أجمل ما يمكن أن يصادف الإنسان، هو أن يجد ما يشغله في وقت فراغه، وعلى رغم أن هذا الجمال قد يعتبر آفة لدى البعض، إلا أنه في المحصلة النهائية يزيد في محصلة الفرد، فكأس العالم على سبيل المثال، هي الشغل الشاغل في وقتنا الحاضر، وحتى يوم غدٍ، وما تخللها أشغل الكثيرين، سواء في وقت فراغهم، أو وهم على رأس العمل، فخروج البرازيل كان محزناً للبعض، وأيضاً انكلترا وايطاليا والأرجنتين، وأخيراً أميركا، عذراً هل قلت"أميركا"، ومن هي لتوضع في ميزان تلك الدول ذات التاريخ الطويل في كأس العالم؟ مُخطئ من يعتبر خروج أميركا خالية الوفاض من كأس العالم ظرفاً عادياً، لا يستحق التوقف عنده، والتمعن فيه، فأنا أخشى أن يعمد الرئيس أوباما إلى تكليف ديفيد بترايوس أيضاً لقيادة المنتخب مستقبلاً، على غرار ما فعل في أفغانستان، لتحسين نتائجه، لكنني أؤكد لكم انه لن يجدي نفعاً لا بترايوس ولا غيره، لأن إخفاق المنتخب، وخروجه خالي الوفاض، هو نسخة أخرى لما يحدث في مؤسسات أميركا كافة، منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر، وحتى الآن. والعقم الهجومي الذي أخرج كارلوس بوكانغيرا وفرقته هو مشهد مكرر لما تشهده باقي الفرق السياسية والديبلوماسية والعسكرية الأميركية. ولعل ملفات الشرق الأوسط والعقلية التي تتعامل فيها واشنطن مع قضاياها، تؤكد أن ديبلوماسيتها وجيوشها وقواتها لن تكون أحسن حالاً من منتخبها، وستخرج من المنطقة، وهي تجر أذيال الخيبة، لفشلها ورعونتها، بدءاً من أفغانستان، وانتهاءً بالعراق ومروراً بإيران، وهذه الأخيرة وبخلاف تحديها للمجتمع الدولي، فإنها تجاوزت الأعراف كافة، وأصول حسن الجوار، من خلال افتعال الأزمات، وترويج الشائعات، وتقويض جهود السلام في المنطقة، ولأننا ندرك أن الشجر المثمر هو ما يُقذف بالحجارة دائماً، فعبثاً انتظرنا ان تكبر المجموعة الحاكمة في طهران، وتتعامل بمنطق الدولة مع الإقليم المحيط بها، لكن ذلك لا يبدو يوماً قريباً، فهم من"جرف لدحديرة"، وعلى رغم ان السعودية ترفعت مراراً عن الدخول في مهاترات، وغضت النظر كثيراً عن سقطات، لكن لعقدة نقص يعيشونها، لم يفهموا ذلك، بل تمادوا في"الرقص الذي يجيدونه من قبل الاسلام"على قضايا الأمة واهتماماتها. ايران اليوم تعزف على الأوتار كافة، التي يمكن أن تزعزع العالم الاسلامي، ولكونها تدرك ان هذا العالم تتزعمه السعودية، فهي تعمد الى فرد مساحات كبيرة في إعلامها، وتخصصها للإساءة لها، ولا تفوت حدثاً أو خبراً، إلا وتعمل على توظيفه، لتأكيد أهدافها، و لكم أن تضحكوا على خبر افتعلته و"رقصت"عليه إيران، إثر استقبال خادم الحرمين الشريفين أبناءه وبناته ممن يدرسون في الولاياتالمتحدة، فهم استنكروا"مصافحة النساء"على حد قولهم، لكن خادم الحرمين الشريفين سبق وان صافح نجاد أيضاً... ان حملة الكراهية، لاسيما العنصرية الأخيرة التي تقودها إيران ضد العرب بشكل عام والسعودية على وجه الخصوص، تثير الكثير من التساؤلات، لاسيما أنها تتزامن مع استعدادات إسرائيلية لشن حملة مماثلة ضد السعودية أيضاً، وللمصادفة أن قضايا المرأة وحقوق الإنسان تعد من أدوات الحملة الإسرائيلية التي تعتمد عليها، وللمصادفة أيضاً أنها من ضمن الأدوات التي تتخذها إيران أيضاً وسيلة في حملتها الدعائية التي تشنها ضد المملكة، إذاً سنكون"بين حملتين"، فهل يمكن لأحد أن يقنعني بأن واحدة منهما فقط عدو، والأخرى صديقة، مثلما تحاول الترويج له بعض دول العلاقات العامة... لاشك ان النهج العقلاني الذي تتبعه السعودية منذ نشأتها مع الأزمات أو مفتعليها، مكنها من كسب الجولات كافة، التي خاضتها، سواء من الأعداء أو من الأصدقاء المزعومين، لذلك لن تضيف عملة الأزمات إيران أو إسرائيل أي جديد في الحملات التي يقودونها، ويجب ألا تكون هذه الحملات مستغربة، بل المستغرب ألا يقوموا بعمل مماثل، فتلك هي سياستهم الطفيلية، التي تحتم عليهم اللجوء لتصدير الأزمات والسعي لزعزعة كل ما حولهم، لضمان استمرارهم، ولغض النظر عن انتهاكاتهم وسقطاتهم، لذلك فلنترك لهم التخطيط للكيفية التي سيشتموننا بها، ونفكر بمن سيفوز غداً بكأس العالم...؟! [email protected]