توجهات المستقبل يناقش الابتكار والاستدامة والتصنيفات الدولية    ديمبلي يخضع لتدخل جراحي    الموافقة على البرنامج الوطني للتعاقب والتطوير القيادي    الاتحاد العربي للإعلام السياحي يعزز السياحة البينية العربية ويدعمها    نتنياهو يهدد بالعودة للقتال في غزة    1957 فنتشرز والبرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات «NTDP» يوقعان اتفاقية لدعم ريادة الأعمال التقنية في المملكة    «فيدرالي أمريكي»: لسنا متعجلين لخفض أسعار الفائدة    «عكاظ» تختتم دورة «صحافة الموبايل» وتواصل ريادتها في التحول الرقمي    إنطلاق مبادرة "يوم المجد الاحتفال بيوم التأسيس"    نائب أمير جازان يتسلم التقرير السنوي لأداء الخطوط السعودية بالمنطقة لعام 2024    توجّه لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي    ابن جلوي توج الفائزين في التزلج السريع الكرلنغ يخسر أمام اليابان في الأسياد الشتوية    الحكومة تطالب بتنسيق الإغاثة.. «الأونروا»: إسرائيل شرّدت 40 ألف فلسطيني في الضفة    وصول قوافل إغاثية سعودية جديدة إلى جنوب قطاع غزة    ملك الأردن يلتقي مستشار الأمن القومي الأميركي    هيئة الأدب تُطلق معرض جازان للكتاب 2025    رفع مستوى الجاهزية والاستعداد المبكر لرمضان    نائب وزير الخارجية يستقبل رئيس المكتب البريطاني لشؤون السودان    القوات البحرية تشارك في تمرين «نسيم البحر 15» في باكستان    رابطة دوري المحترفين تعدّل مواعيد 4 مباريات بسبب الوقت الإضافي وفترات التوقف    رغم تدهور العلاقات.. محادثات أمريكية - روسية في موسكو    25 مرتبة قفزة سعودية في المؤشر العالمي للحكومة الإلكترونية    نائب أمير تبوك يرعى حفل مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية بيوم التأسيس    فهد بن محمد يستقبل قائد دوريات أمن الطرق بطريق الخرج المعين حديثاً    مرور جدة: القبض على مخالفين روجا الحشيش    القتل تعزيراً لمروج مواد مخدرة في المدينة    انتهاء مدة تسجيل العقارات ل (58) حياً بالرياض والمزاحمية والدرعية.. الخميس    الموافقة على تأسيس جمعية الميتاجينوم والميكروبيوم    مانشستر يتوعد ريال مدريد.. الليلة    القادسية يحافظ على ميشيل جونزاليس    هل يفسخ ليفربول عقد صلاح ؟    «الرياض» ترصد احتفالات مدارس تعليم الطائف ب«يوم التأسيس»    «رونالدو» يحتفل بفوز «ميجيل» و«نونو» ببطولة البادل    رئيس الوزراء الصومالي يغادر جدة    الذهب يتجاوز 2900 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه    5 خطوات تضعك في حالة ذهنية مثالية    1,200 مصطلح متخصص في النسخة الثانية من «معجم البيانات والذكاء الاصطناعي»    أمير القصيم يرعى تكريم 27 من الطلبة الأيتام من حفظة كتابه الله والمتفوقين دراسيا    «بوسيل» ضحية تعنيف.. أم خطة ممنهجة لتشويه تامر حسني ؟    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    الإنسان قوام التنمية    حادث يودي بحياة معلمة بالمدينة المنورة    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    إلزام المطاعم بتنظيم حركة مرور مندوبي التوصيل    منع بيع التبغ في الأكشاك والبقالات    حرس الحدود ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    Google عن Deepseek تقنيات معروفة ولاتقدم علمي    إيلون ماسك: سأستعمر المريخ    أُسرتا مفتي ومؤمنة تتلقيان التعازي في فقيدهما    زهرات كريهة الرائحة تتفتح بأستراليا    فصيلة الدم وعلاقتها بالشيخوخة    علاج مبتكر لتصلب الأذن الوسطى    "مفوض الإفتاء بعسير": يستقبل آل جابر المُعين حديثًا    جمعية الكشافة السعودية تُشارك في اللقاء الكشفي الدولي العاشر    النمر العربي.. رمز التنوع الحيوي في المملكة وشبه الجزيرة العربية    حسن التعامل    شعبان.. محطة إيمانية للاستعداد لرمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين نيتشه وابن تيمية !
نشر في الحياة يوم 22 - 01 - 2010

لقد كنتَ - سابقاً - تصنف في دائرة المتشددين حين تكثر الاستشهاد بنصوص ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب ومن كان من مدرستهم معتقداً وفقهاً، أما بعد حادثة 11/9 فقد تطاولك تهمة الإرهاب، أو التأصيل للإرهاب. الانهزامية طاولت بعض النفوس، فأصبحت تتحاشى ذكر هذه الرموز، أو الاستشهاد بشيء من نصوصها أياً كان وجه الاستشهاد. وهي - بحق - انهزامية"لأن التهمة مرتّبة على ظنون وأوهام، أو على قراءة خاطئة - عند إحسان الظن -، ومدخل هذه الهزيمة النفسية انتفاش الباطل وسطوته واستعلاء صوته.
العجيب أن الذين وصموا ابن تيمية ومدرسته بالإرهاب والتأصيل له تجاوزوا رموزاً من فلاسفة الغرب مشهورة أصّلتْ وقعّدتْ - بطريقتها الخاصة - للإرهاب بما لا يحتمل التأويل ولا الاعتذار - ولو بغير نية -، وكان لخطابها الفلسفي اليد الطولى في بناء فكر إرهابي قائمٍ على مبدأ الاستعلاء واحتقار الآخرين، كانت هذه الأقلام الفلسفية مداداً لحركاتٍ إرهابية غربية - كالنازية مثلاً -، وعلى هذه النزعة الفلسفية الإرهابية استعرت أعنف الحروب في عصر التنوير والحضارة الحديثة، ومع ذلك كله لم نجد من وصم أولئك الفلاسفة بالإرهاب. بل ظلوا كما كانوا يدّعون لأنفسهم: قادة التنوير والفلسفة والمعرفة! ولم يزل المثقفون من بعدهم يتفاخرون بالانتساب إلى فكرهم والإفادة من فلسفتهم"حتى من العرب والمسلمين، ولن ينظر إليك أحدٌ بازدراء أو ريبة، ولن تطاولك تلك التهمة المعلبة لو أبديتَ إعجاباً بأحد هؤلاء الفلاسفة والمفكرين، أو استشهدتَ بأقوالهم، أو أشدتَ ببعض كتبهم.
لست هنا بصدد تجريدهم عن هذه الألقاب العلمية، أو انتقاص منزلتهم الفكرية ومكانتهم الثقافية، أو معارضة الإفادة من نتاجهم"ولكن هل كان هذا لأنهم محسوبون من الأعراق الغربية؟ أم شفع لهم كونهم فلاسفة يلحدون في الدين؟!
الفيلسوف"نيتشه"أحد هؤلاء المؤصلين لأخطر فكر إرهابي في القرن الماضي، نزعة التطرف بادية بشكل صارخ في مؤلفاته، صحيح أنه لم يؤسس قصداً للفكر النازي"لكنّ النازيين وجدوا في نتاجه الفلسفي الفكري مدداً لهم، وبنوا عليها وأفادوا منها كثيراً، ولذا عظموه، وجعلوا منه بطلاً، وبنوا له متحفاً. يقول نيتشه في كتابه إرادة القوة:"ما الحَسن؟ كل شيء ينمي في النفس الشعور بالقوة، وما القبيح؟ كل شيء يصدر عن الضعف. ما السعادة؟ هي الشعور بأن القوة نامية وأن العقبات مذللة. فلا قناعة بل مزيد من القوة، ولا سلم بل حرب، ولا فضيلة بل شجاعة".
ويقول في كتابه هكذا قال زرادشت:"أحبوا السلم كوسيلة إلى الحرب، والسلم القصير خير من السلم الطويل"وأيضاً:"لا أقول لكم اعملوا، بل قاتلوا. لا أوصيكم بالسلم، بل بالنصر. فليكن كل عملكم كفاحاً، وليكن كل سلمكم نصراً"،"إنكم تقولون: إن الغاية الحسنة هي الجديرة بأن تقدس كل شيء حتى الحرب، فأقول لكم: إن الحرب الحسنة هي التي تقدس بكل غاية"،"الحرب والشجاعة قد صنعتا للناس ما لم يصنعه الإحسان. وشجاعتكم لا عطفكم هي التي أنقذت المغلوبين".
ومن قبله قال إمامه شوبنهور:"إن الحياة تتوق إلى الازدهار والانتشار ولو بالطغيان على الغير وبسط سلطانها عليه". ينظر: قصة الفلسفة لوِل ديورانت، تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم.
والفيلسوف نيتشه هو ذلك المشهور بين أصحاب الدعوات الخلقية بتقسيمه الأخلاق إلى طرازين: أخلاق السادة، وأخلاق العبيد! وهو المشهور بدعوته إلى قياس كل من هذين الطرازين بمقياس يختلف عن مقياس الآخر. إنه شديد العداء للديمقراطية والمسيحية بما تحمله من معاني الشفقة والسماحة"لأنها في نظره تمثل أخلاق العبيد.
ونيتشه هذا وهو القائل:"إنه ليس للضعفاء من معونةٍ لدينا إلا أن نهديهم إلى طريق الفناء".
ونيتشه هذا هو صاحب المقولة الشهيرة"اذا ذهبت الى المرأة، فلا تنس السوط الكرباج"! كما في كتابه"هكذا تكلم زرادشت". يا لمفارقة الأقدار أن يعيش رسول القسوة وأكبر الناعين على الرحمة المحقِّرين للمرأة سنواتٍ من حياته ولا سند له غير امرأة عجوز هي أمه!
أليس من العجيب أن يُحترم فِكر هذا الرجل المريض الساخط، ويُسخطَ على فكر ابن تيمية رحمه الله؟!
* أكاديمي في الشريعة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.