«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب واكاديمي سعودي يؤكد ان ثقافتنا لا تعادي شيئا قدر عدائها للعقلانية . يوسف أبا الخيل: "التكفير" أصبح مثل رواية "النكت"!
نشر في الحياة يوم 27 - 04 - 2010

الدكتور يوسف أبا الخيل من مواليد مدينة بريدة عام 1382ه، كانت ثقافته الشرعية ثقافة مكتسبة من ثني الركبتين على المشايخ لما يزيد على عقدين من الزمان، وبعدها بدأ في رحلة البحث عن نفسه، كان لاقترابه من عوالم إبراهيم البليهي وحسن المالكي فرصة في إثارة الكثير من الأسئلة عنده، ووجد عند ابن خلدون ما جعله يعيد ترتيب أوراقه ورؤاه من جديد، الدكتور يوسف متخصص في العلوم المالية وعلومها ومبحر في الفلسفة ومدارسها، يدين للرياضيات أن منحته مركباً يجوب به كل الأنحاء حتى يصل به إلى شط الأمان.
يفرح كثيراً بما أتيح للإنسان السعودي في عصر الملك عبدالله من حريات وتجدد في الخطاب ونزع للثوابت غير المقننة، في طرح الدكتور يوسف نتلمس الاهتمام بالتجربة الغربية والدعوة إلى إعادة قراءة الخطاب العقدي والفقهي في السعودية. حتى وهم يكفرونه ويهدرون دمه يشعر بألم على حال ثقافة مجتمعنا أكثر من الخوف على نفسه وحياته
...فإلى تفاصيل الحوار:
الحرمان أو التدليل.. أيهما طغى على طفولتك أكثر؟
- بالطبع لن تجدي في نجد، بخاصة في السابق غير الحرمان، والحرمان بأنواعه. أذكر أننا كنا نختبئ عن الأنظار لنختلي هنيهة مع راديو ليلي نستمع منه إلى نشرة أخبار أو أغنية لسميرة توفيق، أو تمثيلية لعبدالعزيز الهزاع. والويل كل الويل لمن يعثر عليه وهو متلبس بجريمته!
أثناء دراستك المتوسطة والثانوية هل قرأت كتاباً خارج المنهج التعليمي؟
- كنت أقرأ المواضيع التي هي داخل الأقواس بحذر شديد أن تكتشفني أعين الرقباء الاجتماعيين، وما أكثرهم حينها، وأنا أحاول أن أغرد خارج السرب السلفي!
الدراسة في الإدارة والرقابة المالية، والاهتمامات في الفكر والفلسفة، ما الذي جمع بينها؟
- يجمعها الصرامة والضرورة المنطقية والاطراد، وبإمكانك أن تستصحبي رأي"جاليليو"عندما اكتشف أن"الطبيعة كتاب حروفه الرياضيات".
من قاد رحلتك نحو التغير والتحول ومن دعمها وأثر فيها؟
- معنوياً قادها الشوق نحو اكتشاف حياة أخرى خارج الكوكب التقليدي. وحسياً قادها شخصان هما: إبراهيم البليهي، وحسن المالكي.
هل تعرضت في يوم ما لحالة اغتيال لعقلك؟
- منذ أن دخل عقلي طور البرمجة التقليدية، كحال كل أقراني، وهو مغتال. والاغتيال الثقافي في النفق الأحادي المظلم يفوق كل الاغتيالات من حيث تأثيرها في مسار الإنسان. والانعتاق الفردي نادر.
فكر أبا الخيل هل نتج من صولات وجولات مع النفس أم مع الآخر؟
- مع الآخر أولاً، الآخر بكل تمثلاته، ثم مع النفس كنتيجة حتمية للأشكلة التي يفرضها حضور التثاقف مع الآخر. وهم التميز، في مقابل عطالة الذهن وسوء الإنتاج وخراب الذمم، وضآلة الإتقان لا بد وأن تفرض أشكلة للعقل المتسائل.
بماذا تصف شكل علاقة الطلاب مع الأستاذ الجامعي؟
- لا تختلف إطلاقاً عن علاقة طالب حلقة تحفيظ قرآن بمقرئ الحلقة في أي مسجد من المساجد المتناثرة في نجد.
ما الذي أثر في التوجهات الفكرية لدى أهالي القصيم؟
- والله أنا لا أرى توجهات فكرية مغايرة لما يمليه التيار التقليدي. ربما هناك شذرات نوادر هنا وهناك، وعلى استحياء وخوف أن تصيبهم معرة بغير علم.
من هي المرأة التي حققت حضوراً في حياتك؟
- أروع إنسانة قابلتها في حياتي، والدتي أسكنها المولى فسيح جناته.
هل تعني العولمة التهديد للثقافة المحلية؟
- وهم الخصوصية، والتذرع بحماية الثوابت أسلحة متوهمة بأيدي المقتاتين على الثقافات الضعيفة، وإن كنت في شك من ذلك فاهرعي إلى مقدمة ابن خلدون واقرئي نظريته عن علاقة الغالب بالمغلوب.
ظاهرة الحوارات حول الأديان والحضارات هل أنتجت تكاملاً ثقافياً أم وسعت الهوة الثقافية؟
- هذا يتوقف على الهدف من الحوار. فإذا كان الهدف تقارباً يبنى على تنازلات، فذلك غير ممكن بالطبع، لماذا؟ لأن الحوار لحظتها سيتحول إلى أيديولوجيا سياسية، والسياسة تتطلب تنازلات بين أطياف الحوار، والتنازلات مستحيلة في عالم الأديان والمذاهب، أنا أؤمن بإمكان التعايش بين الأديان والمذاهب واستحالة التوافق أو التقارب بينها.
يجب أن نتحاور لكي نتعايش وفق ما تتوافر عليه أدياننا ومذاهبنا من اختلافات بنيوية وعقدية لا تهمشها الحوارات أو دعاوى التقارب، أما إذا كنا سنتحاور لكي يتنازل بعضنا لبعض عن جزء من مبادئه أو مواقفه فذلك مستحيل.
تجارب التوفيق بين المذاهب، لم تؤت أكلها ولن تؤتيه مستقبلاً، يجب أن ندرب أنفسنا على التحاور بيننا وفق مبدأ وجدانية الأديان والمذاهب، ما يجعل حواراتنا قائمة على كيفية تدريبنا على كيفية التعايش.
التقارب بين الكاثوليك والبروتستانت استهلك سنين وأحقاباً طوالاً من الغرب، وفي النهاية اكتشفوا خرافته، فتركوا كل شخص يتمذهب مع مذهبه ويتماهى مع دينه بالطريقة التي يريد.
الفكر السائد هل يحكمنا أم أن طريقة تفكيرنا أصابها التشويه؟
- الفكر والثقافة السائدان بمثابة أقفاص حديدية لا يمكن للعقل أن ينعتق منها إلا في حالات نادرة، ولبعض النابهين، وهم قلة.
والفكر والثقافة السائدان يعتبران أهم القيود التي تحيط بمعاصم المجتمعات المنغلقة، ولا فكاك من قيودها إلا بتوطين الحرية الفكرية.
التعددية الثقافية
التعددية الثقافية هل تقودنا إلى التطبيع؟
- تطبيع مع من؟ هل تقصدين: التطبيع مع ذواتنا، أم مع الآخر؟ أظنك تقصدين التطبيع مع الآخر، ثم دعينا نستعمل مصطلحاً آخر غير التطبيع، إنه مصطلح التعايش، أو التسامح بالمفهوم الغربي الذي يعني اضطرارك للتعايش مع الأفكار والمعتقدات والمذاهب التي لا تحبها لأنك مقتنع أن لا سبيل أمامك للقضاء عليها.
الإعلام الفضائي هل أدى دوراً في التأثير في المجتمع؟
- لولاه لاستمررنا نخبئ الراديو الليلي تحت وساداتنا كما كنا نفعل سابقاً في أرياف وقرى ومدن نجد، حرسها الله من كل مكروه فضائي!
في ظل المناطقية والمذهبية في بلادنا كيف نضمن التوازنات؟
- المشكلة الرئيسية تكمن في المذهبية، التي تعتبر"أس"الحروب الدينية، مع ذلك فيمكن التعايش معها بسهولة تامة متى ما كانت العلاقة المدنية هي الحاكم والفيصل في التنازعات.
ويمكن لنا في المجال استنطاق تجربة فولتير وسبينوزا وديكارت وديدور وجماعة الموسوعيين الفرنسيين ليجيبونا عن تجربتهم مع المذهبية المسيحية المرعبة، وكيف روضوها بتوطين الأساس المدني ليكون حاكماً على علاقات الناس، بعضهم ببعض، وترك العلاقة الروحية"مذهبية أو دينية"للإنسان ليقيمها مع خالقه من دون تدخل من أحد.
الانفتاح والعولمة هل أربكا وتيرة حياتنا؟
- نحن مرتبكون خِلقة، لكن يجب إقناع ذواتنا بأنه لا بد مما ليس منه بد من الانفتاح والعولمة، فلنخرج من قوقعتنا ونترك"وهم"القدرة على تكييف علاقاتنا مع الآخرين على أساس ديني أو مذهبي.
التعليم.. هل هو مغيب عن تطوير العقل العربي؟
- بل ليته اكتفى بتغييبه فقط، إنه يزيده ارتكاساً في ظلمات بعضها فوق بعض.
في منطقتنا العربية، ثمة علاقة طردية بين الانغلاق والتشدد من جهة، والتعليم من جهة أخرى، فكلما ارتقى الفرد في عالمنا العربي في سلم التعليم النظامي، ارتقى في سلم التشدد والانغلاق، بل والخرافة، والدليل على ذلك أن جل مبتعثينا الذين يُبتعثون إلى أرقى الجامعات الغربية بعد تخرجهم من الجامعات العربية والإسلامية، والتي تتبنى، وفقاً للنظام الغربي ككل، نظاماً تعليمياً علمانياً بحتاً، يرجعون إلينا وهم متشددون ومنغلقون بدرجة أكثر مما كانوا عليه قبل الابتعاث.
هل نحن بحاجة إلى إصلاح الفكر الديني؟
- لا بد هنا من التفرقة بين الدين في نقائه الروحي، وبين الفكر الديني الذي هو بمثابة اجتهاد بشري موقوت بسياقاته: السياسية والاجتماعية والاقتصادية، من هذه الناحية دعيني أقول إن تجربة الإصلاح اللوثري الديني مع المسيحية الأوروبية تحتاجها كل المجتمعات الحالية التي ترزح تحت نير المذهبية والطائفية الدينية.
أزمة المجتمع هل في الأساس هي أزمة ثقافة ومثقفين؟
- الأزمة في أي مجتمع لن تجدينها تخرج عن فرض رأي واحد على الجميع، وبدأت هذه الأزمة تتزحزح لدينا في السعودية نتيجة للسياسة الإصلاحية الرائعة التي يقودها الملك عبدالله، وقد بدأ الجميع يدرك آثارها الإيجابية الرائعة.
هل ما زال الحلاج والمعري ومسكويه نماذج حاضرة في عالمنا؟
- نموذج الحلاج يعرض على المسرح العربي كل يوم، ولا موعد نهائي حتى الآن لإسدال ستارة المسرح إيذاناً بانتهاء العرض. فتاوى التكفير والزندقة والرمي بال"التغريب!"كلها نماذج مستنسخة من السياق الفكري الذي أعدم فيه الحلاج والسهروردي ونظراؤهم، كل من يحاول أن يغرد خارج السرب الثقافي الموروث عن عصور الانحطاط سيكون رغماً عن أنفه حلاجاً، في العراق وباكستان وأفغانستان تعرض مسرحيات الحلاج كل يوم، بل كل ساعة، أما المعري ومسكويه والتوحيدي وابن رشد والفارابي وابن سينا والرازي وإبراهيم بن سيار النظام والقاضي عبدالجبار وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد والجاحظ وابن خلدون فأخاف إن أنا أثنيت عليهم أن أكون أحدث النسخ المعاصرة للحلاج!
مستقبل الفلسفة هل يكتب بحروف سياسية؟
- الفيلسوف والفقيه وقاضي القضاة العربي الكبير أبو الوليد ابن رشد اعتبر الفلسفة علم الخاصة، وما هو خاص يحتاج إلى دفعة سياسية كي يضخ فاعليته.
اغتراب المثقفين
اغتراب المثقفين هل نتج لأن لديهم أفكاراً ولا يملكون السلطة؟
- أحياناً تكون السلطة للمثقف مدمرة لمشروعه، والدليل تجربة المعتزلة ثم الحنابلة مع السلطة، فكل منهم تسلط على رقاب الناس لإرغامهم على قبول مشروعه!
هل بقي أمر في حياتنا لم نستفت فيه؟
- ماذا نفعل إذا كان أسلافنا يقترحون علينا ألا نحك رؤوسنا إلا بأثر أو استفتاء مرجع! الثقافة التقليدية العربية أرادت للمقتاتين عليها أن يظلوا مفرغين من العقل المتسائل، فعندما يتمرد العقل ويبدأ بالأشكلة، حينها تتضعضع مكانة الشيوخ والمفتين والمراجع الدينية!
في مسألة تكفيرك من آخرين.. هل حاورك مكفروك؟
- التكفير في المجتمعات الإسلامية الحالية أصبح مثل رواية النكت واللطائف، فهو حق مشاع للوعاظ ولأنصاف الوعاظ، بل للتقليدين على اختلاف أصنافهم، بل إنه أصبح مجالاً للوجاهة أمام من فاته قطار العمر وهو يقبع في الظل، أو من قنع بأنه ليس أكثر من حكواتي يتطرز بالأناقة!
تعلق الناس بالخرافة والغيبيات لماذا يزداد حيناً وينخفض حيناً آخر؟
- الأشاعرة عندما قضوا على الاطراد الضروري بين الأسباب والمسببات صارت تلك الخرافات أساساً ثقافياً من أسس ثقافتنا لا يمكن أن يتزحزح، فبتنا نصدق أن فلاحاً فقيراً أشعث أغبر في فيافي العراق، أو قفار أفغانستان يمكن أن يسقط أحدث الطائرات الغربية بنفثة منه أو نفخة، وما قصة منقاش العراقي وشاعره الذي دبج فيه القصائد وفي بندقيته عنا ببعيد.
الوعي العربي.. هل يحتاج إلى إعادة تأسيس؟
- يحتاج إلى تأسيس فلسفي في المقام الأول.
غربة المثقف السعودي.. من أين نتجت؟
- المثقف السعودي لم يؤد ولا جزءاً بسيطاً من دوره فلا تشعروه بأنه غريب فيصدق أنه دخل مرحلة الاغتراب نتيجة عجزه عن بلورة مشروع لم يبلور شيئاً من معالمه، ناهيك عن وضعه على أرض الواقع.
هل يمكننا اعتبار التراث الديني هو القوة المهيمنة في الثقافة السعودية؟
- ليس في الثقافة السعودية وحدها، بل في كل الثقافات الإسلامية، وليت المسيطر كان الدين كما نزل، إذاً لكنا في أحسن حال، لكن ما ساد هو"فكر"ديني كتب تحت تأثير أيديولوجيات الصراع السياسي.
برأيك هل أفقد التطرف بريق التراث الإسلامي؟
- المشكلة أنه ليس تراثاً واحداً بل تراثات عدة، ليس فيها من كان له بريق ما عدا التراث العقلاني ذي النزعة الاعتزالية، وهذا أهيل عليه التراب وأفْقِدَ بريقه منذ أكثر من 1200 سنة.
ما قصة السعوديين في الوصاية الدينية؟
- الوصاية تنمو وتزدهر حيث تنعدم النزعة الفردية، والنزعة الفردية بدورها ربيبة الفلسفة والنزعة العقلانية، وبالتالي يجب ألا نتوقع خروجاً من الوصاية ما لم يتحرر العقل أولاً، وتحرير العقل منوط بتوطين ثقافة عقلانية تستجيب لتساؤلات العقل، وثقافتنا لا تعادي شيئاً قدر عدائها للعقلانية، هكذا نجد أننا محبطون من كل جانب.
لماذا نحن محاصرون بوهم"التميز"؟
- يأتي الوهم عادة نتيجة عدم وجود ما يتوهم الإنسان وجوده في الواقع، وبالتالي فلو كنا متميزين فعلاً لما احتجنا لأن نتوهم بأننا متميزون.
كيف تقوّم تجربة الكتابة في جريدة الرياض؟
- لا أبالغ إذا قلت إن تجربة الكتابة في جريدة الرياض أوسع محطاتي غنى، وأغناها سعة وجاذبية، كان دخولي لجريدة الرياض فاصلاً تاريخياً في حياتي لا أستطيع إلا أن أستصحب تأثيره الإيجابي في كل محطات حياتي المقبلة، حتى ولو تركت الجريدة أو تركتني في يوم ما.
هل تشعر أن فضاء الحرية في صحافتنا كفيل بوقف سرب الهجرة إلى الصحافة الدولية؟
- هامش الحرية الحاصل الآن جيد جداً، وهو من الميزات الرائعة التي توطدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز.
تجربتنا في الحوار الوطني.. هل أنتجت وعياً حقيقياً أم أنها مجرد مسكنات؟
- مما لا شك فيه أن المركز مفخرة من مفاخر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بل إن إنشاءه جاء كفاصل تاريخي بين ما قبل وما بعد، وهو ماركة معرفية مسجلة باسم هذا الملك الاستثناء، ومأخذي على المركز يكمن في إشغال نفسه بأشياء ليست من مهماته التي أنشئ أساساً من أجلها، كحوارات الخدمات الصحية وما أشبه.
الحوار الوطني.. هل حاد عن الطريق أم انه جاء بلا طريق؟
- بالعكس، فالحوار الوطني أحد أهم مميزات عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من يصدق أن أبرز مذهبين في العالم الإسلامي: السنة والشيعة، سيجلسان يتحاوران مع بعضهما البعض!
إن أهم مميزات الحوار الوطني الذي دشنه الملك عبدالله أن الخطاب التقليدي الأحادي الذي كان يمسك بنا من تلابيبنا بدأ يقتنع أخيراً - طوعاً أو كرهاً - والأخيرة أقرب، أنه لم يعد إلا مجرد صوت من الأصوات التي في الساحة، وأن أطْر الناس على قناعاته ولى إلى غير رجعة، صحيح أن المركز يقحم نفسه أحياناً في ما ليس من مهماته - أو هكذا يفترض - ك"الحوار"حول التعليم والخدمات الصحية وما أشبه، إلا أن وجوده شكل علامة فارقة في عهد الملك الرائع عبدالله بن عبدالعزيز.
هيئة كبار العلماء.. هل يلزمها مشروع إصلاحي؟
- الخطاب الديني كله يلزمه إصلاح تحديثي حتى يستطيع أن يتوافر على الحد الأدنى من معايير المعاصرة.
النص الشرعي ألسنا نحمّله ما لا طاقة له به؟
- النص الشرعي العقدي المنبثق من أصول العقائد لا شك أنه عابر للزمان والمكان، ولا يعاني من أية مشكلات مؤثرة في التماس مع الآخرين، أما"النص"العقدي الفرعي، الذي هو وليد السياقات السياسية الغابرة، وكذلك النص الفقهي المفرغ من مقاصده التي ابتغاها المشرع، فلا شك أننا نحملهما ما لا يحتملان.
الديموقراطية لماذا أصبحت وبالاً على المجتمعات العربية؟
- الديموقراطية الغربية نجحت لأنها وليدة تحولات اجتماعية طويلة مرت بمخاضات عسيرة حتى وصلت إلى الليبرالية بمفهومها الأصيل، وحينها كانت تلك المجتمعات جاهزة للديموقراطية، أما المجتمعات العربية فتريد أن تتحول فجأة إلى الديموقراطية في الوقت الذي تتكيف علاقات سكانها على أساس مذهبي أو ديني!
تقنين الأحكام الشرعية لماذا يخيف بعض القضاة والمختصين؟
- من ألف شيئاً خاف من ضده، التقنين ثورة في عالم القضاء، والقاضي الذي اعتاد أن يقضي بحسب ما يتراءى له، لا يريد في الغالب، أن يكون مقيداً بمواد وفقرات مكتوبة.
هل تشعر أن هناك شيئاً اسمه"العقل السعودي"؟
- لا، هناك شيء اسمه العقل العربي الإسلامي، والعقل السعودي جزء منه.
الفلسفة والشرع
لماذا نتوجس شراً عند ذكر مصطلح الفلسفة؟
- لأن الفلسفة عالم العقل، وأسلافنا علمونا أن النقل أي نقل، حتى ولو كانت أقوال الفقهاء مقدم على العقل، وفي هذا الجو تختنق الفلسفة وتموت، وقد تنبأ ابن خلدون بمصيرنا المعاصر البائس وبنهضة الغرب، عندما لاحظ أن التراث الفلسفي العربي بدأ يشد رحاله نحو الضفة الأخرى، وأن الوضع هناك يؤذن ب"خلق جديد، ونشأة مستأنفة، وعالم محدث".
لماذا لم تدل بدلوك في موضوع السينما؟
- السينما ترف فني، فثمة أشياء كثيرة، وبل أساسية يجب علينا الإدلاء بدلونا حولها قبله.
ألا ترى أن الفنون بأنواعها مظلومة ومقتولة في مجتمعنا؟
- القتل يوحي بأنها كانت حية إلى وقت قريب، والحق أن النص الفقهي كان لها بالمرصاد منذ أن"نادى لسان الكون بالخمول فبادر بالإجابة"كما يقول ابن خلدون، كان ذلك عندما أقفل باب الاجتهاد وحل محله عبارة"من تمنطق تزندق".
في واقعنا العربي هل الاستبداد والسيطرة يرتكزان على موروث ثقافي؟
- لا شك ولا ريب في هذا، فالاستبداد كما الديموقراطية منتج ثقافي، لا ينبت في فراغ!
الغربة.. لماذا أصبحت داخل الوطن أكبر؟
- لغياب الليبرالية.
الإنسان هو العملية الأساسية في المجتمعات المتقدمة.. هل الإنسان"السعودي"ضمن هذا الإطار؟
- لا أحد يستطيع أن ينكر أن خادم الحرمين الشريفين جعل محور اهتمامه الإنسان، هذه حقيقة لا مجال للتشكيك فيها.
شارك المقال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.