سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس "أدبي جدة" يؤكد أن الحداثة هي التي "فرملت" نفسها ... ورفض أن تكون الأندية الأدبية مؤسسات مدنية تدعمها الدولة . القحطاني : أن يأتي مجلس منتخب ويظل رئيسه ربع قرن ... يعني أنه "انتخاب فاشل ومعطل" !
حَمَلَ رئيس النادي الأدبي في جدة الدكتور عبدالمحسن القحطاني شيئاً في نفسه علينا قبل أن نحمل أسئلتنا ونقطع المسافة باتجاه الحوار معه، ذلك أن"الحياة"ناكفته مرتين لم يحتمل الأولى فاحتج بقوة، وتقبّل الثانية بصدر رحب واستجاب للطرح حين أحال إصدارات النادي إلى مصحح لغوي آخر تفادياً لما عرضناه من نقد للأخطاء اللغوية فيها، إلا أنه لم يقف مدافعاً عن مطبوعات ناديه، بل بادر بشرح المنجز واستدراك الفائت مذكّراً بما كانت تقع فيه الإصدارات في عهد المجلس السابق من مثالب بلغت حد نشر بحوث ومقالات مسروقة، نافياً ممانعته تولّي المرأة رئاسة الأندية ومشفقاً عليها في الوقت ذاته من ضعف شعبيتها الثقافية، وبإحساس محاور مستفز أزعم أن نرجسية القحطاني تلاشت حين اقتربنا منه، ونجحنا في إشراكه في فتح الجراح والوصول إلى مناطق محظورة، على رغم حرصه على الاحتفاظ بشيء من طموح لم يعبّر عنه إلا أننا استقرأناه بين السطور ووراءها من خلال ديبلوماسيته في الرد ومداورته في الإجابة عن بعض استفهاماتنا... وإليكم نص الحوار: تشكّل مجلس إدارة النادي الأدبي في جدة منذ نحو ثلاثة أعوام... هل جئتم إلى النادي برؤية جديدة، أو باستراتيجية ثقافية لهذه المرحلة، ولا سيما أن التكليف محدد بأربعة أعوام؟ - حينما يأتي فريق عمل جديد في مكان ما، يُفترض فيه ألا ينسف الماضي، أو يتنكر أو ينكر إيجابيات الماضي، أو يعمد إلى تجاهله أو تسفيهه، وعلى أي مجلس جديد أن ينظر إلى المنجز، وما يحتاج إلى بناء إضافي يضاف، وما يحتاج إلى تغيير تام يغير. وأحسب أن أي مجلس إدارة إذا جاء على تاريخ لمؤسسة من المؤسسات، فعليه أن يتعامل مع منجز هذه المؤسسة، ويبني عليه، ونحن نحاول الآن جاهدين ترسيخ الفكر المؤسساتي، أكثر من ترسيخ الفكر الفردي، أو الجهود الفردية، لأن الجهد الفردي سينتهي بانتهاء صاحبه، ولكن الفكر المؤسساتي سيظل قائماً ما دامت المؤسسة، والمجلس جاء على منجز في نادي جدة الأدبي، وكنت عضواً في مجلس إدارة النادي في السابق، مع زميلي الدكتور حسن النعمي، وأعرف كل الظروف التي واكبته، وكل منجزاته، وليس من وظيفتي - رئيساً للنادي - أن آتي لأهدم، أو أغيّر من أجل التغيير، لا أنا، ولا المجلس معي إذا لماذا جئتم؟! - جئنا لنضيف، تلك الإضافات - من غير شك - تحتاج إلى جهود كبيرة، فالموقع عندنا ضعيف، والقاعة صغيرة، والمكتبة قلة مرتاديها، ومن ثم نحاول التركيز على البنية التحتية، ونحافظ على المنجز، ولم نقف عند الدوريات، وإنما فعَّلنا البرنامج الثقافي، ونطبعه سنوياً، ونحاول الالتزام به، وكنا أمام تحدٍّ مع أنفسنا. ومع جمهورنا، لأن نكون أوفياء لهم، وهذا البرنامج الثقافي هو من منجز المجلس الجديد، لأنه في كل عام يقدم حزمة من المحاضرات والأنشطة، ويحاول أن يحافظ على موعدها، فملتقى قراءة النص لم نغيره قط، ولم نؤجله عن موعده، وفي السابق ربما كانت بعض الظروف تفرض عليه التأجيل، أو الإزاحة، ولكننا - والحمد لله - لم نتعرض لذلك، والتاريخ المحدد للبرامج هو نفسه تاريخ تنفيذ الفعاليات وإقامتها، مهما كانت العقبات، وذلك في حد ذاته إنجاز. ومن ثم فالمجلس الجديد يحاول أن يتطلع إلى إضافات، وإلى تشييد بناء معرفي، وألا يقف عند منجز واحد، فهناك الدوريات والمحاضرات، والاهتمام بمقر النادي، لأنني أؤمن بأهمية الثقافة الإدارية، وحين تدخل مكتباً يشعرك من الوهلة الأولى بأنه يحمل ثقافة إدارية، فنحن الآن في عملية بلورة وتغيير. ماذا عن القسم النسائي؟ وكما تعرف كان القسم النسائي معزولاً في مكان قصي - في حيز من الصفيح - وظل أعواماً على حاله، وأعتقد بأننا نجتهد هذه الأيام لتغيير هذا الوضع بما يليق بالثقافة والمثقفات وبنادي جدة الأدبي، وأصبحت القاعة الوحيدة بالنادي مقسومة بين المثقفين والمثقفات، إلى أن يتم الانتهاء من القاعة الجديدة. الانسجام والقرار ما رؤيتك لمجلس إدارة نادي جدة الأدبي، ومدى انسجام هذه التوليفة وتكامليتها فريقَ عمل واحد؟ - بفضل الله لدينا انسجام كبير جداً بين الأعضاء كافة، مع اختلاف طروحاتنا، وهذا هو الشيء الجميل، ونحن نتناقش، وكل يدلي برأيه، ولم يحدث أن صوّتنا على قضية، وإنما بعد أن نتناولها بالمناقشة والدرس والتمحيص يأتي الإجماع عليها، حتى ولو لم تكن مع اتخاذ هذا القرار، ولكن الموافقة عليه جاءت بالغالبية، فعلينا أن نحترم رأي الغالبية، أو شبه المجمع عليه. كأنك تنفي ما يمكن وصفه بالمركزية، وقد عُرف عنك ذلك، باعتبار مكانتك الأدبية والفكرية والأكاديمية والاجتماعية... ألا تشعر بوجود نوع من المجاملة لك في تمرير بعض الأشياء، أو رفض بعضها؟ - هل المجاملات لحسابي الخاص، أو لمصلحة شخصية، أم هي لحساب المؤسسة، ولمصلحة النادي، وخدمة الأدب والثقافة، وأدلل بأني حينما أتقدم للمجلس ببرنامج ما، أو بمشروع ما، فالمجلس يتناوله بالدرس والمناقشة، وإذا كان لدى المجلس أو أحد أعضائه بديلاً عن ذلك فمن حقه طرحه، وإن لم يكن هناك بديل، وهناك ملاحظات على المشروع المطروح يتم تدوينها والأخذ بها، وحينما أقترح مشروعاً على المجلس لا أقدمه خلواً من الدرس، فلا بد من أن يكون مشروعاً مُحَيَّثاً، والمجلس يسعى لتحقيق مصلحة النادي. ألا ترى أن حساسيتك المفرطة تجاه بعض القضايا يمكن أن تكون عائقاً دون تنفيذ بعض البرامج والأفكار، ولا سيما أن هناك جيلاً شاباً معكم في النادي له رؤية، وله تطلع؟ - لا أفهم نوع الحساسية التي تتحدث عنها، أريد منك أن توضحها! وماذا تعني بها؟ أعني أن الجيل الشاب له طموحاته وتطلعاته، واندفاعه أحياناً وأنت رجل صاحب خبرة، وصاحب تجربة، وأيضاً تفاوت وفارق العمر يحكم المسافة بينكم؟ - في هذا أزعم أنه لا تحسس من جيل الشباب، وعلى العكس، لا آخذ قوتي إلا من أمل الشباب، والجميع يتطلع إلى رؤية الشباب، فالشباب هو المستقبل، وعلى الشاب إذا طرح رأياً أن يتسع للرأي الآخر، إلى الخبرة، إلى وجهة النظر، وستجد طروحاته مناقشة جادة، واهتماماً بها. هل ترى أن عمر المجلس الجديد، المحدد بأربعة أعوام كافٍ فعلاً، لأن يمرر مشروعكم، أو قضيتكم التي عمل عليها المجلس؟ وما مدى شعوركم بالرضا عن إنجاز المهمة بالفعل في هذه المدة؟ - أحياناً البدء في الشيء هو ضرب من الإنجاز، لأنك تضعه أُساً للغير، وما على الغير إلا أن يتممه، فأنت تبدأ، مستنداً إلى المنهج النبوي"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، ونحن سنعمل بالحس ذاته والحماسة نفسها حتى آخر ثانية من عمر المجلس، وكأننا باقون العمر كله. الحداثة والثمانينات يرى بعضهم أن سبب مجيئك النادي"فَرْمَلة"الحداثة في أدبي جدة، أو ترشيدها - بمعنى أصح - لأن النادي الأدبي أُسِّس مع العواد صاحب التطلعات للحداثة، وجاء عبدالفتاح أبو مدين وأضاف إلى مشروع الحداثة في السعودية، وعندما جاء الدكتور عبدالمحسن، وكأنه راعى التوازن بين التقليد والتجديد، بين الأصالة والمعاصرة، فخَفَتَ وهج الحداثة على يديك؟ - الحداثة نفسها قدمت وهَجاً معيناً في زمن ما، وقامت بدور لا ينكر في الثمانينيات، ولكن روادها أنفسهم تراجعوا عن بعض طروحاتهم، فالقضية ليست قضية عبدالمحسن القحطاني، وأنا لست ضد الحداثة، ويمكنك أن تعتبرني حداثياً، ولكن بشرط ألا تدخلني في التحزب، لأن المتحزب لا بد من أن يدافع عن السلبيات، وأنا رجل انتقائي، وهذا الانتقاء يجعل عيون المنتقي مبصرة في كل شيء، أو يجب عليها أن تكون كذلك، وأن تكون متفتحة، ولا تغمض أجفانها عن رؤية جميلة، بغض النظر عمن قدمها، فالحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها، أما كلمة"فرملة"، فالحداثة فهي التي"فرملت"نفسها. والبرنامج الثقافي الذي تراه وتتابعه، والأسماء التي تأتي لتحاضر وتلقي بأوراقها، لم أقف يوماً ضد شيء منها، ولا أظن أنني سأقف ضد التنوير، فأنا تنويري عقلاني، ودائماً أردد"منبر النادي منبر حر"، وعليه أن يصفّي نفسه بنفسه، ولا أمنع أي صوت قادم، وأنا على يقين بأنه لو كان غيري في هذا المكان، لم يكن ليدفع بالموقف التنويري أكثر مما أدفعه به ومعي مجلس الإدارة. أين تقف من تطبيق اللائحة الجديدة؟ وما رأيك في التمديد للمجالس الحالية، حتى تكتمل رؤية المثقفين حول آلية الانتخابات، وهو ما يمكّنهم من فهم آلية الانتخاب والتصويت، وتطبيق اللائحة الجديدة؟ - أنا مع الانتخاب في كل الأندية الأدبية، وأدعو لأن تكون المجالس منتخبة، والانتخاب شيء جميل، وقد مارسناها في الجامعة، ولكن بعض الناس الذين يتغنون على الانتخابات لم يسند لأحدهم منصب ما في يوم ما بالانتخاب، وإنما كلها بالتعيين، حتى في ما يتعلق بالانتخابات في المجالس الماضية، غنّوا عليها طويلاً ودندنوا حولها. وهنا أسأل: هل من المعقول أن يأتي مجلس منتخب ويظل رئيسه نحو ربع قرن في مكانه، إذاً هذا انتخاب فاشل مريض أعرج، معطل؟ وأسأل: لماذا عُطّل، ما دامت الدعاوى قائمة بأننا بدأنا بالانتخاب، فلماذا لم تستمر الانتخابات؟ ولماذا أتت التعيينات، علماً بأن رؤساء مجالس الإدارات السابقة للأندية منهم من ظل 25 عاماً، ومنهم من ظل 27عاماً! فهل هذا يتوافق مع مفهوم الانتخاب، وأكثرها جاء تعييناً، ونظل نتغنى على ذلك، ليقول بعضهم إن وزارة الثقافة انتكست، والانتخابات انتكست. الانتكاس كان في الماضي البعيد مع ما كان يحدث، أما الآن فهناك لائحة، وقد أُنجزت بالفعل، ونرجو أن تخرج من القنوات القانونية، وغيرها من القنوات لتأخذ صورتها النهائية. القطيعة والبرود الثقافي هناك ما يشبه القطيعة، أو البرود العاطفي، أو الثقافي - إن صحت التسمية - في العلاقة بين المثقف والمؤسسة الثقافية... أين التفاعل، ربما لا نراه مع ناديكم إلا مع الأسماء البارزة، أو اللامعة، ثم يتدرج في التدني بحسب نوعية الضيف واسمه وحضوره، أهو قصور التسويق، أم الحاجة ماسة إلى إعادة النظر في آليات الفعاليات حتى تستقطب أكبر عدد من الجمهور؟ - الأندية الأدبية عليها أن تصمم برامج لتناسب جميع الشرائح، ليس بالضرورة أن أطالب المتلقي بحضور جميع فعاليات النادي، وإنما بحسب إمكان الانتقاء، سواء من المادة أم الأسماء المطروحة، فعلى الأنشطة أن تراعى الشباب، والفكر، والفلسفة، والأدب، والإبداع بوجه عام، لتكمل المنظومة، وتكون أبواب النادي مفتوحة. ولكن لا تتوقع من الجمهور أن يحضر الأنشطة كافة، فهذا غير مطلوب، ولكن للجمهور الحق في توفير مادة، ونحن نسعى إلى توفيرها من خلال مناشط النادي الأدبي الثقافي عبر موقع النادي على الإنترنت، ليتابعها من أراد، حتى ولو من داخل بيته، إذ إن محاضرات النادي بالفعل تُحمَّل مباشرة على الموقع. كيف ترى تحويل الأندية الأدبية مراكز ثقافية أو أن تصبح أندية ثقافية، بعيداً عن الحصر في الجنس الأدبي؟ - المركز الثقافي أشمل وأعمق، ولكن علينا أن نكوِّن منظومات لا يأكل بعضُها الآخرَ، وإنما يعضد بعضها بعضاً، فالمركز الثقافي تجد فيه المسرح، والفن التشكيلي، والأمسية الشعرية، والأمسية القصصية، والرواية، والفكر، والفلسفة، وهذا يساعد على النقلة المعرفية عند الشبان والفتيات، وهذا شيء جميل. وأرى أن الأندية الأدبية أصبحت نواة للمراكز الثقافية، وليس أدل على ذلك من أن بعض الأندية، ومنها نادي جدة، بدأ بالانتشار والتمدد، فنادي جدة أسس لجنة في القنفذة، ولها أنشطتها، وأخرى في خليص، ولها أيضاً أنشطتها، وقد شرّعنا الانتخاب في اختيار هذه اللجان، وكُتب بذلك إلى وزارة الثقافة والإعلام. بماذا يمكن وصف بعض معوقات عمل الأندية الأدبية في الفترة الحالية، والتي تحول دون تحقيق طموحات المثقف؟ - أنا أُكبِر في المثقف طمعه المعرفي إذ هو مشروع، والإحساس بالنهم المعلوماتي فضيلة، ولكن في مقابل هذا الطمع الكبير وبخاصة من المثقف الذي يريد فعلاً أن تنشط الأندية الأدبية نشاطاً متألقاً، نسأل: هل تستطيع الأندية الأدبية بأوضاعها الحالية أن تحقق هذه الرؤى والتطلعات كاملة؟ وأجيب بنعم تستطيع، ولكن بشرط، تحديد مطالبات المثقف، وتوصيف المثقف المنصف فعلا فأنا لا أريد أن تصبح الثقافة شماعة، وللأسف الشديد باتت كذلك، واتخذها كل صاحب توجه مشجباً لتعليق إحباطاته أو إخفاقاته، أريد من المثقف الإنصاف والحيادية قدر الإمكان في ما يطرح وفي ما يطالب به، وأن يراقب ضميره، أما إذا حاد عن العدل في الطرح، فسيكون ظالما للثقافة وللوطن وللمنجز. معوقات الأندية هل هناك معوقات أخرى تبطئ سيرورة عمل الأندية؟ - على الأندية ألا تتثاءب، وألا تخضع للمعوقات، لأنك في مكان مزدحم، ومن ثمَّ عليك أن تخرج من هذه الزحمة بشكل ما، فأحياناً تأتي المعوقات من تطبيق النظام، فالنظام أس الحياة، ولكن ليس بالضرورة أن من يمرر النظام يكون على وعي دقيق بالمنجز الثقافي، وبالطرح الثقافي، فربما تكون لديك قدرة فائقة على الإدارة، ولكنك غير معني عملياً بالطرح الثقافي. فهناك من يركز على إنجاز الأشياء الإدارية، وهناك من يراعي المنجز الثقافي والإبداعي، ومن ثمَّ فإن الإدارة أحياناً تعوق، والمعاملات البيروقراطية أحياناً تعوق، ولا سيما أننا في زمن أبرز سماته السرعة، في ظل تحولنا إلى الميكنة بصورة واضحة، وهذا يعني سرعة فائقة في الإنجاز، زد على ذلك العائق المادي، علماً بأن وزارة الثقافة في الحقيقة تدعم المشاريع بمشاركتها في تحمل كلفة الملتقيات. ما رؤيتك في توحيد موازنة الأندية الأدبية، وعدالتها، وإعطاء ناد قصي لا ينفذ برامج كتلك المنفذة في أدبي جدة الموازنة ذاتها؟ - طالما أن الأندية لم تخضع للفئوية، فمن العدل أن تكون إعاناتها موحدة، ولكن إذا وضعتها في خانة فئات ستدخل في مأزق، مَن يحدد الفئات، والدولة وضعت نظاماً، وأعطت منحاً فما يمنح من الوزارة لا يدرج في قائمة الموازنة، لأن الأندية الأدبية يُفترض أن تكون مؤسسات مدنية، والدولة تدعمها، وهذا الدعم من قبيل المساعدة، وعلى الأندية أن تنطلق، وكثير من الإخوة المتعاملين مع الأندية الأدبية ليسوا على وعي بهذا الأمر، إذ يعدون المبالغ موازنة، هي ليست كذلك، بل هي منحة. طالب بعض المثقفين بإنشاء اتحاد أو رابطة أو جمعية، للكتاب والمثقفين السعوديين، لأننا حين نقول إن الأندية الأدبية هي مؤسسات مدنية، وهي تتلقى الدعم من الدولة، فمعنى ذلك أنها غير مستقلة؟ - يا أخي كذلك الحال بالنسبة إلى الصحف، فهي تتلقى دعماً دائماً من الدولة وهي تحسب مؤسسات مستقلة. ألا ترى أنه آن أوان تأسيس اتحاد أو جمعية للكتاب في السعودية؟ - بعض الاتحادات في العالم العربي يقع في حيرة وحرج حين يريد توجيه دعوة أو مخاطبة جهة، من نوع أين يوجه خطابه، ولمن؟ إذا أراد مخاطبة مثقف ما، أو أديب ما، إذ هي لا تخاطبه بشخصه، وإنما تريد مرجعية يتم التعامل من خلالها. ونحن الآن مرجعيتنا وزارة الثقافة، وأرى الحل في تأسيس مجلس أعلى للثقافة، إذا تم إنشاؤه، ولا أمانع من وجود اتحادات مستقلة، ونحن لا نحمِّل وزارة الثقافة أي لوم في هذه الأمور، فهي تطلق الحرية كاملة للأندية الأدبية، وعلينا أن نفتح آفاقاً أخرى طالما نرغب في أن تكون مؤسسات مدنية، إلا أنها لن تكون كذلك، في الوقت الذي نطالب فيه بدعم الدولة لها مئة في المئة، إذ لا يستقيم مطالبتها بالمدنية هنا ومطالبة الدولة بالدعم هناك. المرأة والنادي الأدبي كيف ترى حظ المرأة في الأندية ونادي جدة الأدبي؟ وما مدى انسجام المجلس مع اللجنة النسائية؟ - نشاط النادي في برنامجه الثقافي، لو اطلعت عليه، لوجدت فيه الكثير، وفي الحقيقة لا أرغب في الفصل بين الرجل والمرأة في النادي، ولكن نظراً إلى طبيعة المرأة في بعض المناشط، أعطيناها الحرية، ومع ذلك، ومن الجميل، أن كل أنشطة النساء يطالبن فيها بحضور الرجل، مع أنهن اللائي يدرن مناشطهن، ولكننا - رجالاً - نحضر هذه المناشط، ويجدن سعادة في ذلك. وكما رأيت في يوم المرأة العالمي، وما حدث فيه من تكريم للسيدات، وحضره عدد كبير من الرجال، فاللجنة النسائية في انسجام كبير مع مجلس الإدارة، ولكن المرأة بطبيعتها تطالب بالأكثر، وزميلاتنا في اللجنة النسائية لديهن توق إلى أن يكن عضوات في مجالس الإدارات، وهذا - إن شاء الله - سيحدث مع اللائحة الجديدة، لأنها تعطي الحق الكامل لها في ذلك، ومن ثمَّ نرجو أن تكون المرأة عضواً فاعلاً في المجلس، مع أننا لا نقيم نشاطاً أو برنامجاً ثقافياً إلا بعد التنسيق مع اللجنة النسائية، وهذا رد عملي على من يزعم أني ضد المرأة في الأندية أو رئاستها. تعمل مع فريق مكون من مناطق عدة جازان، الباحة، ورجال ألمع، والقنفذة، ومناطق أخرى، إضافة إلى جدة... فكيف ترى هذه التعددية عندما تعمل فريقاً واحداً؟ - هذا تنوع جميل، وتوليفة أجمل، وكنا نطمع في مثلها في الجامعات قبل 40 عاماً، وبالفعل تحققت في الجامعات، وها هي تتحقق في كل أروقة الدولة الآن، ونحن نجتمع تحت مظلة واحدة، وفي ميدان واحد، لا نفكر من أين جئنا، ولكن نفكر في ماذا سنفعل لهذا البلد؟ وحين نطرح أية قضية، لا نطرحها إلا برغبة جامحة لأن نقدم خدمة للإنسان، ولهذا الوطن. وبالمناسبة، النادي الأدبي في جدة له رؤية وضع قدمه في السعودية ورأسه مطل على العالم العربي، لم ننكفئ على ذواتنا أبداً في النادي، فما رأيته من جازان، أو من رجال ألمع، أو من نجد، أو من جدة، أو من المدينة، أو غيرها، كلنا جئنا ونحن نتطلع إلى كيف نخدم أمتنا العربية والإسلامية بأطروحاتنا، سواء كان ذلك في محاضراتنا، أم في منجزنا الثقافي، أو دورياتنا، فنحن ناد ثقافي عربي، وطمعُنا بالخروج على العالم العربي نابع من رسالة السعودية، وهي رسالة عروبية واضحة، وإسلامية ممتدة. ربما أنت بمنأى عن هذا الاتهام، ولكن هناك من يتهم أن في نادي جدة الأدبي - مع غيره من الأندية ? بأنه أصبح هناك عملية تبادل منافع، فمن يدعُنا ندعُه، ولا سيما على مستوى الشباب المنتجين إبداعياً، شعراً أو سرداً، فأصبحت الدعوات كأنها تبادلية... كيف ترى هذه المعادلة؟ هل هي موضوعية؟ - أحياناً تأتي هذه الأمور بالمصادفة لأن الأسماء الموجودة في المشهد الثقافي معروفة، وحين نريد توجيه دعوة نعود إلى البحث عن السيرة الذاتية، لنتعرف على كل من قدَّم رسالةً أو بحثاً، حول الموضوع أو القضية المراد تناولها ومن ثم توجه الدعوات، وبعض المدعوين والمدعوات يصعد منبر نادينا للمرة الأولى. النادي يتحسس من يشتغل على المحور المطروح، أما مسألة التبادلية للمنافع، فما أراه أن بعض زملائنا في الأندية يرفض الدعوة، ويفضّلون دعوة من هم خارج مجالس الإدارات، ويشعرون بالتزاحم، ولا أنفي الانتقائية المقصودة، ولكن لا أحمِّل عليها كل القضايا، أو كل السلبيات، فمن عنده طرح جميل، فالباب أمامه مفتوح، وأعتقد بأن نسبة دعوة الأعضاء لا تتجاوز الخمسة في المئة ممن يشاركوننا فعاليات ملتقى قراءة النص بأوراقهم أو أمسيات ومحاضرات النادي طوال العام. متى يمكن تجاوز الملتقيات السنوية في الأندية الأدبية في ظل تراجع فاعليتها، وانحسارها في نخبوية أكاديمية ومقدمي أوراق فحسب؟ - سؤالك وجيه، إذ علينا فعلاً أن نتأمل هذه القضية، ونحن الآن نسارع الخطى في قضية الملتقيات، ولكن لو جئنا على آثار الملتقيات لوجدناها تحولت إلى مطبوع، وإلى متداول، فمن لم يحضر، سيجد المنجز مطروحاً وممكن الحصول عليه، لا ننكر أن الكلفة مرتفعة على الأندية، وأن هناك أسماء مكررة، وعلينا بالفعل أن نبحث عن أسماء جديدة، تكون مهمومة بهذه القضايا، وفي الجزئية التي تُطرح. فحينما يتناول أي ناد قضية جزئية لا يحسن أن يبحث عن عبدالمحسن القحطاني، كونه رئيس ناد، وإنما ينبغي البحث عن المهموم، وطرح سؤال أو فكرة إمكان إلغاء الملتقيات بما فيها من سلبيات، مرتبط بسؤال آخر ما هو البديل الآن، فعلينا أن نرضى موقتاً بهذا المنجز، حتى ولو حقق نسبة لا ترقى إلى المأمول، وعلى المشتغلين على الملتقيات أن يتلافوا ويعالجوا السلبيات، والملتقيات لا تتساوى في الطرح، ولا تتساوى في الأسماء، ولكنها حَراك ثقافي على مستوى المنطقة والنادي، وأتطلع إلى أن تنفذ كل عامين، بدلاً من أن تكون كل عام، حتى نتمكن من التخطيط، والانتقاء بما يبهج. كيف تقرأ مسألة التكاملية بين أهل المال وأهل الثقافة، ولا سيما عقب نجاحك في إقناع آل الشربتلي ببناء صالة النادي الجديدة وكيف تقرأ القصور، أو تغافل بعضهم أو تجاهلهم؟ - جدة مدينة جميلة، ومدينة مانحة، وفيها تمازج ثقافي، ورجال الأعمال فيها على وعي بحجمهم وأدوارهم، لأنهم خرجوا من بيوتات تجارية، والبيت التجاري ابنه رضع التجارة - إن صح التعبير - ولم تأت التجارة طارئة عليه. النادي - قاعة إسماعيل أبو داود - والمبنى الحالي لنادي جدة الأدبي هو بناء الغرفة التجارية بمساعدة بعض رجال الأعمال. والغرفة الآن بصدد تجديد هذا المبنى بكامله، وهناك أيضاً إسهامات أخرى من رجال الأعمال في جدة، كالجائزة التي يشتغل عليها نادي جدة هذه الأيام، وتبرع بها رجل الأعمال أحمد سعيد باديب، ب 400 ألف ريال لكل دورة، وهي جائزة تمنح كل عامين على مستوى العالم العربي في مجالات الإبداع والدراسات الأدبية والنقدية والإنسانية، وغيرها، وهي في طريقها إلى الصدور والإعلان عنها، وأظن أن نادي جدة الأدبي لو طلب العون من أحد رجال المال والأعمال في جدة لما تأخر عن ذلك أبداً. أخشى أن نخرج بإصداراتنا إلى بقية العصبة وذوي الأرحام عُرف"أدبي جدة"بإصداراته ودورياته العابرة الآفاق، وما يُطرح الآن إن على مستوى الطباعة، أو مواعيد التنفيذ، لا يرق إلى مستوى ما كانت عليه فهل هذا قصور من مجلس الإدارة في متابعة إصدارات النادي .. يجيب الدكتور عبدالممحسن القحطاني على هذا التساؤل بقوله: "لا ندّعي السلامة من أي قصور، ولكن هل مثل هذه الملاحظات علامة هذا العهد وحده، أم هي موجودة في المطبوع - المطبوعات في عهودها السابقة -، وأنا كنت عضو مجلس إدارة سابق، وظهر لنا نشر مقالات وبحوث مسروقة ، ولم يتحدث أحد عن ذلك، وهذا ليس مبرراً لقصورنا، ولكنها ليست مسؤولية النادي، فالمسؤولية تقع على من تقدم بالمقال لنشره". بعض ما نشر في زاوية"المشهد الثقافي"في"الحياة"عن وجود أخطاء لغوية وطباعية، لم يكن صادراً عن دراسة أو مقارنة بين الماضي والحالي، فالمصحح هو هو منذ نحو عقدين من الزمن، ومع ذلك سحبنا المطبوعات منه، وأحلناها إلى آخر لعله يكون أكثر دقة، وأنا أترك لرئيس تحرير كل مطبوعة الحرية في اختياره، فعبقر كانت متوقفة، وصدر منها ثلاثة أعداد، الأول منها في جمادى الأولى 1419ه، والثالث صدر في جمادي الأولى 1420ه، ثم توقفت بعدها 9 أعوام، ليصدر العدد الرابع منها مع المجلس الجديد في محرم 1429ه، وكان باستطاعتنا أن نضع لها اسماً جديداً، إلا أنا أبقينا عليها وعلى اسمها، لأننا جئنا لنضيف، ونحتفي بما هو جميل من ماضينا وفي حاضرنا". تابع:"للعلم فعلامات خصصت للمواضيع الموحدة، بعد أن كانت تحوي مقالات متفرقة ومختلفة، إلا أننا الآن سنجعل لكل عدد موضوعاً واحداً مستقلاً، وإذا أراد الباحث عن النص وقضاياه مادة من علامات سيجد نحو 16 مقالاً تتحدث عن النص وقضاياه في عدد كامل، في مكان واحد، يساعده على البحث، والذي أدعو إليه عبر جريدتكم المميزة، أن يزودنا الكتَّاب بمقالات، لتكتمل لدينا المواضيع". ويؤكد:"المشكلة الآن - وكما ذكرت سابقاً - أننا في هذه الدوريات سنأخذ بالإخوة، فإذا لم نجد، انتقلنا إلى أبناء العمومة، وأخشى أن نخرج إلى بقية العصبة وذوي الأرحام، ونحن نريد بالفعل، ولا سيما في علامات أن تكون مواضيعها مريحة للباحث، بدلاً من أن يلجأ إلى البحث في مقالات كثيرة متفرقة عبر أعداد غير متتابعة، فآثرنا إخراجها رزمة واحدة في عدد واحد". سيرة ذاتية عبد المحسن بن فراج القحطاني. الوظيفة: أستاذ الأدب والنقد - كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة الملك عبدالعزيز ورئيس نادي جدة الأدبي الثقافي. المؤهلات العلمية - دكتوراه في الأدب والنقد - جامعة الأزهر - آذار مارس 1979. - درس اللغة الإنكليزية في جامعة إكستر في بريطانيا الأعمال الإدارية - رئيس قسم اللغة العربية 1983-1984 - وكيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية 1982-1984. - عميد شؤون الطلاب 1984 - 1987 . - عميد القبول والتسجيل 1991 - 1994. الاصدارات: - منصور بن إسماعيل الفقيه ت 306ه حياته وشعره، طبع مرتين - الحضارة ? مصر ? 1399ه - دار القلم ? بيروت 1402ه. - بين معيارية العروض وإيقاعية الشعر مطبوعات نادي جدة الأدبي الثقافي. - القوافي للإربلي ? دراسة توثيق الثقافة ? مصر. - شعراء جيل ? سرحان. عرب. مدني مطبوعات نادي جدة الأدبي الثقافي. الندوات والمهرجانات شارك في عشرات الندوات والمهرجانات في داخل المملكة وخارجها، ومنها: - الأيام الثقافية للمملكة العربية السعودية في كل من: سورية، إيطاليا، اليمن. - كما ترأس مؤتمر جمعية لسان العرب 15، 2009.