لحظة اجتماع بلا دعوة، وعناق بعد انتصار ليس لمشجعي نادي الهلال، ولكن لأربعة ممن يقودون التغيير في الفكر الرياضي، في مكان واحد لأجل الوطن وجماهير الكرة الراقية التي شدها المشهد وأسرها الموقف، على رغم أن الهلال وجمهوره"المجنون"كانا يسلبان الألباب مساء ذلك الأربعاء الرائع الذي تجلت فيه الكرة السعودية في أبهى صورها لعباً، وفي أسمى مواقفها شرفاً، وعندما يؤسس للمبادئ السامية حتماً هناك عراب، وعندما يُحاكى العراب في نبله، فليس ذلك تبعية أو تقليداً أعمى، بل هي السنة الحسنة التي يجب أن تصفق لها الأكف إعجاباً، وعبدالرحمن بن مساعد هو ذلكم النبيل، الذي كان دخوله الوسط الرياضي فألاً حسناً، وقدراً نسج في ظهر الغيب سنين، ثم هطل كالغيث على الأرض اليباب، فانتعشت به واخضرت. سنوات والفكر المتعصب هو السائد مع المجاهرة به وحتى في المناسبات الوطنية تجد منا من يساند الخصوم ويرفع أعلامهم ويدعمهم بروابط مشجعيه، ويعلنها وبجرأة ممقوتة عبر وسائل الإعلام، في حماقة كبرى لا تقبل وخطيئة لا تغتفر وتأخذه العزة بالإثم عندما يناقش في مبدئه الغريب، ليقول إنه حر في رأيه وإن ذلك من لزمات تشجيعه وولائه لناديه، حتى غدا دعم ممثلي الوطن جاهلية أو ردة، تتنافى أو تتعارض مع الحب للنادي الرئيس، وصار كل من يحيد عن ذلك منبوذاً"خائناً"لفريقه، وظل هذا قانوناً وعرفاً حتى هبت نسائم"شبيهة الريح"واقتلعته وإلى غير رجعة، ولست أبالغ إن قلت إنه بعد هذا اليوم في طريقه ليصبح عيباً وفضيحة، أليس رئيس الهلال يعلن وقوفه مع غريمه التقليدي النصر تضامناً مع ما حل به في"زعبيل"؟ نعم ذلك وضع غريب، لأن النادي الآخر كان يصدر البيانات تباعاً في قضايا تخص الهلال ليس دعماً له ولكن ضده، ومع ذلك تناسى كل ذلك لأجل كرامة الوطن. ثم هو يعلن حضور مباريات ممثل الوطن الشباب في البطولة الآسيوية، فتنقشع غمامة سوداء ثانية رانت على سماء الرياضة زمناً، كنا نرى فيها أنديتنا تصارع وحدها، فإذا هي الآن تحت مظلة الوطن الكبرى، وإذا الجميع يتسابق للحضور والدعم والتشجيع ممن كانوا يخشون لومة اللائمين، ثم ها هم يتعانقون ويهنئون بعضهم بعدها، أليست هذه بربكم أجمل لقطات الموسم الرياضي؟ من هذا الختام الجميل يجب البدء في اقتلاع أصول التعصب وجذوره، ولن يتأتى ذلك إلا بمبادرات شخصية ممن بيدهم قيادة الأندية، على غرار ما فعله رئيس الهلال، لأن في ذلك إزالة للاحتقان والتشنج في الشارع الرياضي، وليكن أضعف الإيمان الآن عندما تمثل الأندية الوطن في المناسبات الخارجية.