محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعًا جديدًا من الخفافيش في المملكة    توال و 5SKYE تعلنان عن شراكة استراتيجية لتعزيز التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    رغم عدم تعليق موسكو.. أوكرانيا تتهم روسيا باستهدافها بصاروخ باليستي عابر للقارات    تفاؤل أمريكي بوقف إطلاق النار في لبنان.. خلافات بين إسرائيل وحزب الله على آلية الرقابة    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وقائد بحماس    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    أمين منطقة القصيم يتسلم التقرير الختامي لمزاد الابل من رئيس مركز مدرج    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    الهيئة السعودية للبحر الأحمر تصدر أول ترخيص لمراسي سياحية في ينبع والليث    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    أكاديمية طويق شريك تدريبي معتمد ل "Google Cloud"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    مدالله مهدد ب «الإيقاف»    9 مهددون بالغياب أمام «الصين»    وزراء داخلية الخليج يبحثون التعاون الأمني المشترك    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    ضمن ملتقى «الإعلام واقع ومسؤولية».. إطلاق أول بودكاست متخصص في المسؤولية الاجتماعية    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    حمائية فاشلة !    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    «كوكتيل» هرج    الخليج يتطلع لنهائي آسيا أمام الدحيل    البكيرية يتجاوز الجندل والعدالة يتألق أمام النجمة    البرلمان العربي يدين تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيلي بضرب العراق    هوساوي يعود للنصر.. والفريق جاهز للقادسية    اكتشف شغفك    علاج فتق يحتوي 40 % من أحشاء سيدة    الاتحاد يستعيد "عوار" .. وبنزيما يواصل التأهيل    الغندور سفيرا للسعادة في الخليج    محافظ جدة يشرف أفراح الحصيني والقفيدي    الإعراض عن الميسور    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    الدرعية تضع حجر الأساس لحي القرين الثقافي والمنطقة الشمالية    «قرم النفود» في تحدٍ جديد على قناة «الواقع»    فيتو أميركي ضد قرار بمجلس الأمن بشأن غزة    مهرجان البحر الأحمر يعرض روائع سينمائية خالدة    إيطاليا تفرض عقوبات أشد صرامة على القيادة الخطرة    أرامكو تحصد 5 شهادات ماسية خلال حفل مستدام «أجود»    في مؤجلات الجولة الثامنة من" يلو".. قطبا حائل يواجهان الحزم والصفا    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    نواف إلى القفص الذهبي    الزميل أحمد بركات العرياني عريسا    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    سعود بن بندر يستعرض تحول التعليم في الشرقية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرفق بالحيوان في الإسلام
نشر في الحياة يوم 24 - 06 - 2009

نشرت صحيفة"الحياة"بتاريخ 11 - 6 - 2009 خبراً بعنوان"سعودي يقاضي رجلاً سحق نملة بلا رحمة"، مفاده أن قاضياً في المحكمة العامة في محافظة عفيف رفض النظر في دعوى قضائية تقدم بها مواطن سعودي ضد مقيم عربي، يتهمه فيها بقتل نملة بقصد التسلية.
ربما يقول قائل: أبسبب نملة يُكتب مقال؟ إن أهمية الموضوع ليس لأجل نملة، ولكن لإيضاح مفهوم أن الإسلام هو دين الرحمة والرأفة قبل كل شيء، وربما الذي يقتل نملة للتسلية والتلهي بدم بارد يكون لديه الاستعداد الفطري لقتل إنسان في ما بعد، والحقيقة أننا مقصرون في تعليم وتثقيف أبنائنا مفهوم الرحمة والشفقة على الحيوانات، فقد شاهدت"مقطع بلوتوث"فيه أطفال في الشارع وهم يسكبون البنزين على هرة ويشعلون فيها النار، ثم تجري بهلع فظيع، مضيئة ظلام الشارع، وكل ذلك بقصد التسلية والضحك. إن رفض القاضي النظر في الدعوى ليس من المستغرب، لأن القوانين والتشريعات والدساتير في المملكة العربية السعودية، التي يحكم القاضي على أساسها، لا تتضمن أي نص قانوني يحاسب المسلم على قتله حيواناً، باستثناء بعضها، مثل الإبل والغنم.
إن النهي عن قتل الحيوانات غير المؤذية له أصل في الشريعة الإسلامية، ومن الواجب أن نكون سباقين للغرب في الحفاظ على حقوق الحيوان، الذي ورد في الشريعة الإسلامية قبل 1400 سنة، وربما لو كانت هذه القضية في بلاد الغرب، لحكم القاضي على قاتل النملة بفرض الاستماع إلى بعض المحاضرات التي تحث على الرحمة والرأفة بالحيوانات.
فلأهمية الحشرات في الإسلام، مهما صغرت، سُميت باسمها ثلاث سور في القرآن الكريم، هي: سورة النحل، وسورة النمل، وسورة العنكبوت، كما ذكر الله تعالى بعضها في الكثير من الآيات، مثل البعوض، والذباب وغيرهما، أما في سورة النمل فقد قال الله تعالى: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين. قال ابن عباس رضي الله عنه في معرض تفسيره لهذه الآية:"فوقف سليمان بجنوده حتى دخل النمل مساكنه"، أي بالرغم من عِظم الموقف، وعِظم مهام الألوف المؤلفة من أفراد الجيش، فقد أمرهم نبي الله سليمان"عليه السلام"بعدم دهس النمل بأرجلهم، وانتظارهم كي يرجعوا إلى جحورهم، وفيه دليل مؤكد على النهي عن قتل النمل، ولو كان النمل في الأحكام الشرعية يُعدّ من الحشرات المؤذية لأُحِل قتله في حال إحرام المسلم في مكة. أكد الله تعالى في كتابه الحكيم أن من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الرفق بالحيوان، والحيوان يشمل معظم الحيوانات والطيور والحشرات بأنواعها المختلفة، إلا المستثناة كالحدأة، والعقرب، والغراب، والكلب العقور، بقوله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالَكُمْ. ويؤكد هذا ما أورده البخاري ومسلم في"صحيحيهما"، وأبو داوود في"سننه"أنه سأل أحد الصحابة الرسول"صلى الله عليه وسلم": إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال:"في كل ذات كبدٍ رطْبِةٍ أجرٌ"، أي أن الحشرات تقع ضمن تصنيف الحيوان. أخرج مسلم في"صحيحه"أنه كان من سعة رحمة النبي الكريم قوله آمراً المسلمين عند ذبح الغنم لأكلها:"إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته".
وأخرج أبو داوود والترمذي في"سننهما"أن رسول الرحمة"صلى الله عليه وسلم"كان يوصي أصحابه بقوله:"الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". وفي حديث صحيح، متفق عليه، أخرجه البخاري في"صحيحه"، ومسلم في"صحيحه"قول رسول الله:"إنما يرحم الله من عباده الرحماء".
لماذا لا نقتدي برسول الله الذي عرف الرفق بالحيوان قبل تأسيس ما يُسمى لدى الغرب ب"جمعيات الرفق بالحيوان"ب 14 قرناً؟ فقد أخرج أبو داوود في"سننه"قول النبي:"إياكم أن تتخذوا دوابكم منابر"، كما حرّم الإسلام قتل الحيوان للتلهي، كما يحدث الآن في معظم الدول التي تسمي نفسها متحضرة، مثل مصارعة الثيران، وصيد الطيور للتمرين على الصيد، وإقامة حلقات لمصارعة الحيوانات بعضها بعضاً، تنتهي غالباً بموت أحد الطرفين، وهذا كله بقصد التسلية، فقد أخرج النسائي في"سننه"، وهو حديث حسن"وفي"مسند"أحمد من حديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، أن الرسول نهى عن ذلك بقوله:"من قتل عصفوراً عبثاً عجّ إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلاناً قتلني عبثاً ولم يقتلني منفعةً".
كما أخرج البخاري ومسلم في"صحيحيهما"قول الرسول:"لعن من اتخذ الروح غرضاً". وجاء هذا الحديث كذلك بلفظ آخر:"لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً"، أخرجه مسلم في كتاب الصيد، باب النهي عن صبر البهائم.
وأخرج أبو داوود في"صحيحه"عن ابن مسعود أن رسول الله نهى عن حرق الحيوان بالنار وهو حي، إذ قال:"لا يعذِّب بالنار إلاَّ رب النار". وأخرج النسائي في"صحيحه"قول الرسول الرحيم:"لعن الله من مَثَّل بالبهائم".
أخرج البخاري ومسلم في"صحيحيهما"أن من شمول تطبيق الرحمة في الشريعة الإسلامية قول رسول الله:"دخلت امرأةٌ النار في هرة: ربطتها، فلم تطعمها، ولم تَدَعها تأكل من خشاش الأرض". وفي هذه الواقعة التي نتكلم عنها، أو مشابهة لها يقول الرسول:"إن أعظم الذنوب عند الله... وآخر يقتل دابة عبثاً".
واستند إلى هذه الأحاديث وغيرها جمهور العلماء في وجوب إطعام البهائم وسقيها، وعلاجها لو مرضت. وقالوا أيضاً بتحريم حلب لبنها ما يضر بولدها، وبوجوب إبقاء شيء من العسل في خلية النحل بقدر حاجة النحل إذا لم يكفه غيره. وبتحريم حمل الحيوان ما لا يطيق، وبعدم جواز وسم وضرب وجه الحيوان. وبالنهي عن التحريش بين الديكة والثيران. بل بعدم جواز لعن الحيوان البتة، لقول رسول الله الذي أورده مسلم في"صحيحه": أنه كان في سفر فلعنت امرأة ناقة، فقال:"خذوا ما عليها، ودعوها مكانها". وبمقابل ذلك أخرج البخاري في"صحيحه"قول الرسول:"غفر الله لامرأة مومسةٍ مرت بكلب على رأس ركى يلهث... فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك". وفي رواية مسلم عن أبي هريرة عن النبي قال:"إن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حار يطيف ببئر، فنزعت له بموقها، فغُفر لها".
وأخرج مسلم في"صحيحه"أن الرسول الكريم"صلى الله عليه وسلم"أمرنا بالرحمة، وشملت مع الإنسان غيره كالحيوان، ومن ذلك قوله:"يدخل الجنة أقوامٌ أفئِدَتُهم مثل أفئِدة الطير".
* باحث في الشؤون الإسلامية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.