قبل أربع سنوات، وبتكليف من وزارة الثقافة والإعلام، كانت الجمعية التأسيسية تشتغل بروح ايجابية وبشفافية صادقة، بكل ما أوتيت من جهد وحيوية ونشاط من أجل وضع النظام الأساسي للجمعية السعودية للفنون التشكيلية. كان الرهان آنذاك على نضوج الساحة التشكيلية وجاهزيتها لتشكيل مثل هذا الكيان. كان الهدف المشترك والواضح لدى الجميع هو الإنجاز والبناء على ما تحقق حتى الآن من ايجابيات. حينها، تمكنا من تحقيق هذا الإنجاز وتشكلت الجمعية بقرار وزاري بعد إقرار نظامها الأساسي ولوائحها الداخلية من الجمعية العمومية ومصادقة الوزارة عليها. اليوم، وبعد تأمل ما يحدث في الساحة التشكيلية من تراجع في وضع الجمعية، إلى حالة الفردية المفرطة لدى الفنانين، إلى المنافسة السلبية على كراسي مجلس الإدارة الجديد، إلى التراشق الشخصي في وسائل الإعلام، إلى الركض للحصول على صفة الريادة من منطلق السبق الزمني، إلى ما تمخض عن كل هذا من روح السلبية والتململ والتفكك لدى الغالبية من الفنانين من الجنسين. بعد كل هذا، وبصفتي أحد أعضاء الجمعية التأسيسية، ومن منطلق المحافظة على ما أنجز حتى الآن، أتساءل؟ ما الذي حدث؟ أين يكمن الخلل؟ لماذا هذا الإصرار على هدم ما تحقق من خلال إما عدم الالتزام بالنظام الأساسي أو النية لتغييره بعد الفوز في الانتخابات المقبلة. أتساءل، لماذا نضع نظاماً أساسياً ونقره من الجمعية العمومية، إن كنا لا نأخذه على محمل الجد؟ علماً بأن الجمعية العمومية هي فقط المخولة بتغييره أو التعديل فيه، وما خالف هذا يعتبر غير قانوني. لماذا نضعه إذاً إن كنا لم نستوعب بعد مفهوم النظام الأساسي؟ علماً بأنه لكي يعدل أي نظام أساسي، لا بد أن يتم الالتزام به أولاً وينفذ لفترة تجريبية لمعرفة ثغراته، ثم يتم بعد ذلك اقتراح تعديله وعرضه على الجمعية العمومية للتصويت عليه وإقراره. لماذا نضع كل هذه التكاليف الباهظة والمجهود الجبار في انتخابات لتشكيل مجلس إدارة يضم كل هذا العدد، إن كنا لا نزال نصر على ممارسة الأسلوب الفردي في الإدارة؟ هذا يضعني مباشرة أمام تساؤل أكبر، هل كنا فعلاً مهيئين معرفياً وإدارياً لمثل هذا المستوى من العمل الجماعي؟ هل ستنقلنا الانتخابات المقبلة لمجلس الإدارة الجديد، إلى وضع أفضل، على رغم ما يكشفه لنا الواقع الحالي؟ هل تتحمل الوزارة جزءاً من المسؤولية في كل هذا؟ هل فعلاً كانت الجمعية"مؤسسة ثقافية غير ربحية تعنى بالفنون التشكيلية مستقلة مالياً وإدارياً"كما تنص المادة الثانية من اللائحة الأساسية؟ حقيقةً، الوضع لا يعطي فرصةً لأي تفاؤل، وكما يبدو فإننا نصر على التراجع إلى الخلف. وهناك، بالتأكيد لن نتمكن من توثيق وتطوير منجزنا التشكيلي، وهناك أيضاً لن ينتظرنا التاريخ الثقافي المعاصر للإنسانية. بما أننا مقبلون على مرحلة مفصلية في عمر الجمعية قد تكون بمثابة تقرير للمصير لها، أقترح على وزارة الثقافة والإعلام تأجيل الانتخابات لمدة يتم خلالها تجميد مركزية العمل مرحلياً لصالح العمل الجماعي على مستوى المناطق كل على حدة والبدء بتشكيل نواة للفروع تحتضنها جمعية الثقافة والفنون بحكم وجودها وقدرتها على توفير المكان، مع تخصيص موازنة لهذا. على أن تكون المرجعية الإدارية مباشرة من الفروع إلى الوزارة، مع تشكيل هيئة استشارية للإشراف والمتابعة لقياس مدى نجاح تجربة الفروع ومدى استعداد الفنانين، والفنانات وجاهزيتهم لدخول تجربة العمل الجماعي. في ضوء هذه النتائج، يتم رفع التوصيات بعمل الانتخابات المقبلة وتشكيل مجلس إدارة للجمعية. خلال هذه الفترة أي فترة التأجيل تقوم الوزارة بالتدريب الإداري لمجموعة من الفنانين والفنانات من قائمة المرشحين، لإعدادهم وتأهيلهم لمرحلة العمل الجماعي المركزي عبر الانتخابات المقبلة. على أن يكون الهدف من كل هذا هو المحافظة على ما تم من انجازات للجمعية وعدم الوقوع في ذات الدائرة المفرغة، مع الاستفادة من الوقت في الاستعداد لمرحلة العمل الفعلي والتطوير. * كاتبة وفنانة تشكيلية.