تتبع المنطقة الجنوبية 23 نادياً رياضياً في مناطق عسير والباحة ونجرانوجازان، أنشئت منذ عشرات السنين لخدمة شبان ورياضي مناطق ومحافظات جنوب السعودية، وعلى رغم تواضع إمكانات الاندية ال 23 في جانب المنشآت والمقرات لغالبيتها، إذ إنها تقبع منذ نشأتها في مبان مستأجرة تفتقر للمرافق الرياضية كافة، إضافة إلى أن ملاعب كرة القدم لغالبية تلك الأندية ما زالت"ترابية"، وعلى رغم ذلك تزخر مناطق الجنوب كافة بوفرة في مواهب رياضات عدة، وخصوصاً في كرة القدم، وفي مقدمها منطقتا عسيروجازان اللتان تنتجان بشكل مستمر مواهب كروية عدة، أصبحت حالياً أسماء لامعة في أندية رياضية كبيرة كالرياض وجدة والدمام ومكة المكرمة والقصيم في فترات سابقة وفي الوقت الحالي، أمثال فهد الهريفي و"أبناء سويد"محمد وسالم وابراهيم وجبرتي الشمراني وحسين البيشي ومحمد القرني وغازي عسيري وجابر القرني وخميس الزهراني، وحالياً أمثال جفين البيشي ومحمد عيد ومهند عسيري وعبدالله القرني وخالد الزيلعي ويحيى دغريري. ويقول مهاجم نادي التهامي في جازان المنتقل إلى نادي الاتحاد منتصف التسعينات، اللاعب السابق علي هادي:"انتقلت من التهامي إلى الاتحاد بسبب حبي للاتحاد وحرصي على اللعب في نادٍ كبير له اسمه وجماهيره، وحينها كنت أبحث عن ثلاثة أمور، المال والشهرة والارتقاء بمستواي الفني، وهذه هي الأسباب الرئيسية في هجرة المواهب من أندية منطقة الجنوب، ونادي التهامي كان له دور كبير في حياتي وكنت هداف الفريق في دوري الدرجة الأولى، لكن يضل نادياً صغيراً في إمكاناته ولا يوجد لديه إدارات كبيرة مالياً ويفتقد لإمكانات عدة كالمنشآت والدعم والاهتمام من رجال الأعمال". بينما قال قائد فريق نجران، الحسن اليامي الذي سبق وخاض تجربة احترافية في نادي الاتحاد:"لعبت للاتحاد ثم عدت لنجران وهي رحلة ما بين ناديين، الأول يمتلك معنويات كبيرة وجمهوراً مخلصاً للعب بين الكبار، لكنه يفتقد للمنشآت والمال والإعلام، والثاني أكبر حراك وقاعدة جماهيرية وإعلامية كبيرة ومال وافر وتسابق نحو البطولات والأمجاد ومقر نموذجي، إضافة إلى وجود داعمين". وأضاف:"وبالنسبة لسبب الهجرة فذلك يعود إلى أن اللاعب يهمه كثيراً تأمين مستقبله وتطوير أدائه من خلال التدرب على يد مدربين بارزين والاحتراف، وهذا الأمر غير موجود في غالبية أندية الجنوب". فيما قال رئيس أبها السابق وعضو مجلس الشورى الحالي، عبدالوهاب آل مجثل:"هناك نوعان من الإدارات في أندية الجنوب، فإما إدارة تبني وتعمل لمصلحة تطوير النادي وإكمال مسيرة من قبلها وهي إدارات واعية ومؤهلة إلى حد ما، وهي تعد على الأصابع، أما أكثر الإدارات فهي تهدم ما قبلها وتتعامل مع الأندية وكأنها ليست مؤسسة رياضية، وتعمد على تفريغ النادي من مكتسباته، وهي الإدارات الأكثر من ناحية العدد في تداول رئاسة أندية الجنوب، ولذلك يتم التفريط في نجوم بارزين ولامعين بأبخس الأثمان، إذ يقدمون كهدايا علاقات عامة ربما يكون رئيس النادي نفسه أحد السماسرة، وبهذه الطريقة لن تتطور أندية الجنوب، لأن رئيس النادي ومن معه ينتهجون طريقة البيع بأسرع وقت والاستلام والصرف في أسرع وقت ايضاً". وأضاف آل مجثل فيما يخص الأسباب أيضاً:"الأندية الجنوبية لا تمتلك منشآت رياضية نموذجية، وغالبيتها تفتقر لمقومات الأندية الرياضية من ملاعب حديثة وغيرها". واعتبر البروفيسور والخبير الرياضي في منطقة عسير، حمد الدوسري أن السبب الرئيسي يعود إلى عقليات وفكر وخبرة قبل كل شيء، وقال:"الرياضة لا تتطور إلا بتخطيط متقن واستراتيجيات عمل وبرامج موضوعة بشكل علمي، وكرة القدم والرياضة إذا دخلت إليها المجاملات في العمل أفسدتها، والتفريط في مئات النجوم هو نوع من المجاملات العامة بين رئيس النادي وجهات أخرى ترغب في بناء علاقة معها، كما أن التفريط في النجم والموهبة لسبب آخر قد يكون جهلاً في الرياضة وما يدور فيها أو ضعف فكر تلك الإدارة". وزاد الدوسري:"إدارات الأندية الصغيرة ليس من العيب تنسيق لاعبها البارز، ولكن بشروط مهمة أبرزها أن يتم مراعاة مستقبل الفريق الفني وأخذ رأي الجهازين الفني والإداري في ذلك، إلى جانب التنسيق بشكل مشرف يحفظ حقوق اللاعب والنادي الكاملة، لأن النادي الآخر لن يهتم بلاعبه الجديد، فمن يتم تنسيقه بسهولة لن يتم الاعتناء به ويتمثل ذلك في مدى موهبة اللاعب وإصرار النادي الآخر على نيل خدماته". وعن الحلول قال:"الحلول هي تشييد منشآت رياضية نموذجية واختيار إدارات مثالية ومثقفة وواعية بشكل دقيق، لكي يتم التخطيط بشكل مدروس وخارج إطار المجاملات والمحسوبيات، والتي للأسف تعاني منها غالبية أندية الظل في الجنوب". أما المستشار القانوني في منطقة عسير، يحيى الشهراني أكد أنه درس أنظمة اللائحة الموحدة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب فخلص لنقاط مهمة لوقف هجرة اللاعبين من المنطقة الجنوبية، قائلاً:"أنظمة الجمعية العمومية للأندية تتيح الفرصة بل وتسهل مرور الأسوأ لرئاسة وعضوية مجالس إدارات الأندية، فغالبية رؤساء أندية الظل ليس لهم علاقة بالرياضة ويعملون في الأندية كديوانية واستراحة فقط وليس لتطوير الرياضة بشكل عام، ومن ثم التفريط في النجوم والمواهب وعدم السعي للتوهج والتألق وتحقيق النتائج المثالية، وكل ذلك بسبب أنظمة الجمعية العمومية السيئة والقديمة والبالية التي تدفع بالأسوأ إلى الأمام بل ان مكاتب رعاية الشباب في المناطق تحتاج إلى تقوية خصوصاً وأنها أصبحت تسير من الأندية". وطالب الشهراني"رعاية الشباب"بتقديم لائحة خاصة بالجمعيات العمومية لكون تلك اللائحة ستفرز إدارات قوية لن تفرط في النجوم والمواهب الكروية، بل ستعمل لخروج أندية جديدة منافسة ومواهب يخدمون الرياضة السعودية بشكل أفضل، وتراعى في تلك اللائحة الحالة العلمية والمالية بالذات للرئيس وأعضاء الإدارات وتدقيق شديد للغاية وبشكل شهري على الموارد المالية.