مع أن رجاء النقاش جزم بأن العلاقة بين أنور وفدوى كانت حباً عنيفاً، إلا أن القارئ للرسائل - وهذا شيء في منتهى الغرابة - لن يجد عبارة واحدة قال فيها أنور لفدوى بشكل مباشر صريح: أنا أحبك أو عبارة واحدة سألها فيها: هل تحبينني؟ كما يفعل المحبون على سبيل التشوق والتوجد من دون ملل في كل زمان ومكان، وكأنما العبارة والسؤال: أنا أحبك... هل تحبني؟ يولدان في كل مرة بمذاق مختلف وإحساس جديد لا يفقد دهشته. تحفل رسائل أنور بالتوجيهات والنصائح لفدوى، كما تحفل بالأحاديث والآراء الثقافية والنمائم البريئة والحكايا الشخصية. وخلال هذه الرسائل التي امتازت بكونها قطعاً أدبية راقية، يحرص أنور على الكتابة لفدوى بحساسية عالية مع أنها رسائل شخصية لم يدرِ في خلده أنها ستنشر يوماً. فعل ذلك لأنه يعرف أن فدوى ليست امرأة مكررة أو عادية، بل مثقفة ومبدعة يلزمها أسلوب خاص وذوق مرهف ولغة قد لا تلزم سواها. ومشاعر أنور في هذه الرسائل تظهر كخليط من الود والصداقة والإعجاب والأخوة أيضاً. فهو ختم رسالته الأولى بقوله:"ولك يا أختاه مني تقدير"، ليحافظ على هذه النغمة الأخوية في رسائل أخرى عديدة. فالرسالة التاسعة يختمها قائلاً:"ولك أيتها العزيزة الغالية أعمق مشاعر الأخوة". وفي الرسالة العاشرة كتب:"أنا عاجز عن شكرك يا أختاه لأني أمام فيض من العاطفة الأخوية". بل إنه في الرسالة الثامنة وفيما يظهر أنه رد منه على إحدى رسائلها يقول لها إن إحساسها نحوه هو:"إحساس الأخت نحو أخ يود من أعماق قلبه أن يملأ بعض الفراغ الذي تركه أخوك وأخي... إبراهيم طوقان". وهنا بالذات يبدو أن أنور كان يعرف جيداً أن فدوى انطلاقاً من ظروفها الموضوعية ودوافعها التي تعرضت للكبت طويلاً لم تكن في تلك الفترة من حياتها تبحث في الرجل عن الحبيب، بل كانت تبحث عن الأخ المفقود الذي كان سندها وملاذها في مواجهة الجبروت العائلي، أو عن فردوسه الذي فقدته قبل الأوان. فهي تصف شقيقها إبراهيم بينبوع الحب والعطف، وتقول عنه إنه عوضها عن أب لم يشعرها أبداً بدفء عاطفته، وتشبه إشراقة وجهه على حياتها بإشراقة وجه الله. فإبراهيم الذي توفي عام 1941 عن عمر ناهز السادسة والثلاثين، انتشل فدوى من جحيمها العائلي، ولعب بجدارة دور الأستاذ والمربي والموجه لشقيقته التي أُخرجت من المدرسة وأُقعدت في البيت باكراً، حتى صدقت مقولة: لو لم يكن إبراهيم ما كانت فدوى. هذا طبعاً لا يلغي أن فدوى توافرت على سمات نفسية عالية مثل: ضبط الذات والكفاءة والتنظيم والالتزام بالواجب والمثابرة في سبيل الإنجاز وتحقيق الأهداف، ما يعني أنها كانت أرضاً خصبة لغرس شقيقها الذي كان تقدمياً متحرراً بمقاييس عصره وعصرنا. لقد شكلت الرسائل التي كان يرسلها إبراهيم لشقيقته في أثناء إقامته خارج نابلس دروساً خصوصية، تعلمت منها أصول النحو والصرف والعروض وكتابة النثر. والمتتبع لرسائل أنور لها التي بدأت بعد ذلك بسنوات سيلاحظ لغة التوجيه والتهذيب، فهي بدأت تتعلم وتتهذب على يد أنور، كما سبق وتعلمت وتهذبت على يد إبراهيم. وأنور بدأ يرعى موهبتها ويوجهها مثلما سبق وفعل إبراهيم، كما لو كان هناك تماهٍ بين الرجلين لمصلحة صورة الأخ. فالشعور الأخوي كان ظاهراً للعيان في رسائل أنور، وحتى حين بدأ ظلال من العاطفة تتسلل، كان ذلك مزيجاً مركباً من الإعجاب والمودة والامتنان، لكنه ليس حباً أو عشقاً. وأفترض أن ذلك أيضاً كان حال رسائل فدوى المفقودة، وإلا لجاءت ردود أنور قطعاً مختلفة. فمن المستبعد وغير المعقول أن تكون فدوى قد بثت أنور مشاعر الحب من دون أن نجد صدى لذلك في رسائله المتوافرة بين أيدينا، سواء تمثل ذلك الصدى في التجاوب، أم في الممانعة الخفية أو المهذبة. الاستدلال ليس صحيحًا... وقصص الحب لا تنتهي بيسر وسلاسة: قال رجاء النقاش بأن حماسة أنور لديوان فدوى وسهره على نشره وقيامه على حراسة اسمها في الحياة الأدبية دليلاً على أنه أحبها، لكن هذا قول تنقصه الدقة لسببين، الأول: أن أنور كان أريحيًا من عادته مد يد العون والمساعدة للأدباء والمثقفين في مصر والعالم العربي، والتعريف بهم وبنتاجهم الأدبي. هكذا فعل أنور مع نزار قباني. كما كان مع سيد قطب في مرحلته النقدية قبل تحوله الدراماتيكي أول من لفت النظر إلى نجيب محفوظ. أما سهيل إدريس فقد كان أميناً مع نفسه ومع التاريخ، فأفرد في سيرته الذاتية فصلاً كاملاً بعنوان"أنا والمعدَاوي"اعترف فيه اعترافاً واضحاً لا لبس فيه بأفضال أنور عليه، سواء في التعريف به وبنتاجه الأدبي، أو في مساعدته على إنجاز أطروحته في الدكتوراه. والسبب الثاني وهو لا يقل أهمية عن سابقه: أن أنور الناقد قد وجد في ديوان فدوى الذي تبناه ونشره تمثيلاً وتطبيقًا لنظريته التي سماها الأداء النفسي، وأي ناقد في مكان أنور سيعنيه أن يتبنى عملاً إبداعيًا يصب في مصب مذهبه النقدي. وهذا ليس بنادر في الحياة النقدية العربية، إلى حد تبني أدب ليس بذي مستوى لأنه يخدم طروحات نقدية معينة لأصحابها. إن قصص الحب تمر قبل نهايتها بمرحلة احتضار طويلة نسبيًا، يتخللها انقطاع وعودة، ثم عودة وانقطاع، بسبب شدة التعلق المتبادل، وعدم احتمال طرفيها عذاب الهجر و لوعة الفراق. فالشريكان العاطفيان لا يسلمان سريعًا بانتهاء العلاقة، فهناك عملية شاقة من المقايضة والاستجداء والوعود. أما فدوى فقد أنهت قصتها بمنتهى اليسر والسلاسة، إذ تقول في الرسالة التي كتبتها لرجاء حين سلمته رسائل أنور:"لم أرد على آخر رسالتين بعث بهما إلي، وصممت على رفع جدار بيني وبينه، وكانت النهاية عند هذا الجدار المصمت". وهذا يفسر مغزى عبارة مهمة لعز الدين المناصرة وقد التقى بفدوى طوقان عام 1966، بعد مضي سنة واحدة على وفاة المعداوي إذ قال:"كان كلامها - أي فدوى - يوحي بأكثر من حزنها على رحيل ناقد وأقل من حزنها على حبيب"! حين اكتشفت إليزابيث كوبلر روس النموذج الذي يصور دورة الحزن ، أو المراحل الخمس للحزن grief The five stages of، فقد كان ذلك من مشاهداتها للمحتضرين على فراش الموت. بينت الدراسات النفسية بعد ذلك أن الأفراد يمرون بهذه المراحل الخمس في كل محنة شخصية جسيمة، وفاة عزيز مثلاً أو خسارة صديق أو الطلاق أو نهاية علاقة عاطفية وغيرها من الأحداث التراجيدية، كفيلة بأن تدخل الفرد في دورة الحزن التي وصفتها كوبلر روس. الإنكار في المرحلة الأولى ثم الغضب ثم المساومة ثم الاكتئاب ثم القبول كمرحلة خامسة وأخيرة. لو أخذنا علاقة حب تلفظ أنفاسها الأخيرة، فإن الفرد يبدأ بآلية الإنكار، لا يعترف بالواقع ويعتقد أنها أزمة موقتة وستعود العلاقة إلى طبيعتها، شيئاً فشيئاً يدخل في مرحلة الغضب حانقًا على الظروف التي جمعته بالطرف الآخر، متسائلاً عن العدالة فيما يحدث له من ألم، ثم تأتي مرحلة المقايضة رغبة منه في تأجيل الفقد، وفيها تظهر الوعود التي يقطعها للطرف الآخر: أرجوك أعطني فرصة أخيرة وسأكون الشخص الذي تريد. لكنه ما إن يدرك أن العلاقة منتهية لا محالة حتى يدخل في المرحلة الرابعة التي تتميز بمشاعر الإحباط والقنوط واليأس، تمهيداً لوصوله إلى المرحلة الأخيرة التي يتقبل فيها الخسارة مدركاً أن الحبيب ذاهب إلى حال سبيله لا محالة، محاولاً استخلاص المعنى من التجربة، وهذه المرحلة تنتهي بمشاعر الراحة والسلام. وكثيرا ما يختبر العشاق - النساء على وجه خاص - في مرحلة ما من دورة الحزن ما يُسمى بزملة القلب المُحطم Broken Heart Syndrome، الذي بدأ الاعتراف به إكلينيكيا في العقدين الأخيرين، إذ يترتب على الهجر أو انهيار العلاقة المعاناة من بعض الأعراض العضوية والنفسية، كالآلام في منطقة الصدر وضيق التنفس وآلام المعدة والدوار والغثيان والشعور بالإنهاك والأرق وفقدان الشهية ونوبات البكاء ومشاعر الوحدة والانكسار واهتزاز صورة الفرد عن ذاته وفقدانه للقدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة. وكما رأت كوبلر روس المحتضرين يساومون في صلواتهم:"اشفني يا رب وسأقترب منك أكثر"، فإن العشاق يساومون بعض على طريقتهم أيضاً. على رغم هذا فقد قررت فدوى بشكل مفاجئ أو صممت بحسب تعبيرها الحرفي على عدم الرد على رسالة أنور ال 16 بتاريخ 12/5/1954، الطافحة بالألم والمزاج السوداوي، وبعد مضي أربعة أشهر وتحديدًا في 13/9/1954 كتب لها أنور رسالته الأخيرة التي انطوت معها صفحة المراسلة بين الاثنين إلى الأبد. المراد أن فدوى مضت في قرارها الذي صممت عليه منذ المرة الأولى، ولم يحدث أن تراجعت عنه أبدًا. كما أن أنور تقبل انقطاعها أو غيبتها عن طيب خاطر. لم يلحّ في السؤال، ولم يبذل ما يبذله المحب عادة من محاولات واستعطاف. فهل ما فعلاه كان طبيعيًا لو كنا أمام عاشقين؟ أم أن السياق يعطي دلالة واضحة بأن العلاقة كانت صداقة بالمراسلة، يجوز أن تكون حميمة بمعنى أو بآخر، لكن الكبرياء حاضر فيها، والمشاعر تحت السيطرة، والقرار جاهز حال استدعائه. ألتمان وتايلور حين كشفا في نظريتهما عن النفاذ الاجتماعي كيف تتكون العلاقات الشخصية وتتعمق أو تنتهي، ذهبا إلى أن الأصدقاء يقومون من خلال عمليات عقلية باطنية بتقدير العوائد والتكاليف المترتبة على علاقات الصداقة، بحيث ينهي أحدهم علاقته بصديق له إذا كان حجم وطبيعة التكاليف قد فاق حجم وطبيعة العوائد أو المكاسب التي يحصل عليها. وهي عملية تفرضها طبيعة العلاقات الإنسانية ومفهوم الصداقة كعملية تبادلية لا جوهر ثابت أو مفهوم نهائي. وفي سياق نفسي اجتماعي لا مجال لتحميل عملية تقدير العائد والكلفة أية إدانة أخلاقية أو مثالية. إذاً فدوى كان لديها ما يكفيها من مشكلات انفعالية واجتماعية، وقد كان واضحاً أن أنور الذي بدأت أزمته الصحية تشتد، وصارت رسائله التي تؤدي وظيفة نفسية لها شحيحة متقطعة، وهو ما يوقعها في مشاعر انتظار وألم، وبدأ نجمه الأدبي في الأفول مع إغلاق مجلة"الرسالة"وانحسار شهرته، وتكالبت عليه المشكلات بنقله التعسفي من عمله أكثر من مرة، وها هو ذا في رسالته السابعة عشرة والأخيرة منكسر يُلمّح لفدوى بأن تجد له وظيفة في نابلس، لم يعد هو أنور ذاته بالنسبة لها، ذلك النجم الساطع في الحياة الثقافية، الذي كان لها سندًا معنويًا وأدبيًا، أستاذًا وصديقًا، باذلاً الكثير من جهده ووقته وعلاقاته حتى يهذبها ويصقلها ويقدمها أحسن تقديم للمجتمع الأدبي. تفسير رجاء الشاذ لانقطاع العلاقة بين فدوى وأنور: إن رجاء النقاش حين أطّر العلاقة بين فدوى وأنور وحسمها لمصلحة الحب، انتقل مباشرة لفرضيته الغريبة التي فسر من خلالها سبب إخفاق هذه العلاقة، إذ زعم أن أنور الذي ظل عازبًا حتى آخر يوم في حياته القصيرة كان يعاني من العجز الجنسي. ولشدة إعجاب رجاء بتفسيره فقد أورده في المقدمة ثم كرره في أماكن متفرقة من الكتاب. لكنني طالما وجدت هذا التفسير ساذجًا وقاصرًا ولا يتسق مع مكانة وذكاء ناقد كبير كرجاء النقاش. ولو أراد المرء منا رداً سهلاً على هذا الكلام لكان التذكير بوجود عشرات العزاب في الحياة الثقافية والأدبية والصحافية العربية من المحيط إلى الخليج ماضيًا وحاضرًا بشكل تتهافت معه فرضية النقاش. أما بالنسبة إلى ما وصفها بالأدلة وساقها لإثبات أن أنور كان عاجزًا، فإنها تتلخص في: إخفاق علاقة أنور بفدوى أو أن العلاقة لم تنته بالزواج، وبرنامجه اليومي الثابت في القاهرة الذي يخلو من المواعدة، واختلاقه لوقائع غير حقيقية مثل اللقاء بشاعرة شابة مغمورة اسمها ناهد طه عبدالبر، وأن أنور قال لرجاء ذات مرة: سأكشف لك عن سر ولم يكشفه، وأخيرًا أن القصص التي كتبها أو ترجمها كانت تسيطر عليها فكرة إخفاق العلاقة لعجز ما لدى الرجل أو المرأة. ثم يقول رجاء بعد هذا الحشد بأسلوب ممسرح:"هل نحتاج إلى أدلة جديدة غير الأدلة السابقة على وجود هذا المرض في حياة المعداوي"؟ ولا شك عندي أن رجاء كان قد انطلق من أحكام مسبقة، أو توصل سلفاً إلى استنتاج أو تحليل شخصي لإخفاق علاقة أنور بفدوى، ثم طفق يجمع له ما ظنها أدلة وبراهين. وسأبدأ من حيث انتهى رجاء لأقول إنه كناقد محترف لا شك يعي أن ثيمة معينة قد تتكرر أكثر من مرة في النتاج الأدبي أو الفني لمبدع ما، لأسباب شعورية بحتة، جمالية أو فكرية، ولا حاجة لاستدعاء أي ترسانة لاشعورية. ألا نعرف نجيب محفوظ من ثيمته؟ أليست لأحلام مستغانمي ثيمتها؟ هل عند نزار قباني فكرة مركزية أكثر من الرجل الشهواني الذي يبحث في المرأة عن لذائذها الحسية؟ وهل لإحسان عبدالقدوس فكرة غالبة أكثر من المرأة المتعطشة للحرية وكسر القيد؟ ما يسميه رجاء النقاش أدلة لا تخرج عن النمائم وحكي المقاهي، التي تكلف عناء متابعة أنور فيها ما بين الجيزة والدقي ليثبت أنه لم تكن له مواعدات غرامية. أما النظر إلى عدم زواجه من فدوى كدليل على معاناته من هذا المرض الخفي فهو متهالك أيضًا، لأنه يلغي تمامًا مسؤولية فدوى باعتبارها الطرف الآخر، فهي نفسها توفيت عن 86 عاماً من دون زواج، بمعنى أنها عاشت بعد انتهاء علاقتها مع أنور ما يقرب من نصف قرن ولم تتزوج. كذلك لا أدري كيف يستند رجاء في دعواه على وعد غامض من أنور بأنه سيفشي له سراً؟ ولِم اعتقد رجاء أن هذا السر يتعلق بهذا الأمر تحديداً؟ فمع أن صداقة ربطت بين رجاء وأنور إلا أنه غني عن القول أن أمراً في مثل هذه الخصوصية لا يفصح عنه الناس حتى لأصدقائهم المقربين. فمن دراسات جورارد الرائدة في الخمسينيات والستينيات عن الإفصاح عن الذات وصولاً إلى دراسات نيابرزداوسكي في التسعينيات ، ثم دراسات فاربر وسوهن الحديثة وسواهما، ظهر أن الأفراد في الحياة اليومية شأنهم شأن الأفراد الذين يرتادون غرفة العلاج النفسي يفصحون عن ميولهم وتفضيلاتهم الشخصية وآرائهم الثقافية والاجتماعية واهتماماتهم المهنية لكنهم لا يفصحون عن خصوصياتهم المتعلقة بالجسد والحياة الجنسية والعدوان والخبرات التي أشعرتهم بالخزي. بل إن أنور بكبريائه المعروف كتب لغالي شكري ذات مرة راجياً منه أن ينفي ما قاله لويس عوض من أنه - أي أنور- يعاني من الاكتئاب. فهل من المتوقع من شخص استاء من وصفه بالمكتئب أن يفضي بسر أشد وأكثر خصوصية لشخص من داخل الوسط الثقافي، إن لم يفضح هذا السر كتابة فلا أقل من أن يثرثر به؟ أما اختلاق أنور للقاءات لم تحدث، مع أن رجاء لم يستشهد سوى بمرة واحدة يتيمة كانت بطلتها شاعرة مغمورة، فلا أظن أحدا يجهل براءة الادعاء الذي يصوره قول الشاعر:"وكل يدّعي وصلاً بليلى"، وهي حالة استعراضية معروفة لدى المثقفين العرب في الأوساط المحافظة والمتحررة بلا فرق بصرف النظر عن درجتهم على مقياس الفحولة. هل كان أنور ضحية السنجلزم؟ إن حياة هذين المبدعين جديرة بالتأمل لثرائها وانفتاحها على أكثر المعاني الإنسانية عمقاً وأصالة. * كاتبة و ناقدة سعودية. [email protected]