بعد أن قرأت البيان الصادر من المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر مهدي عاكف، والمنشور على الموقع الرسمي للجماعة حول الاعتداء الآثم الذي تعرض له جنوب المملكة العربية السعودية ? حرسها الله ? من قبل طائفة من اليمنيين الخارجين على حكومتهم المعتدين على سيادة المملكة وحدودها، وما تضمنه البيان من مناشدته ودعوته العلماء والفقهاء لمناشدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإيقاف الحرب وحقن الدماء... وجدت فيه ما أثار دهشتي، واستدعى عجبي، وذلك في أمور عدة، أحدها أن البيان ليس فيه استنكار للاعتداء على الحدود السعودية مطلقاً، وأنا أسأل المرشد العام لجماعة الإخوان: هل للمملكة سيادة على أراضيها أم لا؟ فإن قال: لا، فهذه مصيبة، وإن قال: نعم، فالمصيبة أعظم، لأن المملكة قد دافعت عن أراضيها فكيف ينكر عليها ولا ينكر على المعتدي؟! والأمر الثاني نقول لمهدي: أليس المعتدي هو الذي انتهك الحدود، وبادر بإطلاق النار على حرس الحدود فقتل وأصاب، وهذا ما فعلته هذه الطغمة الشريرة، وعندئذ نقول: أليس من حق المملكة أن تدافع عن أراضيها، والقرآن يقرر هذا في قوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، وثالثها: أن هذه الزمرة خارجة على حكومتها، وأرادت بهذا العمل أن تتخذ من أراضي المملكة مسرحاً للقتال، أو زعزعة الأمن فيها لاسيما مع اقتراب موسم الحج، وهي مدعومة ? وأظنه لا يخفى عليك ? من بعض القوى أو الدول التي تسعى إلى جعل موسم الحج موسماً للصراعات السياسية، فكان من حق المملكة عليك ? وقد اعترفت في بيانات بقيادتها وريادتها للعالم الإسلامي ? أن تدافع عنها، وأن تدعو المسلمين في العالم أجمع إلى مؤازرتها والوقوف معها صفاً واحداً، وشجب عمليات التسلل واستنكار هذا العمل، لا أن تجعل المملكة متهمة في ما اتخذته من تدابير لحماية البلاد والعباد من شر هذه الشرذمة المعتدية، وتصادر بهذا البيان حكمة المملكة وتأنيها وأخذها بمبدأ العفو وحرصها على السلام ودعوتها إليه في جميع المحافل، ودخولها في الإصلاح بين المتخاصمين وشواهد ذلك كثيرة، ورابعها: أن الحرب دائرة بين الحكومة اليمنية وهذه الطائفة منذ سنوات ولم تتدخل المملكة إلا حين اعتدي على أراضيها، فهل عرف عاكف هذا أو جهله؟ فإن كان الأول، فقد خاف في القضية ولم يلتزم العدل والموضوعية! وإن كانت الأخرى فقد تكلم عن غير علم! والله رب العالمين يقول: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً. ومما يؤسف عليه أنه مع إقراره في بيانه بريادة المملكة وقيادتها، إلا أنه أعرض عنه في نظره للحدث، فقلب القضية، واتهم المملكة، وشكك في قيادتها، وأهدر دماء الأبرياء الذين قضوا نحبهم بسلاح هذه الطغمة الفاسدة، وحاول التجييش على المملكة وقيادتها. ونحن نقول: على رسلك يا عاكف! فليس هذا المقال مما ينزع ثقة المسلمين في المملكة وقيادتها وقدراتها واهتمامها بشؤون المسلمين في العالم، فالمسلمون في العالم أجمع يدينون لها بالفضل، ويرونها موئلاً لهم، ويرون في ساستها وقيادتها للأمة ما يزيدهم قناعة بزيادتها، واستحقاقها لقيادة الأمة ? بعد فضل الله ? بما قدمته وتقدمه من أعمال جليلة، وبما تتخذه من إجراءات حيال القضايا المحلية والإسلامية والدولية كافة على منهج شديد، ورأي حكيم، وبصورة نافذة. وندعوك للخروج من منهج الضدية للمملكة الذي تنتهجه الجماعة، والذي ظهرت آثاره في مواقف كثيرة، ومن أهمها موقف الجماعة ضد قيادة المملكة وعلمائها في حرب الخليج الأولى، وتكرر هذا الموقف في مناسبات عدة، وما موقفها من عملية التسلل في هذا البيان الصادر عن المرشد العامة إلا شاهد حي على هذا. ونقول ل"المرشد": عليك بالعدل في القول فالله يقول: وإذا قلتم فاعدلوا، وكل منصف يقطع بأنك لم تقل العدل في بيانك، وأن البيان ناطق بهذا في لفظه ومضمونه، ومنطوقه وفحواه، فتأمل ما ذكرت في بيانك، وتذكر يوم العرض على الله، وبادر إلى تصحيح ما أخطأت فيه، فالرجوع إلى الحق فضيلة، والتمادي في الباطل إثم ووزر. نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه. * رئيس الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها.