تقوم رفعة الأمم وعلوها على سواعد أبنائها الذين نهلوا من العلم أكمله، في ظل عصر تختلف فيه مناهج القياس. ويقوم مكتب التربية العربي لدول الخليج بهذا الدور في هذه المنطقة الحساسة في العالم، فيتكون مؤتمرها العام من وزراء التربية والتعليم في الدول الأعضاء بدول مجلس التعاون الخليجي، وتكون رئاسة دورات المؤتمر العام ومكان عقده وفق الترتيب الأبجدي لأسماء الدول. وتعقد الدورة العادية مرة كل سنتين، ليقوم بوضع السياسات العامة لعمل المكتب، واتخاذ القرارات المناسبة لتمكينه من أداء مهماته، ويصدر التوجيهات والقرارات، التي يراها مناسبة في كل ما يعرض عليه من شؤون العمل الخليجي التربوي المشترك. ويتولى المؤتمر مسؤولية تعيين المدير العام للمكتب، بناء على ترشيح من المجلس التنفيذي، ويعقد المؤتمر العام اجتماعاً تشاورياً في السنة التي لا يعقد فيها المؤتمر العام، ويعتمد مشروع موازنة المكتب، وخطة عمله، بعد إعدادهما من الإدارة العامة، وإقرارهما من المجلس التنفيذي. ويتكون المجلس التنفيذي للمكتب من عضو من كل دولة من الدول الأعضاء بدرجة وكيل وزارة، أو من في مستواه، كوكيل مساعد تسميه الدولة. ويمارس المجلس التنفيذي السلطة الممنوحة له من المؤتمر العام، ويعقد دورة اجتماعات عادية مرتين في كل سنة، على أن تسبق إحدى دورات الانعقاد دورة انعقاد المؤتمر العام، لإقرار مشروع جدول أعماله، والوثائق المعروضة عليه، ومتابعة تنفيذ البرامج والمشاريع المقرة، ومراقبة أوجه الصرف في الموازنة. كما يتولى المجلس التنفيذي مهمة ترشيح المدير العام المنتخب. والمدير العام هو المسؤول الرئيسي للمكتب، وهو وحده المسؤول أمام المؤتمر العام والمجلس التنفيذي، عن جميع أعمال المكتب ونشاطاته وبرامجه، والأجهزة التابعة له. وأضاف المكتب المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج، وهو جهاز متخصص في البحث التربوي، وتوحيد وتطوير المناهج، والكتب الدراسية، ومقره دولة الكويت، ويعقد مجلس أمناء المركز اجتماعاً عادياً واحداً كل ستة أشهر. أما المركز العربي للتدريب التربوي لدول الخليج فأنشئ بناء على قرار المؤتمر العام الخامس عشر للمكتب في 1999، ومقره مدينة الدوحة في دولة قطر. ويهدف هذا المركز إلى الإسهام في تطوير أداء القادة التربويين على أسس تربوية وعلمية حديثة، وإطلاعهم على المستجدات التربوية، والتجارب والتقنيات الحديثة في مجال عملهم، لتحقيق التطوير المهني. ويعقد مجلس أمناء المركز اجتماعاً عادياً واحداً كل ستة أشهر. ومن أبرز المشاريع النوعية جامعة الخليج العربي، التي أقر المؤتمر العام الرابع إنشاءها في العام 1979، وتمثل جهداً مشتركاً بين الدول الأعضاء في مجال تحديث التعليم العالي، وتوجيهه لخدمة خطط التنمية، من دون أن يكون فيها تكرار، أو منافسة للجامعات القائمة، ودعم مناهجها وتطويرها، بما يتفق مع التطورات العالمية الحديثة، وحاجات المنطقة ودولها. ويعقد مجلس أمناء الجامعة اجتماعين على الأقل في كل سنة جامعية، وبموجب القرار الذي أصدره المؤتمر العام ال16 لوزراء التربية والتعليم والمعارف، فقد نقلت صلاحيات الإشراف على الجامعة إلى المؤتمر العام للجامعة، المكوّن من وزراء التعليم العالي والبحث العلمي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع استمرارها تحت مظلة مكتب التربية العربي لدول الخليج. وأقيم مشروع لإنشاء مركز تربوي للغة العربية يهدف إلى تطوير مناهج اللغة العربية، عن طريق القيام بالدراسات والبحوث المختلفة في مناهج اللغة العربية، وأفضل الأساليب والوسائل، لتدريسها، وتوطين مناهج وطرق تدريس اللغات الأخرى، وتعديلها بما يتناسب مع اللغة العربية، وواقع دول المجلس، ووافق عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على إقامة هذا المركز بصفة موقتة في جامعة الشارقة، حتى يتم بناء مقر خاص في المدينة الجامعية. ومثلت الخطة الخمسية الأولى باكورة عمل المكتب، في تبني أسلوب التخطيط، لصياغة خططه وبرامجه المستقبلية، ولجأ المكتب في إعداده لهذه الخطة إلى إجراء دراسة، للتعرف على مشكلات التعليم في الدول الأعضاء، وتشخيص واقعه، بهدف التوصل إلى حلول عملية لمواجهة مشكلاته. وساعد في ذلك وجود مركز متخصص في مجال البحوث، وهو"المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج"، الذي تزامن إنشاؤه مع تأسيس المكتب، وأخذ يتولى مسؤوليات البحث التربوي وتطوير المناهج. أما الخطة متوسطة المدى الثانية، فجاءت امتداداً لمسيرة برامج المكتب ومشاريعه، واستندت على نتائج تقويم الخطة الأولى، وما أوصت به الدراسات واللقاءات والندوات والبحوث، التي أنجزها المكتب خلال تلك الخطة. ووسع المكتب من نطاق المشاركين في إعداد الخطة الثانية، حيث أشرك في بعض مراحل إعدادها مختصين وخبراء من الدول الأعضاء، ومن الجامعات، كما نسق بشأنها مع المؤسسات والمنظمات الخليجية والعربية والدولية، المعنية بمجالات عمل المكتب، وسجلت برامج المكتب هذه الخطة ميادين العمل التربوي المختلفة. وأعد المكتب خطته الثالثة متوسطة المدى مراعياً المنطلقات المهمة كالبعد العربي الإسلامي، الذي يشكل قيم المجتمع العربي الخليجي وثقافته، والأفق العالمي المتقدم، الذي يتطلع إليه أبناء المنطقة، ويحاولون أخذ أفضل ما يناسبهم منه، مع عدم إغفال تحديات العصر الذي تعيشه المنطقة، ومواكبة التغيرات التي تجري في المنطقة وخارجها ومقدار التأثير والتأثر بها، ومواجهة آثارها المادية والمعنوية.