كسر المخرج المسرحي أحمد الصمّان حاجز الإيهام الدرامي منذ الدقيقة الأولى في عرضه لمسرحية"غوغل - Google"التي عرضها مسائي الأربعاء والخميس الماضيين على خشبة مسرح مركز الملك عبدالعزيز الثقافي في"أبرق الرغامة"في جدة، وبدت الصبغة الكوميدية واضحة على المسرحية التي تناولت برامج بعض الفضائيات العربية بشيء من التعرية لمضامينها الركيكة، وهي فكرة طرحت من قبل في أعمال تلفزيونية محلية وعربية، فيما تركزت الرسالة الانتقادية التي تطرحها المسرحية على تأثير تلك البرامج المعدة بارتجال وبعدها عن الجدية في فئة الشباب من الناحية الثقافية وانعكاساتها في حالاتهم النفسية والاجتماعية، ومن ثم أثرها البالغ في اتخاذهم لقرارات مصيرية إزاء مجريات مفصلية تواجههم في حياتهم، ويتشكل على ضوئها مستقبلهم. غير أن ما يهم وراء إطلاق هذه المسرحية هو توجه الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في جدة ممثلة في قسم المسرح إلى تخصيص العرض للمواهب الشابة الذين شاركوا في دورة"إعداد ممثل"، كانت أقامتها لجنة المسرح في الجمعية برئاسة المخرج المسرحي علي دعبوش قبل أشهر عدة، وتكونت على إثرها مجموعة جديدة. وإذ يأتي هذا الانفتاح على المواهب الشابة كنوع من النهوض بالحركة المسرحية في مدينة جدة، وليشكل استراتيجية مدروسة تسعى إليها الجمعية بقيادة مديرها عبدالله باحطاب، خصوصاً مع تفعيل دورات متخصصة في التمثيل كان آخرها دورة في المنولوج قدمتها للمجموعة،"غوغل"كتب نصها الصمّان، وظهر العنوان بما يوحي بأنها مستوحاة من محرك البحث في شبكة المعلومات العنكبوتية الإنترنت، ورسخ ذلك الملصق الإعلاني، ما دعا إلى التعجب والمفارقة في أن يُوضع عنوان كهذا لعمل يتناول البث الفضائي، وهو ما دفع بعض الجماهير للقول: كان يجدر أن تسمى المسرحية ريموت كنترول أو ما يوحي بمضمون العرض. من جهة أخرى، لم تباغت المسرحية بإشعاع عرض حداثي كما حدث في مسرحية"أزهار الليلك"التي قدمها المخرج نفسه، ونالت الكثير من الاستحسان عند عرضها أمام الوفدين العراقي والألماني اللذين زارا جدة قبل أشهر عدة، فجاء العرض تقليدياً في درامية مشاهده، فاتراً في بعض لحظات إيقاعه للدرجة التي لم تمكّن تقنية كسر حاجز الوهم المسرحي من إضفاء دينامية مشوقة، وإن حفل على قدر جيد من الكوميديا الهادفة المدعّمة بمؤثرات صوتية موفقة أشتغل عليها"ماجد العمودي"بعناية وحرص بالغين تواءمت مع تقنيات الإضاءة على يد"ريّان ثقة"الذي ساعد المخرج في تفصيل الأدوار وتوزيعها بحسب إمكانات المجموعة، لا سيما وأنهما الصمّان و ثقة يعيان محدودية الخبرة العملية لديهم.