برزت خلال ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاعين العام والخاص الذي بدأت جلساته في الرياض أمس تحت شعار"مجتمعنا مسؤوليتنا"، مطالبات متخصصين بإعادة هيكلة القطاعات المعنية ب"المسؤولية الاجتماعية"وإنشاء أقسام خاصة بها في كل مؤسسة، وترسيخ مفهومها بين شرائح المجتمع كافة، واشتراط وجود سجل للمسؤولية الاجتماعية لدى المؤسسات المدرجة في سوق المال السعودية. وقال رئيس الجمعية السعودية للإدارة رئيس اللجنة التأسيسية للجمعية الوطنية للمسؤولية الاجتماعية الدكتور ناصر التويم في إحدى جلسات الملتقى:"يجب إعادة هيكلة القطاعات المعنية بالمسؤولية الاجتماعية، خصوصاً ذات البعد التنظيمي، ولا بد من إيجاد وكالة خاصة بالوزارة للمسؤولية الاجتماعية". وأكد وجود"أزمة"حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية في السعودية، معتبراً أنه أوسع من تعاريف الجهات العالمية ذات العلاقة، مثل مجلس الأعمال العالمي أو الغرفة التجارية العالمية أو منظمة الأممالمتحدة، مشيراً إلى أنه يتم التركيز على ثلاثة أبعاد في ما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية هي خدمة الاقتصاد والتطوير الاجتماعي والمسؤولية تجاه البيئة. وأضاف أن من المسؤولية الاجتماعية التزام الشركات ومؤسسات المجتمع بعدم الإضرار به سواء بيئياً أم اقتصادياً، وانخراط قطاعات المجتمع الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني في خدمة المجتمع وفقاً لأولوياته وحاجاته. وطالب بالإسراع في إنشاء مجلس أعلى للمسؤولية الاجتماعية في جميع الجهات والقطاعات ذات العلاقة، وحث الشركات والمؤسسات كافة على إنشاء إدارات خاصة بالمسؤولية الاجتماعية مرتبطة مباشرة بأعلى السلطات في الشركات، وإعداد استراتيجية خاصة بالمسؤولية الاجتماعية، إضافة إلى حث وسائل الإعلام على تبني وتقديم برامج تثقيفية وتوعوية عامة وخاصة للمسؤولية الاجتماعية، وكذلك الجامعات على تبني كليات أو أقسام للمسؤولية الاجتماعية. من جهته، أكد الأمين العام للجنة العليا لسياسة التعليم في وزارة التربية والتعليم سابقاً الدكتور محمد الرويشيد، أهمية ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى شرائح المجتمع ومؤسساته من خلال وسائل الإعلام والندوات المتخصصة. وحث في ورقة عمل قدمها في الملتقى، المؤسسات على وضع المسؤولية الاجتماعية في صلب استراتيجيتها من خلال خطة تستهدف تلبية متطلبات المجتمع بدوافع أخلاقية ووطنية وبمعزل عن أعمال الدعاية، وإنشاء أقسام خاصة للمسؤولية الاجتماعية في تلك المؤسسات، مطالباً باشتراط سجل للمسؤولية الاجتماعية لمؤسسات سوق المال السعودية ومتابعته بشكل دوري ومنح جوائز للمؤسسات المميزة. وقال:"المسؤولية الاجتماعية وإن كانت تنطلق من قاعدة خيرية واسعة إلا أنها تعني بالتحديد التزام المؤسسات الربحية بتطوير استراتيجية واضحة المعالم لتنفيذ برامج مستدامة تعود بالفائدة والنفع على مجتمعاتها بما لا يؤثر في ربحيتها، بل ينعكس إيجاباً على قدرتها التنافسية وهذا الدور لا يلغي دور الدولة في تنمية المجتمع بل يعززه ويتكامل معه". من جهته، أكد الأمين العام للصندوق الخيري الوطني الدكتور عبدالله المعيقل، عدم وضوح برامج المسؤولية الاجتماعية على الصعيد المحلي، واعتبر بعضها برامج تجميلية أكثر منها مفيدة، كما أن هناك تركيزاً على التبرعات التي تتداخل مع مخصصات الزكاة. وأضاف في ورقة عمل قدمها بعنوان"المسؤولية الاجتماعية وقضايا المجتمع"خلال الجلسة الثانية للملتقى أن التجربة مع برامج المسؤولية الاجتماعية ليست جديدة، إذ إن الإسلام شجع على الإنفاق وشرع الزكاة، وعلى مبادئ التكافل الاجتماعي، كما أن السعودية تمد يد العون للمحتاجين وضحايا الكوارث من المسلمين وغير المسلمين. وتابع:"الدولة أخذت زمام المبادرة في هذا المجال، إذ تأسس مجلس المسؤولية الاجتماعية برئاسة فخرية من الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وأنشأت الهيئة السعودية للاستثمار مؤشر الشركات وجائزة المسؤولية الاجتماعية، كما غيّرت الغرفة التجارية في الرياض مسمى جائزتها للخدمة الاجتماعية إلى جائزة المسؤولية الاجتماعية". وذكر الدكتور المعيقل أن المسؤولية الاجتماعية لها فوائد كثيرة، أهمها تحسين الأداء المالي، وتقليل كلفة العمليات، وتعزيز الصورة الايجابية والسمعة الحسنة للشركة، وزيادة المبيعات وولاء الزبائن. بدوره، قدم أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة الملك سعود البروفيسور سليمان العقيل دراسة بعنوان"المعايير الاجتماعية للمسؤولية الاجتماعية"خلال الجلسة الأولى للملتقى، أكد فيها أن مسؤولية العمل الاجتماعي والتطوعي في الإسلام تتوزع على كل أفراد المجتمع، إذ ان لكل دوره الذي يتناسب مع مكانته وإمكاناته في الحياة، وبذلك تحصل حالة التلاحم التام والتماسك الوثيق بين فئات المجتمع لمواجهة الأخطار وحل المشكلات التي قد تحدث. وشدد على أن المسؤولية الاجتماعية نحو أمن واستقرار المجتمع لا تكون على مستوى واحد فقط بل تشمل جميع قطاعات المجتمع من الأفراد والجماعة والمجتمع. وأكد مدير الإدارة العامة للتحقق من المطابقة في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس رئيس اللجنة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية المهندس إبراهيم الخليف أن المسؤولية الاجتماعية أصبحت أحد العوامل الجوهرية التي تؤثر على أداء المنشآت، مشيراً إلى أن الأمر تخطى ذلك، إذ ان العلاقة بين البيئة الاجتماعية التي تعمل فيها المنشأة، وتأثير المنشأة على البيئة الطبيعية أصبحت جزءاً مهماً في قياس أداء هذه المنشأة ككل، وقدرتها على الاستمرار في العمل بشكل مؤثر، ما يعكس ذلك بشكل خاص أهمية الاعتراف بالحاجة الملحة والمتزايدة للعمل على ضمان وجود أنظمة اقتصادية بيئية وصحية ومساواة مجتمعية وحوكمة مؤسسية. وأشار في ورقة العمل التي قدمها بعنوان"المواصفة القياسية الدولية للمسؤولية الاجتماعية ISO 26000 لدعم جهود المنشآت في خدمة المجتمع"إلى أن تبني رؤية خاصة بأداء المسؤولية الاجتماعية للمنشأة يمكن أن يكون له تأثير معين في سمعة المنشأة العامة، وقدرتها على جذب العمال أو الأعضاء أو كليهما، والمحافظة على معنويات الموظفين وعلى الإنتاجية.