حقق كتاب"الثروة واقتصاد المعرفة"لألفين وهايدي توفلر، وترجمة: محمد زياد يحيى كبة، وصدر عن منشورات جامعة الملك سعود، رواجاً كبيراً في الأوساط العلمية، لارتباطه الوثيق بالأوضاع العالمية الحالية. ما مصير النظام الرأسمالي في العالم؟ وكيف ستواجه الدول الكبرى هذا الخطر الداهم؟ مثل هذه الأسئلة الحساسة يطرحها كتاب الثروة واقتصاد المعرفة، الذي توقع حدوث الأزمات الحالية قبل سنوات. والكتاب يركز أساساً على الولاياتالمتحدة، لكنه يضع معالجته لما يجري في تلك القوة العظمى في إطار عالمي، على اعتبار أن الولاياتالمتحدة كانت حتى عهد قريب تقود العالم بلا منازع. ويركز الكتاب على الزمان والمكان والمعرفة، واصفاً إياها بأنها الأسس الثلاثة العميقة التي تتحكم بالثروة الثورية، ثم يشرح كلاً منها بالتفصيل مبيناً تطورها في التاريخ منذ العصر الزراعي الموجة الأولى، إلى العصر الصناعي الموجة الثانية وأخيراً اقتصاد المعرفة الموجة الثالثة. ويبين أن صنع الثروة الثورية في عصرنا الحاضر يعتمد بالدرجة الأولى على اقتصاد المعرفة، ويضرب أمثلة عدة من الصين، والهند، ودول شرق آسيا التي فطنت إلى هذه الحقيقة الحيوية، على عكس كثير من الدول العربية التي لم تجد طريقها نحو اقتصاد المعرفة بعد، وما زالت تسعى وراء الموجة الثانية، أي الاقتصاد الصناعي والمداخن العالية. وكلمة الثروة، في رأي المؤلفَين، لا تشير إلى اقتصاد المال فحسب لأننا كما نعيش في اقتصاد المال نعيش أيضاً في اقتصاد متواز وغامض ومثير، نحقق فيه كثيراً من حاجاتنا من دون مقابل وهو اقتصاد اللا مال. فاقتصاد المال واقتصاد اللامال، إذا اجتمعا سوية، شكّلا ما يدعوه الكتاب"نظام الثروة،"ومن خلال إحداث ثورة متزامنة في هذين النوعين المتفاعلين من الاقتصاد يبرز نظام ثروة متين لا مثيل له في التاريخ. ويقول المؤلفان إن علماء اليوم يتحدثون بحرية عن السفر عبر الزمن، ومقاومة الجاذبية التي يمكن أن تحدث ثورة في الطب وتوفر لنا مصدراً لا ينضب من الطاقة بالاعتماد على الوقود غير المستحاثي، وعن إمكانات كثيرة أخرى كانت حتى عهد قريب أقرب إلى الخيال. ويوضح الكتاب أنه كلما زادت سرعة التغيير، زادت سرعة الانتقال من المعرفة إلى المعرفة البالية، لأن الخبرة المكتسبة في أثناء العمل، تفقد قيمتها ما لم يتم تحديثها باستمرار، وقواعد البيانات تفقد صلاحيتها بمجرد إعدادها. يفتح كتاب"الثروة واقتصاد المعرفة"الأعين على حقائق طالما غابت عن الأذهان، ويبين أهمية المعطيات والمعلومات والمعرفة في اقتصاديات اليوم، كما يسهم بشكل إيجابي في التقارب بين الشعوب من خلال تبني سياسة اقتصادية واحدة تعتمد على المعرفة.