يقدم كتاب"المملكة العربية السعودية ومحاربة الإرهاب: المواجهة والمناصحة"لمؤلفه صالح بن بكر الطيار، عرضاً وافياً عن تاريخ الإرهاب في المملكة، والمعاناة المزدوجة التي مرت بها سواء من عمليات القتل والتخريب أم من الاتهامات التي ساقتها أجهزة الإعلام الغربية والأميركية بمساعدة السعودية ودعمها للإرهاب. وقد عني المؤلف بتوثيق عمله بالأرقام والإحصاءات التي تلقي الضوء على أنواع الإرهاب التي تتعرض له البلاد، والعمليات التخريبية والمواجهات بين قوى الأمن وقوى التطرف بين العامين 2003 و 2007. ومن المعلوم أن الفشل الأميركي في الحرب العسكرية على الإرهاب وتورط الولاياتالمتحدة في كل من العراق وأفغانستان، أدى إلى لفت أنظار الدول التي تحارب الإرهابيين إلى التجربة السعودية الناجحة في"المناصحة"التي تشكل ركناً رئيسياً في الحرب النفسية والثقافية ضد الإرهاب، فأوفدت العديد من الخبراء إلى كل من وزارات الدفاع والداخلية والخارجية السعودية، للاطلاع على هذه الاستراتيجية الفريدة والاستفادة منها. لقد أدرك المسؤولون في المملكة أن معالجة مشكلة الإرهاب لن تنجح إذا ما اقتصر الأمر على المواجهة الأمنية، فتطوير المؤسسات والتكتيكات الأمنية ورفع قدرات رجال الأمن كفيل بمنع عمليات التخريب وتوجيه ضربات استباقية إلى الإرهابيين تحفظ أمن الوطن والمواطنين، لكن معالجة المشكلة من جذورها يقتضي تبني خطط منهجية واقتصادية وتعليمية، وخوض معركة تنويرية لتصحيح المفاهيم وبيان خطر الغلو وبناء شخصية مجتمعية إسلامية متوازنة واعية تلغي مبررات وجوده. يعتبر مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، بحسب الكتاب، الوجه النقيض لمعتقل غوانتناموالسيئ الصيت، لناحية وفرة وجودة الطعام، وإتاحة وسائل الراحة والترفيه. وتعمل في المركز أربع من لجان المناصحة هي: اللجنة الدينية، واللجنة النفسية والاجتماعية، واللجنة الإعلامية، واللجنة الأمنية. وقد أثبتت الاستراتيجيات والأساليب المعتمدة في المركز نجاحها بالنظر إلى النتائج التي حققتها، فمن بين 270 نزيلاً عاد 259 إلى الطريق القويم وتحولوا إلى أفراد منتجين ومتكيفين مع مجتمعهم فيما ارتد 11 منهم أي مايعادل 4% فقط من العدد الإجمالي والتحقوا بصفوف الإرهاب من جديد، وهذه نتيجة ممتازة من دون أدنى ريب. يقدم المركز لنزلائه إضافة إلى جلسات وبرامج التوجيه والحوار والبرامج التعليمية، دعماً مادياً ونفسياً، فيمنحهم عملاً ومساعدات مالية لتسهيل زواجهم وبيوتاً للسكن وتأسيس أسرة من أجل إلزامهم بمسؤوليات تجاه عائلاتهم تشغلهم عن التفكير بالعودة إلى النشاطات الهدامة. القاعدة و"إدارة التوحش" يأخذنا المؤلف في رحلة نتعرف من خلالها تاريخ نشوء تنظيم القاعدة في نهاية التسعينات من القرن الماضي، ونتبين الأسباب التي ساعدت على نموها وانتشارها السريع وتحولها إلى قوة ترهب الدول الكبرى، ونتعرف كذلك طريقة تفكير زعمائها من خلال أدبياتها من كتب ودوريات، مثل كتاب"إدارة التوحش"وشعاره اللافت"الدم الدم والهدم الهدم". ونطلع على استراتيجية القاعدة البعيدة المدى في إقامة دولة الخلافة في سبع مراحل، والتي سيتم إعلانها بحسب زعم منظري القاعدة في عام 2016 وتكون عاصمتها مكةالمكرمة. مؤلف الكتاب صالح الطيار محام ومستشار قانوني متخصص في العلاقات التجارية الدولية، ومفكر سعودي معروف عالمياً، يشغل حالياً منصب رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي، وعضوية عدد من المنظمات والهيئات الدولية. صدرله 13 كتاباً والعديد من الأبحاث مثل"الإرهاب والمواثيق الدولية"،"مخاطر الطاقة النووية"،"حقوق الإنسان في الإسلام"وغيرها. وعلى رغم طبيعة تخصصه ومؤلفاته في مجال القانون الدولي، يميل النقاد إلى اعتباره متخصصاً في شؤون الإرهاب وهو الموضوع الذي برز بشكل واضح في أعماله الأخيرة.