الفكرة التي تشكلت لديه بعد السؤال عن العاصمة السعودية كانت"قاتمة"، فالرياض بحسب من تحدث إليهم مدينة ليس فيها من المقومات الطبيعية والمواقع الحضرية ما يستحق العناء إليه، لأجل التسلية أو قضاء إجازة عطلة نهاية الأسبوع على سبيل المثال، غير أن هذه الفكرة تلاشت لدى البريطاني بران سالتر في عام 2003 عندما سنحت له فرصة عمل في العاصمة الرياض قادماً من جدة. مع مرور الأيام تبين له أن المعلومات الواردة إليه من بعض أصحابه"مغلوطة"، فصحح هذه الصورة المشوهة عن العاصمة، خصوصاً لدى الغربيين المقيمين، بإطلاق موقع عن الرياض على شبكة الإنترنت Riyadh-KSA.com، وتأليف كتاب مصور أيضاً، يتضمنان معلومات وفيرة تعرف بتاريخ المدينة وأبرز المواقع التي يمكن للسائح والمقيم أن يقصداها كالمتنزهات والمتاحف والمواقع الأثرية والأسواق وغيرها. لا يستطيع الصحافي البريطاني الذي سبق له العمل كمذيع ومنتج وصحافي في هيئة الإذاعة البريطانية أن يحصر عدد أولئك الذين ذكروا له بأن ليس هناك ما يمكن مشاهدته أو فعله في أوقات الفراغ في هذه المدينة،"ما زلت أتذكر مثلاً أن أحد البريطانيين الذي يقيم في الرياض منذ 15 عاماً أخبرني بأن الرياض مدينة مملة، هذا الصديق لا يغادر المجمع السكني إلا إلى المطار فقط! لكن عندما نظرت حولي وجدت أن ما سمعته غير ما شاهدته، لقد اكتشفت أنها مدينة رائعة، وذلك بعد مجالسة بعض الأصدقاء السعوديين وتصفح مواقع الإنترنت، لقد نزلت للمشي والقيادة في أنحاء المدينة لاكتشافها والحديث مع الناس ومخالطتهم". ولدحض مزاعم بعض المواطنين والمقيمين حول الرياض وأنها"مدينة مملة"وتصحيح نظرتهم حول العاصمة عقد سالتر 3 محاضرات حضرها 150 فرداً غالبيتهم من الغربيين عرض خلالها تجربته في التعرف على ما يمكن مشاهدته أو زيارته واستعان بذلك بصور فوتوغرافية التقطها هو بنفسه. على صدر الصفحة الأولى في موقع الرياض يهدي سالتر الموقع لأهالي الرياض"تقديراً لمدينتهم الرائعة، ولحفاوتهم الشخصية والتي لمستها لدى الكثير من السعوديين. لكم جميعاً، هل لي أن أقول لكم شكراً"، مرحباً بزوار موقعه الذين بلغوا خلال عام 11 ألف متصفح، قاموا بتحميل 60 ألف صفحة. قصر الحكم يغوص سالتر في قلب الرياض ويقف للحديث عن مشاريع التطوير التي طاولت قصر الحكم والمصمك وجامع تركي بن عبدالله ويذكر أن من بين أهداف الهيئة العليا لتطوير الرياض التي رسمتها للمشروع حماية وتجديد الهوية العمرانية للأحياء القديمة وسط المدينة"الجامع يتسع ل17 ألف مصلي، وعمليات تطوير المنطقة لملتقى الممر العلوي الذي يربط القصر بالجامع والذي بني فوق السوق الشعبية في تلك الآونة، ليسلكه الملك وضيوفه. والزوار اليوم يمكنهم أن يمشوا عبر الطريق الذي كان يسلكه ضيوف الدولة للقاء الملك، وذلك بالمشي نزولاً من الشرق حيث بوابة الرياض القديمة المشهورة باسم الثميري والتي بنيت من جديد مع جزء من الحائط وبرج المراقبة، سيجدون بعد مئات من الأمتار حصن المصمك ناحية اليمين وقصر الحكم في الجهة المقابلة تقريباً". الدرعية وهو يرى أن زوار الرياض لا بد لهم من زيارة الدرعية،"إنها على مسافة 15 دقيقة من مركز المملكة، وهي من أكثر المواقع الأثرية شعبية في البلاد، بإمكانك أن تتجول بحرية بين الممرات الضيقة، لتكتشف أسلوب عمارة البيوت النجدية القديمة، والتي تتميز بتوسط الفناء والدور العلوي القائم على أعمدة مكونة من أحجار جيرية". قصر المربع يطوف سالتر بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي، ليقدم وصفاً لمكونات قصر المربع، والمتحف الوطني"للحصول على معلومات حول مؤسس المملكة العربية السعودية قم بزيارة قاعة الملك عبدالعزيز التذكارية التي تقع بجوار قصر المربع التاريخي، فالمبنى الذي تبلغ مساحته 7000 متر مربع يضم العديد من حاجيات الملك كالملابس، والأسلحة، والأدوات الطبية التي كان يستخدمها طبيبه، وحتى نظاراته، إضافة لمجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية، وفي الطابق السفلي بإمكانك مشاهدة سيارة الروز رويز التي أهداها وينستون شيرشل للملك عبدالعزيز عام 1946". ويعبر سالتر بنا إلى قصر المربع وذلك عبر الممشى الذي يربط القاعة بالقصر"عملية الترميم لهذا المبنى الطيني المكون من طابقين استخدم فيها الطوب المجفف شمسياً والمصنوع من الطين والتبن والماء وخشب الأثل استخدم كدعامات. هناك العديد من الغرف الخاصة بالموظفين واستقبال الضيوف. عند صعودك للطابق العلوي سيتسنى لك مشاهدة مكتب الملك، ومجلسيه الرسميين الشتوي والصيفي، وغرف الانتظار العامة، كان هناك 3 فوانيس تستخدم للإنارة في مكتب الملك الخاص وذلك قبل وصول الكهرباء. في الكثير من القناطر ستطالعك آيات من القرآن الكريم". ويستغرب برين سالتر من عدم معرفة الكثيرين لبعض معالم الرياض التاريخية"عندما أشير لبوابة الناصرية مثلاً فإن الكثير من السعوديين يهزون أكتافهم، وتلوح على وجوههم نظرات الإحراج والاعتذار بأن ليس لديهم أدنى فكرة عن البوابة ولماذا هي هناك؟". كتاب الرياض في كتابه عن العاصمة Essential Riyadh والذي صدر بدعم من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ومؤسسة التراث يستعرض المؤلف برين سالتر بعض أسواق الرياض كسوق البطحاء والحراج وسوق الذهب، ويذكر من متاحفها، المتحف الوطني، وقاعة المخطوطات في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، والمعرض الزراعي في وزارة الزراعة، ومتحف مكتبة الملك فهد، ومتحف صقر الجزيرة، ومتاحف جامعة الملك سعود، ومتحف العملات في مؤسسة النقد العربي السعودي، ومتحف البريد، وقاعة المجموعة الفنية في مدينة الأمير سلطان الإنسانية، فضلاً عن القبة الفلكية في مركز الملك فهد الثقافي، ومركز التوعية البيئي في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها"هناك معرض رائع حول حياة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، هناك ستجد بعض أسلحته كالسيوف والمسدسات وأوسمة الشرف التي حصل عليها. كما يضم المعرض مقتنيات أخرى كجواز السفر الخاص بالملك فيصل والذي أصدر في مكة في عام 1926 وكان حينها نائب الملك في الحجاز، ورسالة بخط يده كان كتبها لوالده الملك عبدالعزيز".