تسارعت مساعي ربع الساعة الأخير، قبل تنفيذ الاتحاد العمالي العام في لبنان إضرابه العام اليوم، طلباً لزيادة الرواتب، والتي بذلها رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، في محاولة للتوصل إلى اتفاق «توافقي» بين الاتحاد والهيئات الاقتصادية. ولكن ما جرى التوافق عليه خلال ساعات النهار لم يلب ما وعد العمال انفسهم به وهو زيادة توصل الحد الأدنى للراتب إلى مبلغ مليون و250 ألف ليرة، إذ جاء الاتفاق ليرفع الحد الأدنى إلى 700 ألف ليرة فقط يضاف إليها 50 ألفاً بدل نقليات. وبقي الخلاف على تفاصيل تتعلق بالمبدأ التراكمي على الأجور، كما اعلن رئيس الاتحاد غسان غصن، والذي ظل يلوح مساء بمواصلة تنفيذ الإضراب. وإذ بقي الاتفاق رهن مشاورات ليلية وما يقره مجلس الوزراء الذي اجتمع عصراً، فإن ملامح الصيغة الأولية قضت برفع الحدّ الأدنى للأجور إلى 700 ألف ليرة بزيادة 200 ألف، على أن تكون الزيادة على الشطور وصولاً إلى سقف المليون و500 ألف، ورفع بدل النقل من 8 آلاف إلى 10 آلاف ليرة. مساعي سليمان وكان الرئيس سليمان التقى أركان الاتحاد العمالي في قصر بعبدا برئاسة غصن، في إطار العمل لتقريب وجهات النظر لمعالجة موضوع الأجور. وشدد وفق البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي، على أهمية «إبقاء الحوار قائماً ومفتوحاً بين الفرقاء المعنيين، لوضع تصور يضمن مصلحة الجميع حتى ولو كان غير مثالي في الظرف الراهن، على أن يتم لاحقاً البحث في العمق في سياسة اجتماعية شاملة لتصحيح الوضع بدءاً من الرواتب والأجور وصولاً إلى أسواق العمل». وإذ أشار إلى «ضرورة تحسين الأوضاع الحياتية للعمال»، دعا إلى «الأخذ في الاعتبار واقع الهيئات الاقتصادية بما يحفظ قدرتها على الاستمرار لأنها تشكل رافداً للاقتصاد اللبناني»، مجدداً الدعوة إلى «أهمية إعادة إطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي لكونه المكان والإطار الصالح والصحيح لقيادة الحوار بين فرقاء الإنتاج». وأطلع غصن رئيس الجمهورية على أجواء الاتصالات الجارية للمعالجة والمراحل التي بلغتها وأهمية معالجة موضوع الأجور والرواتب التي هي أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، على أن تتم المتابعة لاحقاً بهدف التوصل إلى وضع سياسة اجتماعية شاملة». ... ومساعي بري في هذه الأثناء، اجتمع الرئيس بري مع وفد من «الهيئات الاقتصادية» برئاسة عدنان القصار الذي شرح موقف الهيئات من المطالب العمالية والوضعين الاقتصادي والاجتماعي. واستمر الاجتماع أكثر من ساعتين. وقال القصار عن اللقاء انه «كان جيداً وبناء، وجرى تشاور بين رؤساء الهيئات الاقتصادية في التصور الذي قدمه الرئيس بري. وتجاوبنا مع الطروحات التي قدمها وكانت لنا في الوقت نفسه بعض التغييرات الجزئية، ونأمل بأن يتجاوب الاتحاد العمالي العام وينتهي هذا الموضوع». وأكد «أن أصحاب العمل ورؤساء الهيئات الاقتصادية يرغبون في التجاوب مع مطالب العمال، ويهمنا أن نؤمن للعامل وللموظف حياة كريمة، المهم ألا تنعكس العطاءات التي ستقدم سلباً على سوق العمل وتزيد البطالة». وثمّن القصار «الدور الذي لعبه الرئيس بري وكذلك الرئيسان سليمان وميقاتي على صعيد إدارة المفاوضات، للتوصل إلى حل يجنّب البلاد المزيد من الخضّات الأمنية والاجتماعية». وخلال إدلاء القصار بتصريحه، وصل وفد الاتحاد العمالي برئاسة غصن فناداه القصار إلى المنصة وتصافحا. وقال القصار: «نحن والاتحاد العمالي العام أخوة ويهمنا أن نكون مع بعضنا بعضاً لما فيه مصلحة العامل وصاحب العمل. وآمل بأن نصل إلى الشيء الإيجابي». وبعد اجتماع بري مع وفد الاتحاد العمالي والذي استمر ساعة، قال غصن إن الاجتماع «كان إيجابياً جداً في شأن ما طرحناه، وبالنسبة إلى النقاش مع الهيئات الاقتصادية هناك تقارب مع مطلب الاتحاد العمالي العام، وسنستكمل التشاور ونزور الآن رئيس الحكومة لاستكمال ما بدأناه مع الرئيس بري». اجتماعات ميقاتي وانتقل وفد الهيئات الاقتصادية وكذلك وفد الاتحاد العمالي إلى السراي الكبيرة، وأعلن غصن بعد لقاء ميقاتي:» ماضون في الإضراب غداً إلى أن يصحح الأمر». ورأى أن «هناك كلاماً على موجتين، خصوصاً في موضوع الشطور. وأردنا أن تكون الزيادة تراكمية لأن الراتب تراكمي، وكانت هناك إيجابية في العرض بداية، ولكن تبين لاحقاً أن لا سلة متكاملة، وما عرض علينا لا يصلح حتى بمنطق المكرمات». واكد المضي بالاضراب «لكن هناك امكان كل خمس دقائق التوصل الى اتفاق، نحن لم نقطع الحوار مع احد اذا كان هناك من تصويب لما بنينا عليه القاعدة». رواتب أساتذة «اللبنانية» وكان ميقاتي ترأس سابقاً اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة درس موضوع سلسلة رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية (المضربين عن العمل حتى تحقيق زيادة الرواتب أسوة بالقضاة)، في وقت نظم الأساتذة اعتصاماً حاشداً في ساحة رياض الصلح طلباً لتحقيق مطالبهم. وقال وزير التعليم العالي حسان دياب بعد الاجتماع: «بحثنا في الجوانب المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب للأساتذة، وسنتابع الموضوع مع رابطة الأساتذة المتفرغين لمعالجته في أسرع وقت ممكن». وأكد «أن هناك حاجة لحل مسألة الدورة الثانية للامتحانات سريعاً، لأنه لا يجوز أن يبقى مصير الطلاب معلقاً، وستكون هناك متابعة مع الرئيس ميقاتي واللجنة الوزارية للوصول إلى حل سريع». والتقى ميقاتي رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين الذي أمل من الحكومة «متابعة موضوع مطالب الأساتذة بكل جدية، وأن تكون النتائج إيجابية في وقت قريب تسهيلاً لإجراء امتحانات الدورة الثانية لطلاب الجامعة ومن أجل بدء عام دراسي جديد بصورة طبيعية»، واعداً بالتعويض على الطلاب الفترة الماضية القصيرة نسبياً التي تعطلت فيها الدراسة الجامعية. نحاس: الدولة ليست شيخ صلح وكان وزير العمل شربل نحاس اكد لإذاعة «صوت لبنان» أن «المشكلة ليست في الإضراب الذي يدعو إليه الاتحاد العمالي وليس الهدف تعطيله وإنما هناك تراكم في المشاكل»، وقال إن «الدولة أمام تحد فإما أن تأخذ قراراً لتصويب المسار أو تترك الأمور تسير على سجيتها». وأكد أن «الدولة ليست شيخ صلح إنما يجب أن يكون لديها مخطط اقتصادي لإصلاح الأمور حتى يتوقف اللبنانيون عن الهجرة». وكانت قطاعات نقابية عمالية على مستوى لبنان والمناطق، وجهت دعوات صباحاً إلى الالتزام بالإضراب اليوم، فيما اعلن القطاع النفطي في لبنان في بيان، بعد اجتماع استثنائي خصص لبحث موضوع زيادة الأجور وتأثير ذلك على هذا القطاع، «أن هذا القطاع مرتبط بقرارات تصدر عن وزارة الطاقة، وأي قرار بزيادة الأجور يجب أن يتبعه تعديل بجدول تركيب الأسعار الصادر عن الوزارة يلحظ به الأعباء الإضافية. وهناك قرارات سابقة صادرة عن وزارة الصناعة في حينه، أكدت انه «يعاد النظر عند الاقتضاء في حصة شركات توزيع المحروقات السائلة في ضوء غلاءات المعيشة التي يقرها مجلس الوزراء». إعفاء أميركي للبنان الى ذلك، أعلنت السفارة الاميركية لدى لبنان في بيان صادر عن مكتبها امس، ان «السفيرة مورا كونيللي أبلغت ميقاتي بقرار للرئيس باراك أوباما في 4 الجاري يقضي بمنح لبنان «إعفاءً عن العقوبات المتعلقة بالإتجار بالبشر من أجل السماح باستمرار المساعدات الأميركية إلى لبنان التي كانت في خطر بسبب وضعه في فئة المراقبة رقم ثلاثة في التقرير السنوي حول الاتجار بالبشر لعام 2011». وأشارت السفارة في بيانها، إلى أن واشنطن «تعرب عن تقديرها للجدية التي تتعامل بها حكومة الرئيس ميقاتي والمجتمع المدني اللبناني مع القضايا المتعلقة بمكافحة الإتجار بالبشر». ورحبت كونيللي، وفق البيان، ب «الخطوات الأولية التي اتخذتها حكومة لبنان في هذا المجال وتعهدت بمواصلة التعاون في مجال حماية ضحايا الإتجار، وملاحقة الجناة، ومنع انتشار الإتجار بالبشر».