لايزال موضوع انتقال اللاعبين بين الأندية يثير الكثير من الجدل بين الأطراف الرياضية من اللاعبين والأندية والوكلاء، وهنا يدلي أستاذ القانون التجاري المساعد بمعهد الإدارة العامة الدكتور عائض البقمي بدلوه في هذه القضية برأي"قانوني"مختلف. يمكن تعريف العقد بأنه ارتباط الايجاب الصادر من أحد العاقدين بقبول الطرف الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه، وبالتالي يترتب عليه التزام كل طرف في العقد بما وجب عليه تجاه الطرف الآخر في العقد. وبالنظر إلى عقد انتقال اللاعبين في أنه إلحاق اللاعب للعب في مكان أو ناد آخر غير الذي كان يلعب فيه. ويترتب على ذلك أن عقد الانتقال هو تحول حق أو حوالة حق كما هو الحال في انتقال الحق الشخصي وانتقال الالتزام بين أطرافه. وتعبر عقود الانتقال عن حقيقة واقع الحال الذي تعيشه الأوساط الرياضية، ومن ثم يمكن اعتبار عقود الانتقال وثيقة الصلة بالاحتراف الرياضي الذي أخذت تمارسه معظم الأندية الرياضية واللاعبين، ففي معظم الأحيان تنصب عقود الانتقال على اللاعبين المحترفين، كما أن النوادي التي تبرم عقود الانتقال هي في الغالب نواد محترفة للرياضة. ولعل المهمة الأولى لهذه النوادي من أجل الحصول على الفوز وتحقيق البطولات هو البحث عن المستوى الإقليمي أو الدولي، عن أدوات تساعدهم في الوصول إلى هذه الغاية، وهذه الأدوات تتمثل في اللاعبين الجيدين في أداء اللعبة، وهم لا يكونون كذلك إلا بتفرغهم التام في ممارسة النشاط الرياضي، كما أن اللاعبين مثل الفنانين تهمهم الشهرة على مختلف المستويات، وهذه الشهرة تأتي عند قيامهم بالعمل لدى نواد رياضية مختلفة وذات درجات ممتازة. وبالنظر إلى عقد الاحتراف أولاً وذلك باعتبار انه عقد يسبق عادة عقد الانتقال، فإن عقد الاحتراف الذي يبرم بين النادي واللاعب، يفرض على النادي دفع أجر للاعب، فضلاً عن مسكنه ومأكله بل حتى على التأمين على حياته في بعض الأحيان، وعلاجه وغير ذلك من المصاريف ما دام عقد الاحتراف أو العمل بينهما لا يزال قائماً، فإذا ما أوشك العقد على الانقضاء، بدأت الرغبة لدى اللاعب في البحث عن ناد آخر يعطيه عرض أفضل وفعلاً ينتقل هذا اللاعب إلى ناد آخر ويتدرب لديه ويتطور في مهاراته على حساب نفقات النادي، مثله مثل النادي السابق ثم ما يلبث حتى ينتقل إلى ناد ثالث وهكذ، وهذا قد يؤدي إلى حدوث خسارة للنادي القديم، فهو لماذا أصلاً يلجأ إلى تدريب اللاعب وتطويره ويصرف عليه مبالغ باهظة، هل لكي يستفيد منه ناد آخر؟ لذا أصبح من حق النادي القديم للاعب أن يأخذ في مقابل لانتقال لاعبه إلى ناد آخر، والذي يمكن تكييفه على انه تعويض عن فترة تدريب وتطوير ذلك اللاعب خلال الفترة السابقة للانتقال. وعملية الانتقال لا تظهر عادة إلا بعد انقضاء عقد الاحتراف، كما لا يجوز إبرامه إلا خلال الفترات التي تحددها اللوائح والأنظمة التي تحددها الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتعليمات الخاصة بالعقود الرياضية. وهذا الانتقال عادة إما أن يكون لنوادي تابعة للاتحاد الرياضي نفسه أو ما يسمى إلى نواد داخلية، وإما أن يكون إلى نواد عالمية. وما ينبغي بيانه في هذا الموجز هو أن عقد الانتقال يكون عادة بين ثلاثة أطراف هم اللاعب وناديه القديم، والنادي الجديد، وعادة يكون النادي الذي ينتمي إليه اللاعب هو الجهة المختصة بالتفاوض والموافقة على انتقال اللاعب، والذي يترتب على ذلك أن يكون انتقال اللاعب يقع تحت رغبة وأهواء نادية القديم، والذي يحصل أن قد يتعسف في استخدام ذلك الحق ضد مصلحة اللاعب. ومن الأمور التي يجب أن يتم مراعاتها في عملية الانتقال هو أن عملية الانتقال، إما إن تتم بناء على طلب النادي الذي يرغب انتقال لاعب معين إليه وهنا يجب مراعاة ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 11 من لائحة الاحتراف السعودية، وذلك بأن يرسل النادي الراغب في انتقال لاعب معين إليه رغبته واستمارة انتقال اللاعب إلى النادي الأصلي للاعب، ويجب أن تتضمن تلك الاستمارة قيمة الانتقال، بعد ذلك يتم بدء التفاوض بين الناديين للوصول إلى اتفاق نهائي حول انتقال اللاعب، ويجب أن تؤخذ موافقة اللاعب من قبل ناديه الأصلي على الانتقال، وذلك باعتبار أن عقد انتقال اللاعبين من العقود الرضائية التي تقوم على أساس الرضاء التام بين أطراف العقد، وبعد ذلك بتم إبرام عقد الانتقال بصفته النهائية، ويعتبر هنا العقد قد أخذ الشكل النهائي الملزم للأطراف، أما ما قبل ذلك من مفاوضات فتعتبر فقط مرحلة من مراحل إبرام العقد وبالتالي لا يعتبر ملزماً لأطرافه ولا يجوز الاحتجاج بها بين الأطراف النوادي بشكل عام، وهذه الإجراءات هي ما نصت عليها المادة 11 من لائحة الاحتراف السعودية. أما الطريقة الثانية في الانتقال فهو أن يتم الانتقال بناءً على طلب اللاعب نفسه، وهذا ما يثور فيها الكثير من الإشكالات، ويخضع فيها الانتقال إلى أهواء نادي اللاعب، وتعسفه في ذلك الحق وخاصة إذا كان نادي اللاعب لا يرغب في انتقال اللاعب إلى نادي آخر، والتي لم تورد لوائح الاحتراف السعودية بياناً لحل تلك الإشكالات والمعوقات التي يقع فيها الكثير من اللاعبين السعوديين، ويكونون ضحية نواديهم الرياضية . وتبدأ هذا الطريقة بأن يطلب اللاعب من ناديه وضعة على قائمة الانتقال من ناديه إلى ناد آخر، فإذا وافق ناديه وهذا موضع النزاعات دائماً بين اللاعبين وأنديتهم، يقوم النادي بإخطار الإتحاد السعودي واللاعب بذلك، ثم يبدأ اللاعب بالبحث عن عروض الانتقال في الأندية الأخرى، فإذا وفق مع أحد النوادي الرياضية الأخرى، تبدأ هنا مرحلة التفاوض بين نادي اللاعب الأصلي والنادي الراغب في انتقال اللاعب إليه، وتعد هذه هي الإجراءات وفق ما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 11 من لائحة الاحتراف السعودي، ومما سبق يتضح - أعزائي القراء - أن عقد انتقال اللاعب يعقد بين النادي القديم والنادي الجديد بموافقة اللاعب، وبإشراف الاتحاد الرياضي. إذ لرغبات النوادي دور كبير، وقد يكون فيه تعسف في حق بعض اللاعبين على حساب مستقبلهم الرياضي، ويكون اللاعب بعد ذلك عرضة لقتل مواهبه بناءً على رفض كثير من النوادي انتقال بعض لاعبيهم بناءً على أهواء شخصية لبعض رؤساء النوادي، وكان الأجدر تدخل المشرّع لوضع حلول جذرية لهذه المشكلة التي تؤرق الكثير من اللاعبين، فعلى رغم أن العقد بين اللاعب ونادية هو عقد ملزم للجانبين إلا انه يجب ألا يتصف بالديمومة المطلقة التي تضر بمصالح طرف على حساب طرف آخر أو تؤدي إلى ضياع حقوق اللاعبين من نواديهم الرياضية. من ناحية أخرى، نجد أن نسبة كبيرة من مقابل الانتقال الذي ينص عليه عادة عقد انتقال اللاعبين يحصل عليها النادي القديم، أما بقية المقابل فيذهب للاعب وهو عادةً نسبة قليلة جداً، وقد بينت ذلك المادة 11 من لائحة الاحتراف السعودي، وفق الآتي: 85 في المئة للنادي القديم، و15 في المئة للاعب، ونسبة اللاعب هنا ضئيلة جداً قياساً للنسب المحددة في دول عدة أخرى عالمية وعربية ومن ذلك مصر حيث يعطى للاعب 40 في المئة ويبدو جلياً من هذه المقارنات أنه بجدر إعادة النظر في هذه النسب التي لا تتماشى مع قواعد العدالة في المجال الرياضي ومع حقوق اللاعبين. ومن الأشياء التي يغفل أو يجهل عنها الكثير من اللاعبين في تعاقداتهم مع النوادي الرياضية أن لوائح"الفيفا"وبخاصة المادة 15 قد نصت على حق اللاعب أن يشترط على النادي أن يسقط حق النادي في مقابل الانتقال وهو المنصوص علية في لائحة الاحتراف السعودي بنسبة 85 في المئة في حالة انتقال اللاعب إلى نادي آخر، لكن لكي يكون إسقاط الحق هذا صحيحاً فإنه يجب أن يكون مكتوباً بين الأطراف، وإذا كان للنادي الحق في إسقاط نصيبه من مقابل الانتقال، فليس له الحق في مجاوزة النسبة المقدرة له، فهذه النسب يجب العمل بها. وإذا كان الأصل أن اللاعب المحترف ليس حراً في إبرام عقد الانتقال مع نادي آخر غير ناديه الأصلي بحسب ما تقضي به الفقرة 1 من المادة 12 من لوائح الفيفا، فإنه من المفترض أن يكون حراً في عدم إبرام عقد الانتقال، لما ينجم عنه من تسجيل وانضمام ونقل تبعية من نادي إلى آخر، وهذا ما تقضي به المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومن الجدير بالذكر أن مقابل الانتقال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بصفة اللاعب، وهذا ما يجب الانتباه له في التمييز بين عقد انتقال اللاعب الهاوي وانتقال اللاعب المحترف، وقد بينت لوائح"الفيفا"اثر صفة اللاعب في مقابل الانتقال، علماً أن هذا المقابل لا يطلب فحسب عند إبرام عقد الانتقال بين الناديين، بل يمكن للنادي السابق أن يطلب من أي نادي تعاقد معه اللاعب بعد انقضاء عقده مع هذا اللاعب بمقابل الانتقال تعويضاً له عن تطوير اللاعب وتدريبه، كما من الجدير بالذكر أن صفة اللاعب قد تتغير أثناء انتقاله من نادٍ إلى آخر، فقد يكون محترفاً في ناديه السابق ثم تتحول صفته إلى هاوي أو العكس فهل يستطيع اللاعب السابق للاعب مطالبة النادي الجديد له بمقابل الانتقال؟ وقد أجابت المادة 14 من لوائح"الفيفا"على هذا السؤال ووضعت له افتراضات عدة موضحة حكم لكل افتراض على حدة : 1- إذا وقع لاعب غير هاوي عقدا مع نادي جديد فإنه من حق ناديه الأسبق الحصول على تعويض عن تدريبه و /أو تطويره. 2- إذا وقع لاعب هاوي عقداً مع نادي جديد ينضم إليه بصفة لاعب غير هاوي، وبالتالي فإن من حق ناديه السابق الحصول على تعويض نظير تطويره. 3- إذا انتقل لاعب هاوٍ إلى نادٍ آخر وبقي على الوضع نفسه كلاعب هاوٍ فإن ناديه السابق ليس له الحق في المطالبة بتعويض. 4- إذا انتقل لاعب هاوٍ إلى نادٍ آخر بصفة كلاعب هاوٍ نفسها ثم أخذ وضع لاعب غير هاوٍ خلال ثلاث سنوات من انتقاله، فإن من حق ناديه السابق الحصول على تعويض من النادي الذي اكتسب فيه صفة غير الهاوي في مقابل تطويره. 5- إذا انتقل لاعب هاوٍ مرات عدة إلى أندية مختلفة بوضع هاوٍ، ثم اكتسب صفة غير هاوٍ خلال ثلاث سنوات من انتقاله الأول، فإن ناديه السابق الذي كان مسجلاً فيه له الحق في التعويض عن تطويره من النادي الذي اكتسب فيه اللاعب صفة غير الهاوي. 6- أن فترة الثلاث سنوات المذكور في الفقرتين 4 و 5 أعلاه، تنطبق فقط من اليوم الذي يصل فيه اللاعب إلى سن الرابعة عشرة، إذا كان اللاعب قد بلغ تلك السن. 7- إذا وجد النادي السابق للاعب بأن من حقه الحصول على تعويض عن تطوير اللاعب بموجب الفقرتين 4و 5 أعلاه، فإن عليه أن يقدم مطالبته خلال سنة تحسب من اليوم الذي تحول فيه اللاعب إلى غير هاوٍ، وإلا فإن طلبه يكون مرفوضاً. أستاذ القانون التجاري المساعد بمعهد الإدارة العامة [email protected] لايزال موضوع انتقال اللاعبين بين الأندية يثير الكثير من الجدل بين الأطراف الرياضية من اللاعبين والأندية والوكلاء، وهنا يدلي أستاذ القانون التجاري المساعد بمعهد الإدارة العامة الدكتور عائض البقمي بدلوه في هذه القضية برأي"قانوني"مختلف.