حرص القائمون على برنامج تطوير منطقة قصر الحكم على الاستفادة مما تحمله هذه المنطقة من أهمية وطنية خاصة، تتمثل في احتضانها للميلاد الحقيقي لمدينة الرياض، وكونها المنطلق لإرساء دعائم المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. واستثمر البرنامج المزايا والمقومات التي تتمتع بها منطقة قصر الحكم، على اعتبارها العنصر الأبرز في معالم مدينة الرياض القديمة، في ظل ما تنفرد به من ساحات شهيرة، وبوابات تراثية، وأسواق رائجة، وعمارة تقليدية، ومعالم تاريخية، تتمثل في كلٍّ من جامع الإمام تركي بن عبدالله، وقصر الحكم، وحصن المصمك.
وقد جاء برنامج التطوير ليعالج الآثار التي شهدتها منطقة قصر الحكم، نتيجة الطفرة العمرانية التي شهدتها الرياض وظهور أحيائها الجديدة، وانتقال النشاطَيْن التجاري والسكاني إلى أجزاء أخرى من المدينة.
وعانت منطقة قصر الحكم أواخر القرن الهجري الماضي، من الأعراض التي تعانيها المناطق التاريخية في معظم المدن الحديثة، من قبيل هجرة السكان وضعف البرامج الاجتماعية والاقتصادية وتراجع اهتمام السكان بالمنطقة.
وعملت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على تنفيذ برنامج لتطوير المنطقة من خلال عدة مراحل؛ شملت الأولى ترميم حصن المصمك وتحويله إلى متحف، وإنشاء مقر الإمارة، ومقري الأمانة، والشرطة للمنطقة، وتطوير الطرق والمرافق الخدمية في المنطقة، وتكثيف التشجير وتنسيق المواقع.
وشملت المرحلة الثانية إعادة بناء جامع الأمير تركي بن عبد الله (الجامع الكبير)، وقصر الحكم، والساحات والميادين المحيطة بهما، ومركز المعيقلية ضمن مشاركة القطاع الخاص في تطوير المنطقة، والتي شكلت معظم مشاريع المرحلة الثالثة من المشروع، وتضمنت مركزي التعمير و"بن سليمان" التجاريين.
واشتمل برنامج التطوير على إعادة إنشاء الساحات العامة الشهيرة في منطقة قصر الحكم، والتي تتكون من كل من: "ميدان العدل"، و"ساحة الإمام محمد بن سعود"، و"ساحة الصفاة"، وتحويلها إلى وجهة مفضلة لسكان الرياض، وتنظيم العديد من البرامج والفعاليات التنشيطية في هذه الساحات كاحتفالات عيد الفطر المبارك.
وامتد برنامج تطوير المنطقة إلى إعادة بناء وترميم بوابات الرياض التاريخية، وأشهرها بوابة الثميري، وبوابة دخنة، وبرج الديرة، وأجزاء من سور المدينة القديم، وتطوير المنطقة تجارياً، وتوفير البنى التحتية والمرافق الخدمية في المنطقة.
وتضمنت الجهود بعض المشاريع الحيوية وفق تصاميم تتوافق مع عناصر المنطقة، ومن أبرزها إنشاء مركز الملك عبد العزيز التاريخي، وتطوير مقر المحكمة العامة، ومقر المحكمة الجزائية، وتنفيذ الجزء الأوسط من طريق الملك فهد الذي يخترق المدينة من جنوبها إلى شمالها مروراً في وسطها ومنطقتها المركزية، كما أنشأت متنزه سلام.
وتعمل الهيئة حالياً على تطوير كلٍّ من حي الدحو التاريخي المجاور، وتطوير منطقة الظهيرة الواقعة بين منطقة قصر الحكم ومركز الملك عبد العزيز التاريخي.
وقد نالت عناصر برنامج تطوير قصر الحكم العديد من الجوائز العالمية؛ فقد فاز جامع الإمام تركي بن عبدالله بجائزة "أغا خان" العالمية للعمارة، في دورتها السادسة المنعقدة في مدينة سولو بإندونيسيا عام 1415ه (1995م).
واختارت "جمعية المعماريين الدنماركية"، ساحات "قصر الحكم" بوسط مدينة الرياض، كإحدى أفضل الساحات في العالم، وذلك ضمن كتاب أصدرته الجمعية عام 1422ه (2002م) تحت عنوان: (الساحات الجديدة للمدن).
وجاء اختيار ساحات منطقة قصر الحكم في الكتاب، لتحقيقها أعلى درجة من الدمج بين الوظائف الدينية والثقافية والتجارية والإدارية في المنطقة، وتأكيد تصميمها العمراني على أصالة المنطقة وعراقتها التاريخية واحتفاظها بالطابع المحلي.