ولذلك تجد أن القانونيين المؤهلين لهم الصفوف الأولى في المؤسسات القانونية من وجة نظري. خريجو أقسام الشريعة.... هل سيكون لهم إلمام صحيح بالقانون وتنوعاته؟ - أعتقد بأن خريجي أقسام الشريعة ليس لهم إلمام بالقانون وتنوعاته، فتركيزهم الدراسي منصب على العلم الشرعي وتأصيله بعيداً عن القانون وتنوعاته، فهم لا يدرسون نشأة القانون ومدارسه المختلفة، كالقانون الروماني الجرماني والقانون الإنجلوسكسوني والقانون اللاتيني وغيرها من مدارس القانون العالمية، كما أن القانون يتفرع إلى أقسام أخرى بين القانون الدولي والقانون الخاص والقانون المدني والقانون الجنائي وغيرها. وهي تخصصات قانونية متنوعة مستقلة كل قانون فيها مستقل عن الآخر لا يكون لخريجي الشريعة إلمام تام بها ولذا تجد أن خريجي القانون هم الأقدر على العمل مع المنظمات والهيئات، فالقانوني ممكن أن تنطبق عليه مقولة أن القانوني يمكنه أن يكون إدارياً أو اقتصادياً أو سياسياً أو مفكراً اجتماعياً عكس خريجي أقسام الشريعة وأنا أتكلم هنا عن المحتوى الدراسي الجامعي وما يليه من برامج تأهيلية. كليات الشريعة والقانون لدينا.... هل هي مؤهلة لتخريج مخرجات قادرة على تنمية البيئة القانونية والعدلية عندنا؟ - لا تعد مؤهلة من وجهة نظري فلا بد من أن تربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل، فعلى الجامعات ووزارة التعليم العالي أن تعيد النظر في استراتيجيات التعليم، وفي مخرجات النظام التعليمي، فالحصول على شهادة علمية في علم من العلوم، لم تعد كافية للحصول على عمل ما لم يتمتع حاملها بقدرات ومهارات إضافية تعزز من فرص حصوله على وظيفة مناسبة له. كما أنه بالإمكان دمج كليات الشرعية وكليات القانون بعضها ببعض بمسمى"كلية الشريعة والقانون"والاستفادة من تجارب دول عربية وإسلامية سبقتنا إلى ذلك. لماذا تخريج القضاة حكر على الكليات الشرعية فقط؟ - ارتبط تعيين القضاة بتخرجهم من أقسام الشريعة ومن ثم يلتحقوا بالمعهد العالي للقضاء، وهو المعهد الوحيد في المملكة لتخريج القضاة ولا يقبل نظام المعهد - بحسب علمي - خريجي القانون، ولكن أتمنى أن تتاح فرصة التحاق خريجي القانون بهذا المعهد. كما هو متاح لخريجي أقسام الشريعة في دراسة دبلوم الأنظمة في معهد الإدارة، وبذلك نحقق التكامل المنشود في الدوائر القضائية، بل إننا نحتاج إلى إنشاء أقسام جديدة أو مراكز أبحاث قانونية لمعرفة طبيعة ما يستجد من علوم، وأضرب لك مثالاً عقود نقل التقنية والتكنولوجيا وغيرها من الأمور التي تعد جديدة علينا في عالمينا العربي والإسلامي التي تحتاج إلى دراسة وبحث قانوني وشرعي لها. لماذا الإرهاب والاختلاف مع"الآخر"يعطلان كل قانون؟ - الإرهاب لا قانون له ولا دولة، بل إن الإرهاب يتعدى حدود الدول، فهو يضرب في العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، والإرهاب الفكري هو أخطر أنواع الإرهاب، إذ يصنف في المرتبة الأولى من حيث الخطورة، لأنه يلوث الفكر، وقد يكون الإرهاب الفكري باستخدام نفوذ أو سلطة لتحقيق أهداف ومكاسب معينة على حساب أطراف بريئة وضعيفة عملاً بقاعدة"الغاية تبرر الوسيلة"، من دون رادع ديني أو إنساني، وما نشاهده من أزمات مالية وصحية وبيئية قد يكون المحرك لها إرهاب في أحد صوره، وهو إرهاب حقيقي أياً كانت المسميات لتلك الحوادث والأزمات. كيف هي مكانة القانوني في المجتمع؟ - في الدول الأخرى، رجل القانون ذو مكانة مرموقة جداً، فمنهم رؤساء الدول والزعماء والوزراء وأعضاء البرلمان، فالمحامي والقاضي ورجال السياسة والبرلمان والمستشار هم من رجال القانون في تلك المجتمعات. لكن في المملكة أعتقد بأنه في مكانة جيدة، وسوف تزداد قيمته ومكانته في المجتمع في ظل التوعية القانونية المستمرة للمجتمع وما يتم افتتاحه من أقسام للقانون في الجامعات السعودية وما نسمع من إقبال كبير على تخصص القانون، إذ سيكون دور القانونيين بارزاً في ظل انضمام المملكة إلى اتفاقات التجارة العالمية وما تلا ذلك من تحولات اقتصادية وقانونية في ظل قيادة والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- ومتعه بالصحة والعافية. ألا تشعر بأن البيئة القانونية عندنا تعاني من إعاقات كثيرة؟ - لا أخفيك سراً فأنا كنت ممن عاصر ولادة نظام المحاماة في عام 1423ه فكنا في السابق. نجد جفاءً من بعض القضاة في ظل عدم وجود نظام للمحاماة في المملكة، كما أنهم معذورون، إذ هم من نسيج هذا المجتمع وما ترسب في أذهاننا منذ الصغر من أدوار للمحامين. لكن الآن أعتقد بأن دور المحامين الآن دور مهم فهم يمثلون القضاء الواقف، وهم من يسهل على القاضي البحث والتحليل القانوني للقضايا وما يدعم الأطراف من أدلة مستنبطة من ديننا الإسلامي الحنيف، كما أن على المحامين مسؤوليات اجتماعية نحو نشر الثقافة القانونية والحقوقية بين أفراد المجتمع.