يغضب البعض عندما نتناول أموراًً تخص المجتمع المحلي، ويعتبر ذلك صنفاً من صنوف"التشنيع"و"تشويه الصورة الزاهية"، وكنت أظن أن أصحاب هذه النظرية في"تضاؤل"، لكني فوجئت، بعدما كتبت عن طامحين إلى الهجرة إلى الولاياتالمتحدة الأميركية بغرض الدراسة أو السياحة، والراغبين في البقاء في الدول التي يدرسون فيها من طلابنا، بسيل من الاتصالات والرسائل التي تتهمني بأنني أطلق أحكاماً في الهواء، بل إن إحدى الرسائل التي تلقيتها كانت من السوء حد اتهامي بأنني"لست من أهل هذه البلاد"، و"أنني يجب أن أرحل مع الدخلاء الذين تحدثت عنهم". أثق أن هناك الكثير ممن يدركون ما أعنيه ويشعرون به، وأعرف أن كثيرين لا يتحدثون عنه علانية ل"حساسية"لم أستطع فهمها حتى الآن، لكن هذا واقع يجب أن نتحدث عنه بشكل واضح وصريح، ويجب ألا نطأطئ رؤوسنا ونغرسها في الرمال مثل النعام. لن أتحدث عن أميركا وأنظمتها وجمالها، فلها الذين يتحدثون عنها، بل سأتحدث عن السعودية وما يجب أن يتعدل فيها من أمور على مختلف الأصعدة حتى تكون بيئة جاذبة أفضل من النمط"الأميركي"في الحياة والنظام. الذين يفكرون في قضاء جزء من أعمارهم أو ربما كلها في بلدان أخرى هم أبناؤنا ممن انبهروا بما شاهدوه، لأن هناك بوناً شاسعاً بينهم وبين ما عاشوه على أرض وطنهم، وهناك فرق كبير على الأصعدة كافة، ولا أحد يستطيع أن يقول غير ذلك إلا من يكذب على نفسه، أو من لا يريد أن يرى الحقيقة مجردة كما هي. فرق كبير بين أن تركب"خط البلدة"، وأن تستخدم"المترو"في التنقل، فرق واضح في سهولة الإجراءات ووضوح الأنظمة في بعض المرافق والقطاعات الحكومية، على رغم أن لغة"العدالة"واحدة، فرق بين الخدمات البلدية التي تتلقاها في أي بلد أوروبي، وبين الخدمات ذاتها التي تتلقاها في بلادنا. أدرك أننا بلاد الحرمين الشريفين، وكل سعودي يفتخر بذلك من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه، لكن ذلك يجب ألا يُعمي أعيننا عما نعانيه من سوء خدمات وأخطاء اجتماعية وتخطيط "بطيء". أخيراً... نشرت"الحياة"خبراً عن رفض وكيل وزارة التعليم العالي لشؤون البعثات الدكتور عبدالله الموسى الرد على استفسار طالب ابتعاث لحين قيام الأخير بحلاقة شعر رأسه. أقول للموسى إن المذكور سيحلق شعر رأسه"على الزيرو"حتى يتم ابتعاثه، بل ولديه الاستعداد أن يحلق حواجبه إذا شاء الموسى، لكن بعد أن ينعم برغد"الحرية الشخصية"في بلد الابتعاث سيعيد"تربية"شعره على طريقته الخاصة، وحينها ربما"يربي ذقنه"من شدة فرحه ب"الحرية"التي ينعم بها، فحتى الارتباط بين"اللحية والإرهاب"لن تجعل أحداً يجبره على"حلاقتها"، أو حتى يجرؤ على أن يطلب منه ذلك. [email protected]