شهد النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية، في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات مساء أمس، ندوة حول الرواية السعودية، شارك فيها عدد من النقاد السعوديين والعرب، وتناولت بالنقد والتحليل قضايا وهموم هذه الرواية، مفصحين عن هواجس كتّابها ومضامينهم. ننشر هنا مقتطفات من أربع دراسات لأربعة نقاد من السعودية والمغرب وسورية وفلسطين. متعة الحكاية ورمزية التخييل شعيب حليفي تخوض الرواية العربية في السعودية تجربة جديدة في مجال تجديد التخييل وأساليبه في تحرير القول الأدبي، ضمن سياق ثقافي يعرف تنافساً سردياً يختط اجتهادات جمالية وأخرى في الدلالات التي تضخ تمثيلات نفسية واجتماعية وثقافية تهدم الرمزيات القديمة بمجازاتها وكناياتها، خلف ستار من الضوابط والأحكام وتفضح التمثيلات الخفية. انطلاقاً من هذا التصور الأولي، كيف استطاعت ثلاثة نصوص روائية تمثل وجهاً مشرقاً من المشهد السردي السعودي، خلال العقد الأول من الألفية الثالثة التعبير عن هذه التجربة من خلال استراتيجيات الكتابة عندها: وقد تناولت بالنقد الرواية الأولى"سقف الكفاية"لحسن علوان وخلصت إلى أن استراتيجيتها تشتغل على خلق المتعة عبر شعرنة لغة الحكي، سرداً ووصفاً وتعليقات تأملية وانتقادية، كما تشتغل على باطن وظاهر في حكاية بسيطة تختزل مسيرة الإنسان في تاريخه الخاص والعام، كما تشتغل على زمنين ضمن تخييل منتش بالمشاعر في انعطافاتها الصعبة والخلاقة. الرواية الثانية لسعيد شهاب وهي بعنوان"صبرا"وتحقق استراتيجيتها في بناء معرفة بالنفس البشرية ضمن تشكيل فني يحقق تأويلاً للتخييل بدءاً من السرد المتعاقب بضمير المتكلم وعبر رحلة تؤوي بداخلها رحلات لا محدودة بين فضاءين ووعيين وتاريخين. في الرواية الثالثة لسلطان القحطاني"سوق الحميدية"يكتب الحكاية برؤية انتقادية تُسائل المكان والزمان والقيم والهوية انطلاقاً من حلقات تذكرية، تحفر تدريجياً بصوت الراوي والأصوات التي ينقلها في كل المراحل تتشكل تضاريس التحولات الجذرية على السوق وأهلها من خلال ثلاث صور مصغرة للغريب وللوافد ثم للسكان الأصليين. الرؤية الإبداعية النسوية محمد صالح الشنطي من هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتعالج قضية تتعلق بهذا الإبداع الروائي في جانب ? ربما كان ? من أخص جوانبه، ويتمثل في عملية التخطيب وأثرها في البنية السردية، وأعني بذلك تحفيز السرد للإفضاء بالخطاب الثقافي ومحمولاته الفكرية"فإذا كان ثمة اتفاق في النقد الشكلاني على أن البنية السردية تنهض على ما عرف بالتاريخ، ويمثل السياق السردي القائم على تمظهرات الحدث ومتوالياته الوقائعية، وعلى الخطاب ويعني السياق الذي تتعطل فيه المتوالية الحدثية لصالح الإفضاء خارج زمن الحكاية، فإن ما أقصده بالتخطيب يتجاوز هذا المفهوم إلى تحويل المتن الحكائي إلى بداية لا بد من الإشارة، مبنى قادر على نسج الرؤية أو الموقف في بعده الاجتماعي والنفسي والفكري في تناسجه الجمالي، ويفترض هذا البحث أن ثمة مناحي للتشكيل السردي تستطيع الإيحاء بذلك من دون أن تقع في شرك الانفصام عن البنية السردية، وثمة ثغرات في هذه البنية تحدث أحياناً نتيجة إرغام الرواية على قول ما تريده الكاتبة قسراً. وأول مناحي التشكيل السردي يتمثل في الاتكاء على اللغة ودلالاتها، وعلى الموروث السردي الخرافي والأسطوري والفانتازي والتوالد الحكائي في تمثيل رؤية روحية من منطلق ديني يقوم على تصور خاص للمرأة بعيداً عن الانحيازات التقليدية وقريباً من الرؤية الوسطية الإسلامية. وقد اخترت نموذجاً أرى أنه قادر على تمثيل هذا اللون من الخطاب النسوي وطرائق تشكله، رواية مها الفيصل"توبة وسليى"10، ولعل هذا العنوان هو خلاصة اختيارات الكاتبة التي عبرت فيها عن خطابها الثقافي، وهو يضم اسمين متعاطفين ستشتغل الرواية على تفاصيل العلاقة بينهما، وهما الذكر وأنثى، لهما مرجعيتهما اللغوية التي تحيل إلى مرجعية دلالية وإلى الفعل الإبداعي الذي يتجلى في الصياغة، فالمستوى الأول من مستويات التخطيب يتمثل في التشكيل اللغوي ابتداء من العنوان على المستوى النحوي والصرفي والدلالي والإيقاعي: أما المستوى النحوي فيتمثل في صيغة العطف الذي ينجم عنه الازدواج ثم حذف الخبر وإطلاقه من عقال التقييد وفتحه على أفق دلالي واسع يتمثل فضاء الرواية، أما البعد الصرفي فيتمثل في توبة الاسم العلم الذي قدت مادته اللغوية على صيغة المصدر وهو اسم معنى لا يحد بحدود الزمان ولا المكان، ويفيض بدلالة اعتذارية عن مجمل الذنوب والخطايا وهو ما يشكّل بؤرة الخطاب الذي يتكئ عليه النص الروائي بكامله منذ البداية حيث هجر الدنيا وماله فيها من رصيد من المال والزوج والولد يعود لسبعة عشر عاماً ليهيم عبر البراري والبحار باحثاً عن الخلاص، فصيغة المصدر هنا مضافاً إليها التنكير تتجاوز حدود الشخص المتعين الذي سمي بهذا الاسم، ومجمل الخطاب قائم على الانفلات من المحدود إلى اللامحدود، من هنا كانت عملية التخطيب في بعدها اللغوي جدلاً بين التجريد والتحديد، سواء في الحدث حيث الحلمي والواقعي والفانتازي والحقيقي والمكان المتخيل والمرئي والشخصيات الواقعية والأسطورية. الإقامة في جسد الآخر محمد العباس بقدر ما هي مظهر تكويني من مظاهر التمييز للطبيعة البيولوجية، تستبطن الأنوثة في خباياها طيات شعورية وذهنية تغري بالتعامل معها كحالة ثقافية، ولو من منطلق وصم المرأة بالدونية، بما هي الكائن المقيم فيها، بفعل مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية المتراكمة، الأمر الذي يحرّض الذات المسكونة بأوهام العقيدة الذكورية على اعتناق فكرة الارتقاء بتلك الذات المبتورة إلى مرتبة أعلى يحتلها الرجل، لتتجاوب مع المقترفات الفرويدية المبنية على وهم مفاده أن المرأة مجرد رجل ناقص المعالم، لدرجة أن المرأة، وهي المعنيّة بذلك النسيج تلجأ أحياناً إلى مراودة نفسها بالفرار منه، والإقامة الطوعية أو الاضطرارية في جسد الآخر، في ما يبدو حالة من الإماتة المعلنة للأنوثة بمعناها البيولوجي والثقافي. أما مهمة التدمير المبرمج لتلك الذات التي يراد لها أن تتأزم على الدوام فتؤديها العائلة البطريركية باعتبارها الجماعة الاجتماعية التي تقف حائلاً قمعياً بين الفرد وحاجاته. وهي اليوم محل دراسة أو انتقاد دائم في الثقافة العربية، لدرجة أن بعض الروائيين العرب لم يكتفوا بالمقاربة السردية العابرة لمسألة الاختلاف الجنسي، بما هو عماد تلك المنظومة، بل خصصوا روايات بكاملها لتفكيك مظاهرها، باعتبارها عناوين استجلائية لبنية تفكير غائرة، للتعبير عن التماهي مع اشتغالات خطاب التنوير العربي، الباحث بدوره عن مبدأ نظري مقنع، أو قالب نصي، لنقد الواقع وتحليل بناه وتشكيلاته الثقافية، من خلال رصد الفروق والفجوات الجندرية وتحليلها، ليس من ناحية المظهر وحسب، بل على مستوى الأدوار أيضاً. وقد وجد خطاب الرواية العربية في هذه المفاهيم أرضية خصبة يمكن البناء عليها، والتجادل مع تداعياتها الفكرية والنفسية، من منطلق يقوم بالأساس على مساءلة النزعة البطريركية، كما يتجلى هذا الميل في متوالية لافتة من الأعمال الروائية فيها من المشتركات الفكرية والنفسية ما يوازيها من الافتراقات، خصوصاً على المستوى الفني، إذ تشكل رواية ليلة القدر المتمّمة لروايته طفل الرمال مجرة تأثير مهمة في هذا الصدد، أي سرد الآخر اذ يبني الطاهر بن جلون استراتيجية نصه على قيمة أنثوية موجبة في مقابل قيمة ذكورية سالبة، يدفع بموجبها بطلته زهرة من أسر أبوية بشعة، ويحرّضها على الانسلال من جسد رجلٍ حكم عليها بالعيش فيه أي العودة بها إلى جبلتها الأنثوية، التي كانت بمثابة ندبة موجعة، والفرار بها بشكل انعتاقي من ذكورة ملفقة، مفروضة عليها من خلال سلطة أبٍ مريض بأوهام رجولة اجتماعية زائفة. وفي رواية قنص أيضاً تتقمّص هذلا جسداً ذكورياً مستعاراً بشكل اضطراري، يرحّلها إليه والدها بمنتهى القسوة المفروضة من السياق الاجتماعي، حفاظاً على حياتها المهددة بالاستلاب والفناء، لكأن عواض العصيمي يكتب ذات النص، وبكل تفاصيل الانفصام الجنسوي، ولكن بشكل ارتدادي مقلوب، أي كقيمة أنثوية سالبة أسيرة لقيمة ذكورية أكثر سلبية، اذ يدس بطلته في تلابيب جسد مغاير، لا تعرف كيفية التعامل معه، الأمر الذي يصيبها بحالة من الاغتراب الحاد، على المستويين النفسي والمادي، ويؤكد في المقابل مزاعم كون أنا المرأة مصنوعة بوعي الأب. أما خاتم بطلة رجاء عالم، التي تحمل اسم الرواية أيضاً، فتتأرجح في منتصف الجنوسة، على حافة قلق وجودي، داخل جسد ملتبس، على درجة من التشظي، لا يريد الاستقرار في هوية، وكأنها ترفض منطق التجنيس الأحادي، أو الحضور كذات مونولوجية، بمعنى أنها أميل إلى قيمة أنثوية متعادلة داخل محيط ذكوري سالب، ربما لأنها مكتوبة من داخل ذات أنثوية تحاول الإفصاح عن عتمة الانحباسات الشعورية الملازمة للمرأة، على العكس من النصين الذكوريين المنذورين لتفكيك العقيدة الأبوية. أو هكذا تنسرد رحلة البطلة المعقدّة والمؤلمة من حالة الوعي البدائية بالخصاء، إلى عقدة الرجولة المستحيلة، وصولاً إلى إعلان الأنوثة. وعلى رغم التباين الواضح في الإستراتيجية السردية للنصوص الروائية الثلاثة، إلا أنها في المجمل تتحرك من منصة ما يعرف بخطاب الاختلاف الجنسي أو الاستغيار المعني نقدياً بتحليل البنى الاجتماعية والسياسية والتشكيلات الثقافية، المنبثقة في الأساس من معتقدات وممارسات بطريركية ساطية، والمبعثرة على حافة النص الأدبي في سمته التفكيكية، بمعنى أنها تحاكم الثقافة التي تتعاطى مع المرأة من منطلق الأنا الواحدة التي تُعد انتهاكاً للفردية، وتعطّل كمال جنوستها، وقد تدفعها للتخلي عنها إلى هجين حسّي ثقافي اجتماعي خارج طبيعتها البشرية. الإقامة الاضطرارية في جسد الآخر بأي معنى من المعاني تعادل الجحيم، كما يُستنتج من مجمل النصوص، اذ تستعيد المحرّرة زهرة أجواء ومأسوية ذلك المآل بعبارات حزينة تشير إلى حالة من التألّم، على إيقاع انسلاخها الموجع من أصالة مكوّنها الأنثوي اختفت نوبات غضبي، وصارت مشاعري بيضاء، بذلك البياض المفضي إلى العدم والموت البطيء. كانت انفعالاتي قد تحلّلت في بركة ماء راكد، وكان جسدي قد توقف عن تطوّره، فلم يعد يتغير، كان ينطفئ حتى لا يعود يتحرك ويحس، وما هو بجسد امرأة مفعم ومتلهّف، ولا هو بجسد رجلٍ رصينٍ وقوي، كنت بين الاثنين، أي في الجحيم. الأمر ذاته حدث بالنسبة للمغيّبة هذلا بعد أن تم تجريدها من كينونتها الجنسية، ومُسخت هويتها، إلى الحد الذي نُفيت فيه عن نفسها ولم يعد لها أي هوية تُذكر، كما تنم عن ذلك القدر الساطي عبارات التأسي المتلاحقة كاستغاثات، فيما يبدو رثاءً حسّياً للذات المهشّمة لقد عشت حياة ما كان يجب أن أعيشها، لبست ثياباً ليست لي، وجلست مع رجال كثيرين، وتحدثت بخلاف ما كنت أريد، إيه، وكتمت مشاعري، ولا أتذكر حتى هذه اللحظة ساعة لم تكن فيها تلك النار شاهدة على ما يصيبني من غمّ، ونكد، وخوف. "هند والعسكر"و"حالة كذب" نضال الصالح يطمح هذا البحث إلى تقديم تطبيق نقدي على نصّين روائيين سعوديين ممّا صدر في العقد الأوّل من الألفية الثالثة، هما: رواية بدرية البشر:"هند والعسكر"2006، ورواية عبدالعزيز الصقعبي:"حالة كذب"2009، من دون أن يعني ذلك اختزالاً للمنجَز الروائي السعوديّ، ولاسيّما الصادر منه في ذلك العقد، بقدر ما يعني خياراً نقدياً لإضاءةٍ واسعةِ الطيف، أو تكاد تكون كذلك، على نصّين فحسب، بدلاً من بعثرة الضوء على نصوص عدة. "هند والعسكر": مدخل إلى الروائية والرواية: تنتمي بدرية البشر إلى جيل التسعينيات من الكتّاب في المملكة العربية السعودية، بدأت حياتها الأدبية بكتابة المقال الصحافي، ثمّ القصة القصيرة، وأصدرت في مجالها ثلاث مجموعات، اثنتان في سنة واحدة، هي:"نهاية اللعبة"الرياض 1994، و"مساء الأربعاء"بيروت 1994، و"حبّة الهال"بيروت 2004، ثمّ ما لبثت أن كتبت الرواية، وصدر لها، إلى الآن، رواية واحدة، هي:"هند والعسكر"دار الآداب، بيروت 2006، إضافة إلى إصدارها غير مؤلّف في حقل اختصاصها الأكاديمي، أي علم الاجتماع. ولعلّه من المهمّ، قبل محاولة تفكيك هذه الرواية ومن ثمّ إعادة تركيبها، الإشارة إلى ما حظيت به، فور صدورها وبعده، من مراجعات إعلامية ودراسات نقدية وفيرة نسبياً، وإلى توزّع تلك المراجعات والدراسات على ثلاثة مواقف: أوّل يعدّ الرواية علامة مهمة في مسار الرواية النسوية السعودية، كما كتبت الدكتورة شيرين أبو النجا في صحيفة"الشرق الأوسط"14/3/2007، وثان يرى بأنّها لا تتجاوز كونها استكمالاً للإيقاع الذي اتسمت به الرواية النسوية السعودية في عقدي التسعينيات والعقد الأول من هذا القرن، أي بوصفها متابعة لعزف الأغلب الأعمّ من الروائيات السعوديات على وتر الممنوع، أو المسكوت عنه، كما أنّها تفتقر إلى الحدود الدنيا من الفنّ، كما كتب حامد بن عقيل في صحيفة"عكاظ"2 / 4 / 2006 بعنوان:"هند والعسكر: بين هلامية الحدث وغياب التقنية السردية"، أو مدججة بالسموم والشذوذ وبما يثير الريبة في دوافع كتابتها، كما ذهب إلى ذلك عبدالله بن صالح العجيري في كتابه:"من عبث الرواية: نظرات في واقع الرواية السعودية"، وأخير يكتفي بالتعريف بها. وقد أفصح ذلك التباين بين الآراء أو المواقف حول الرواية عن نفسه في غير ندوة، وفي غير موقع من المنابر الثقافية السعودية، كما نقلت صحيفة"عكاظ"في عددها الصادر بتاريخ: 22/1/2010 عن الندوة التي أقيمت حول الرواية في النادي الأدبي في حائل، والتي شهدت سجالاً حاداً بين الحضور. "حالة كذب": لا تكتفي العلامة اللغوية لرواية عبدالعزيز الصقعبي:"حالة كذب"، بإغواء القارئ بقراءة الرواية، أو بتحريضه على قراءتها، لاكتشاف الحال المرتبطة بصفة الكذب، فحسب، بل تتابع ذلك أيضاً في الوحدة السردية الأولى منها، التي تتجاوز كونها تأسيساً للمحكيّ عامة، أو الإعلان عنه، أو التمهيد له، إلى كونها، كالعلامة نفسها، شركاً يجد القارئ نفسه معه ومن خلاله متورّطاً تماماً في فعل القراءة، بل مدفوعاً إلى متابعة القراءة حتى نقطة النهاية من الرواية. وعلى رغم أنّ صورة الغلاف الأول في الرواية تشي بأنّ الكذب يعني عاطفة الحب، فإنّ محكيّ الرواية يتجاوز تلك العاطفة، ليعني غير استعارة أو كناية تجعل من ذلك المحكيّ شبكة هائلة من الرموز التي تتحرّر الشخصيات والأحداث معها ومن خلالها من الجذر الواقعيّ الذي تحيل عليه، وإلى حد تبدو مكوّنات السرد جميعاً، معها ومن خلالها أيضاً، لا الشخصيات والأحداث وحدهما، بوصفها وسائل للتعبير عمّا هو استعاريّ أو كنائيّ. ولعلّ من أهمّ تلك الاستعارات/الكنايات أنّ الكذب الذي تقصد إليه الرواية يعني المحكيّ نفسه، ولاسيّما حكاية الشبه، التي تكاد تنطوي تحت مفهوم المفارقة لقوانين الواقع الموضوعي، ولعلّ من أهمّها أيضاً أنّه لا يعني الكذب على الآخر، بل على الذات، إما استجابة لوطأة الأعراف والقيم الاجتماعية المعوّقة للتعبير عن الذات كما هي في الواقع، وإمّا فراراً نحو الداخل وإرغام الذات على عدم الظهور.