مع الأسف، يحرم معظم الأهالي أطفالهم من الحنان والطفولة، خصوصاً الذكور، بحجة أنهم رجال، وفي اعتقاد مجتمعنا أن الحنان والرجولة أعداء لبعضهما البعض، يجب عدم توفرهما في شخص واحد، فحتى غازي القصيبي، رحمه الله، كتب خاطرة يذكر فيها موقفه مع أبيه وهو صغير، إذ كان يعتقد أن أباه لا يحبه، ولكنه تفاجأ بوجود صورة له في محفظة أبيه جعلته يصدق بأن أباه يحبه. الحرمان من الحنان يؤثر سلبياً على الطفل، فقد أثبتت الأبحاث أن الحرمان العاطفي للذكور عند الصغر يساعدهم في الانحراف ومصادقة أصحاب السوء بنسبة تصل إلى 80 في المئة، وأيضاً قد يصل في بعض الأحيان إلى الشذوذ الجنسي، إضافة إلى الكثير من المشكلات النفسية، وبالنسبة للفتاة، فالحرمان العاطفي يؤدي بها إلى أن تأخذ العاطفة من خارج المنزل، ويحصل أحياناً ما لا يُحمد عقباه. أمهاتي وآبائي... متى آخر مرة قَبّلت فيها ابنك/ ابنتك؟ متى آخر مرة أبديت مشاعرك تجاه أي منهما؟ متى آخر مرة عانقت فيها ابنك/ ابنتك؟ متى آخر مرة شجعته على عمل قام به؟ متى... ومتى... ومتى... و... رسولنا الكريم محمد"صلى الله عليه وسلم"كان لا يخجل من التعبير عن حبه لابنته فاطمة الزهراء، فعندما كان بالمسجد وأتاه العباس وعلي"رضي الله عنهما"فقالا: يا رسول الله، جئناك نسألك: أي أهلك أحب إليك؟ قال: أحب أهلي إليّ فاطمة بنت محمد. لا تتحججوا لي بأنكم تربيتم هكذا، فزمان اليوم غير زمان الأمس، يقول علي بن أبي طالب"رضي الله عنه":"ربوا أولادكم لزمان غير زمانكم"وقال:"لا تأدبوا أولادكم بأخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، فأنتم تريدونهم الأفضل ولا تهيؤهم بأن يكونوا كذلك، فهم يحتاجون إلى مصدر للطاقة النفسية والعاطفية التي لا يستطيع إشباعها إشباعاً تاماً غيركم، أشبعوا أطفالكم عاطفة وسيحققون آمالكم فيهم، فأنتم من أُوكلت لهم تربيتهم، فربوهم بكل ما استطعتم، وسيبرونكم بكل ما استطاعوا من قوة. أحمد عبدالله الرزيق - الرياض [email protected]