سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نصح "الحركات الإسلامية" بكف أيديها والتفرغ لإقامة الصلاة ... ولا يرى إشكالاً في انتقاد "طاش ماطاش" لبعض رجال "الهيئة" . الكلباني ل"الحياة" : حاصرت التكفيريين فاتهموني بسماع "أم كلثوم"!
يواصل القارئ الشيخ عادل بن سالم الكلباني، حديثه إلى"الحياة"ابتداءً من النقط التي وقف عندها. فعلى خلاف أولئك الذين أخذهم رعب المكان وهيبته، نفى الكلباني أي من أعراض الارتباك في أول يوم له بإمامة المسجد الحرام، ما أعاده إلى عهده الطويل في الخطابة والإمامة. وفي الملف الذي أثار الكثير من الضجيج حول ملابسات فصله من جامع الملك خالد، أقرّ بأنه ما كان سعيداً بما انتهت إليه"العشرة"مع مسجد عاش فيه قسطاً مهماً من حياته، لكنه بعد فشل الوساطات وجهود الإصلاح، اختار أن يتوجه إلى مسجد آخر، أبدى ثقته بأن يعوضه عن الذي قبله. وفي شق التجارب الفكرية للداعية السعودي عبر الانترنت، أكد أنه لم يكتب في الشبكة العالمية إلا باسمه الصريح، لكنه واجه ردحاً من السب والشتم كما قال، بعدما تأكد رواد الانترنت من أنه ليس على نهجهم، الذي وصفه بالتكفيري. وبين أطرف ما روى من حيلهم في تشويه سمعته، زعمهم أنه يبيح ويحث على سماع أغاني المطربين المشهورين، وهو ما نفاه الكلباني قطعاً. وفي ما يأتي نص الحوار: عدد من الأئمة يذكرون أنهم في الصلاة الأولى يصابون بارتباك، فماذا عنك هل اختلف الشيخ عادل الكلباني في الحرم عنه في مسجده؟ - لا، لم اختلف ولم ارتبك أبداً، ولكن حضرت في ذهني أشياء، منها أنني أعلم أنه من الملك إلى آخر شخص في الحرم، يريد أن يرى ما سيفعل الكلباني في أول صلاة، ولكنني عندي ثقة ولله الحمد بأنني لست اقل من المنصب، فأنا عشت في الإمامة أكثر من نصف حياتي، وصليت في مساجد كبيرة كثيراً، وصليت العيد كثيراً، فتجمع الناس لا يهيبني، ثم إنك لا ترى مَن خلفك عادة، فيتساوى العشرة والمئة بما انك لا تراهم. ألم تشعر بهيبة الكعبة؟ - لم انظر إليها طوال صلاتي خوفاً منها، حتى لا أنهار من فرط تأثري بهيبتها، فكنت أتجنبها قصداً أيامي الأولى. الشيخ عادل الكلباني صاحب القراءة الهادئة والصوت الرخيم الذي يبعث على الخشوع شبه غائب جزئياً في الحرم، ولم تظهر بخشوعك المعتاد في جامع الملك خالد... لماذا؟ - أتفق معك، ولكن لذلك أسباب أهمها، أن المكان جديد وأي قارئ يغيّر المكان، يتغير خشوعه عن المكان الذي اعتاد أن يصلي فيه حتى يألفه، وهذا ليس فيه نقاش، ثانياً في الحرم كثرة الناس والطائفين أمامك والحراسة والتصوير والجلبة، لا شك في أنها تقلل من الخشوع، ويا حبذا لو وجدت وسيلة للتقليل من هذا. وأرجو ألا تقيسني بشخص كالشيخ سعود الشريم، فهو يخشع لأنه تعود على هذا منذ سنين، ولا تقيسني بعبدالرحمن السديس الذي له 25 سنة في الحرم، لأنهما ألفا المكان، ولهذا يقول الناس أو لاحظوا أنني في العشر الأواخر، بدأت أخشع وآلف المكان وأتأقلم مع الوضع، ولو استمر الوقت لكان من الممكن أن تذهب الأعراض الطارئة بالكلية. ثمة أنباء ترددت بأنك إمام للفروض كما للتراويح، فلماذا لم يترجم ذلك عملياً؟ - التوجيه كان لرمضان فقط ولا أساس لهذه الإشاعة، ولم أسأل لماذا في رمضان وحده، وأظن أنني صارحتك في حوار سابق بأنني لو دعيت للصلاة في رمضان فسألبي النداء، لأن الناس تدفع ملايين من أجل أن تطوف بالكعبة وتصلي في الحرم في هذه الأيام المباركة، ناهيك عمن دُعي لشرف الإمامة وقد هُيّئت له كل سبل الراحة. وهل هذه الإمامة لسنة واحدة فقط؟ - ليس لدي علم، أنا طلبت مني المشاركة في رمضان، هل سيكون هذا كل عام أم في عام واحد فقط، الله أعلم. لم أخبر بشيء. هل تترقب أنت هذه المشاركة السنة المقبلة؟ - جوابي سابق لسؤالك، قلت لك في حوار سابق إن هذه هي مشكلة الحرم وهي عدم الاستقرار. وأنت ألم تسأل أبداً ولا حتى الشيخ الحصين هل ستكون المشاركة سنوية أم فقط هذا العام؟ - لا، لم أسأل دُعيت للمشاركة فنفذت الأمر، وبعد رمضان سلمنا على الملك يوم العيد ورجعنا إلى ديارنا في الرياض. يشاع أن أئمة الحرم يعطون مكافآت سخية جداً في رمضان، هل يجوز السؤال عن حجمها؟ - توجد مكافآت، ولكن ما يتصوره الناس غير صحيح، هناك مكافآت من خادم الحرمين بالطبع، ولكن ليست كما يعتقد البعض حتى من المتدينين، الذي يرون أنك لمجرد أن تؤم الحرم الشريف تصبح من الأثرياء. ماذا تنتظر في ما يتعلق بالحرم؟ لا أنتظر شيئاً، وأنا موطّن نفسي على كل شيء، وليس لدي حتى الآن أي ارتباط رسمي به. هل تتطلع إلى أن تكون أمورك واضحة؟ - بطبيعة الحال، لأنه لم يبق على رمضان إن حيينا إلا سبعة أشهر فهل سأكون هنا أم هناك. لا أدري. لننتقل إلى ملف مسجدك السابق. أنت ذهبت إلى الحرم لكي تعود، فماذا حدث؟ - نعم بالفعل أنا تركت المسجد على أنني سأعود إليه، وما حدث هو أن ذهابي تمّ بسرعة وبصورة خاطفة كما ذكرت لك، وعندما وصلت اتصلت بنائب مدير المؤسسة للبحث معه عن تنسيق معين، منتهزاً فرصة وجود الشيخ محمد أيوب في الرياض، وأعطيت رقمه للأخ رياض وكانت لديهم محاولة مع ياسر الدوسري أيضاً، ثم أخذوا خالد الجليل، وقرأت في الصحف اختيار فلان والشكر لفلان، حتى إنني قلت للأمير سلمان ما حدث يوم العيد وكانت حجتهم أنني ذهبت دون أن أخبرهم، وهذا محل استغراب نظراً للمكان الذي ذهبت إليه، فمثلاً مدير عام قيل له تعال لنجعلك وزيراً هل سيقول انتظروا حتى أشاور فلاناً، ولو لم يكن هذا الأمر من الملك بل من الحصين، وقال لي تعال قد توجد لك فرصة لذهبت دون أن أتردد، ولو كنت أخبرت بالأمر من قبل ولم أخبرهم لكان لهم الحق في ما فعلوا، كما أن عودتي للمسجد بعد هذا الشرف ستزيد المسجد رفعة ومكانة، وكنت أتمنى لو أنهم ردوا على اتصالي وعاتبوني، فعشرتنا ليست أياماً بل 20 عاماً، كما أن المسجد كان ولله الحمد منارة وعندي شهادة من مفتي المملكة في حسن إدارتي له والقيام به، ويعلم الله انه على رغم انشغالي وارتباكي بهذا الأمر المفاجئ وسفري من اجله في التو واللحظة وتفكيري في ما يجب أخذه وتركه، ومن سأقابل ومتى، كنت أفكر في المسجد واتصلت بمدير شؤون المساجد في الرياض وأنا في الطائرة وأخبرته بالأمر، وطلبت منه أن يدبر خطيباً ليوم الجمعة، وان يترك المؤذن يصلي بالناس التراويح حتى أبحث لهم عن شخص مناسب، مع احترامي الشديد للشيخ خالد الجليل. ولكنه ليس الشخص المناسب للمسجد ،لأن مسجد الملك خالد أصبح رمزاً لا يصلح أن يؤمه إلا شخص يكمل مسيرته بعد ما وصله من النضج، لا أن يبدأ المسيرة من جديد، وكل من كان يصلي فيه من علية القوم رحلوا. في ما يتعلق بالجماعة هل العلاقات الشخصية ذهبت أدراج الرياح أيضاً؟ - أنا قلت في حواري السابق معك إنني لم تربطني بهم علاقة قبل المسجد ولم يكن بيني وبينهم أي لقاء، فيبدو أن هذا جعلهم يغضبون نوعاً ما، وجاء الحرم فأكملها. ألم يتدخل المصلحون على الخط؟ - بلى تدخل كثيرون وتوسطوا ولكنهم لم يقبلوا شفاعة أحد، وعذرهم أنني انتظرت حتى جاء رمضان لأذهب وحجتهم غير مقبولة، الآن المسجد بعد أن كان يصلي العشاء معنا سبعة وثمانية صفوف أصبحوا الآن من خمسة إلى أربعة، وفي الفجر كنا نصلي ثلاثة صفوف أصبحوا الآن لا يكملون صفاً واحداً، أما الظهر والعصر والجمعة فلا يقاس عليها، لأن الجنائز هي من تأتي بهم وهذه مشكلة، ولا أقول هذا لأنني رحلت ولكن يفترض بك عند وضع البديل اختيار الشخص المناسب. يبدو أن أخطاءك تراكمت، فحلت عليك"غضبة الحليم"كما يقال... ولكن هل مساعي الإصلاح لم تزل مفتوحة؟ - بكل صراحة، حتى أنا أخذتني العزة بالإثم، وعندي مبدأ في الحياة"من عافنا عفناه ولو كان غالي"والحمد لله أنا سأصلي في هذا المسجد أو غيره، والناس لا تأتي للمسجد ولكن تأتي للإمام، قد يكون لهذا المسجد ميزات لكن معظم هذه الميزات أنا وبلا فخر من صنعها، ولكن المسجد لا يصنع الإمام أبداً. الحرم نفسه على عظمته لم يستطع أن يصنع أئمة، ونعرف أناس جاءوا للحرم لكنهم لم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم. ما شعورك وأنت تأتي للمسجد الذي كنت إمامه مأموماً اليوم والناس تسلم عليك ألا تشعر بالحزن؟ - لا أبداً، الناس ليس لهم علاقة، سواءً كنت إماماً أم مأموماً، بصراحة من قبل كنت إذا سافرت وقلت هذا سابقاً أشتاق للمسجد شوقاً عظيماً لكن بعد رمضان خلعته من قلبي، وقد يكون من فضل الله علي أن جاءت هذه المسألة في الحرم، لأنني بعد الحرم لم أعد أرى أي مسجد آخر مهماً، ولكني حزين على منجزاتي وتاريخي في المسجد، أما بالنسبة إلى المكان فأستطيع أن أخذ مكاناً آخر بمميزات أفضل. لماذا لا تزال موجوداً في سكنك ومكتبك وأنت كما تقول مرتحل؟ - لأن لدي كما تعلم عائلة كبيرة ونقلها ليس بالشيء السهل، بحثت كثيراً حتى تيسرت الأمور، ولله الحمد اشتريت منزلاً بالقرب من المسجد الذي سأؤمه، وهذه من حسنات هذا الموضوع ولو لم يحدث لكنت إلى الآن في سكني ولم أشتر منزلاً، وأبشر كثيراً ممن يسألون عن وجهتي الجديدة بأنها ستكون في حي"اشبيلية"، على شارع الحسن بن حسين، في جامع الشيخ عبد المحسن المحيسن الذي سينتهي في غضون شهر أو نحوه. هل مواصفات المسجد الجديد تشعر بأنها ترد لك اعتبارك؟ - كان قبل الشيخ عبد المحسن الأمير سلمان الذي أوصّى وزارة الشؤون الإسلامية بأن يعرض علي أي مسجد، وفي أي منطقة، وهذا بحد ذاته تاج على رأسي، وعرضت علي مساجد كثيرة، بينها مساجد لها أئمة، لكن مروءتي لم تسمح لي أن آخذ مكان أحد. أما مسجد المحيسن فله ميزات منها أنني أعلم أن صاحبه رجل غني فاضل قادر على أن يرتفع به، وأنا في جعبتي الكثير له، من ذلك ملتقى"رواد المحبة"الذي سيكون حافلاً بالجديد في جانب نصرة النبي. كثير من الناس يتساءل كيف يعيش عادل الكلباني وهو ليس موظفاً ولا تاجراً، ومكافأة الإمامة كما نعلم قليلة؟ - صحيح أنني لست تاجراً، لكن عندي"تُجيرات"والأكل والشرب ليس قضية. ألا تنوي أن تغير الفكرة وتتوظف؟ - لا فأنا قريب من التقاعد ويصعب في الحقيقة على شخص مثلي أن يتوظف وأين؟ وأنا لست عاطلاً لكني بلا وظيفة رسمية. هل تراهن في المسجد الجديد على جمهورك القديم أم على جمهور جديد ستصنعه؟ - أراهن على الاثنين معاً، فكثير من الناس كانوا يأتونني من حيي"النظيم"و"الروضة"إلى"أم الحمام"، الآن سأختصر عليهم الطريق. بالنسبة إلى جامع الملك خالد لو قالت لك الأميرة موضي - عفا الله عما سلف... ماذا تصنع؟ - سأرد التحية بمثلها وأقول: عفا الله عما سلف، وليس في قلبي شيء عليهم، أما العودة مستحيلة فقد عقدت اتفاقي مع الشيخ ولا ينقلني من مسجده الآن إلا شيئان: أمر ملكي بالتوجه إلى الحرم في رمضان وغير رمضان، أو أن يرغب عني هو الآخر. وما موقف المحيسن فيما لو ذهبت للحرم رمضان المقبل؟ - أعتقد أن عنده خلفية عن إمكان حدوث مثل هذا، كما أنني أحسبه والله حسيبه رجلاً خيّراً ولنقل صناعة سلطان بن عبدالعزيز، وهذا يكفي. كثير من رواد الإنترنت يتساءلون: هل عادل الكلباني الشيخ، هو نفسه الحاضر في الساحات بمشاركاته؟ - نعم هو نفسه. حدثنا كيف بدأ شيخ بجلالة قدره بالكتابة في الساحات، مع ما تمثله الكتابة فيها من شبهة آنذاك؟ - أنا أول شخص كتب في الإنترنت باسمه الصريح، لأن لدي قناعة بأن أي كلام لا يُعرف قائله ليس له قيمة، وفعلاً بدأ كثير من الدعاة والمشايخ ينحون منحاي ويكتبون بأسمائهم مثل عايض القرني، وسليمان الخراشي وغيرهم، وكان هذا في بداية عالم الإنترنت قبل التفجيرات بسنتين أو ثلاث، و كان أول ظهور للتكفيريين ومن علاماتهم أنهم لم يكونوا يقبلون أن تقول المملكة أو السعودية ولكن يسمونها الجزيرة، ومن هنا دخلنا معهم في صراعات جدلية، ولهذا كان من المهم أن يُعرف من القائل كما أني كتبت عن سيد قطب كثيراً واستفدت من كتاباته كثيراً، فكنا في الإنترنت نبحث عن الحق أينما كان، ونرد الباطل أينما كان أيضاً، حتى إني اعترضت مرة على كتابات شيخ ما فاعترض السلفيون الذين يرون انه ليس لك أن تنتقد أحداً من المشايخ مهما كان، وأطلقوا عليّ لقب عميل الحكومة فرددت عليهم في"النت"والمنبر عميل الحكومة تهمة لا أتبرأ منها، واجبنا أن نكون عملاء للحكومة ،وهذا ما ينص عليه الشرع. في الإنترنت ... أي تيار كنت تمثل وأي تيار كنت ضده؟ - في البداية كنت أحاول أن أسيطر على الوضع، لكن أثبتت لي تجربة النت ما قاله لبنان"هيك شعب بدوا هيك حكومة"، في النت معظم الموجودين سعوديون، فالكتابة كلها مهاترة ليس فيها بحث عن حق أبداً، حتى إنه كان لي مقالة عن الأمير سلمان فخشيت أن أجلب له السبّ واللعن فقررت ألا أنشرها، فلم يسلم أحد من شرهم، اختلفوا حتى على بن باز نفسه، كنت أمثل التيار المعتدل إذا شئت أن تسميه. حين كنت في مرحلة النت... هل كنت تجاوزت مرحلة الاندفاع؟ - نعم، بوقت طويل. إذاً... لماذا كانوا يطلقون عليك لقب الجامي وأنك تمثل تيار الجامية؟ - أنا اتُّهمت بالجامية، والإخوانية، حتى إن أحدهم قال لي:"أنت سلفي المعتقد إخواني المنهج"والله إني سألته: ما عقيدة السلف فلم يعرف، وما هو منهج الإخوان فلم يعرف، بل كان هناك طلبة أميركيون أدخلتهم في الإسلام، وساعدتهم على الدراسة في جامعة الإمام، وسكّنتهم عن طريقي، ومع ذلك كفّروني وصاروا يشتمونني، وأنا طردتهم. ما التيار الآخر الذي كنت معادياً له؟ - التيار التفجيري التكفيري، والتيار المتملق الذي هو الجامي فإقرارنا بولاية الأمر لا يعني ألا نناصحها، بل من الدين النصيحة لولاة الأمر، وهم لا يرون هذا. لم أفهم حتى الآن... ماذا تمثل أنت؟ - أنا سلفي على مذهب الإمام عبدالعزيز بن باز ومحمد ابن عثيمين، وقد قالها لي ابن عثيمين شخصياً وأنا في منزله أيام الأزمة قال:"إذا كنتم تبحثون عن حق فستدورون وتدورون حتى ترجعون لمنهجنا نحن"الشيبان"، وستقولون الله يرحمهم". وفعلاً أثبتت الأيام أن منهجهم هو المنهج الصحيح، في منهجهم التعامل مع الكل ولا تجد تمييزاً بين شخص وآخر ولا ذماً لأحد. وعلى المنهج نفسه يسير المفتي العام للمملكة الحالي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، متعه الله بالصحة والعافية. هل تتوقع في المستقبل أن يكون لنهج بن باز وابن عثيمين صدى مثل الذي تحقق لابن القيم وابن تيمية... مع الفارق طبعاً؟ - هم على كل حال طبّقوا السلفية الحقة، والله لن يضيع أجرهم، ونلمس بركة علمهم وجهادهم الفكري في الساحة حتى اليوم. بالعودة إلى النت ما أبرز المواقف التي أثرت فيها جدلاً؟ - ضاحكاً، من أغربها من حذّر من الصلاة خلف الكلباني، صلاة التراويح، لأنه يبيح الغناء أو يحث على الغناء والاستماع لأم كلثوم ومحمد عبده، والغبي حذر الناس فقط من صلاة التراويح وكان الفرض أولى. هل لك مذهب خاص في الغناء بالفعل؟ - لا ليس لي مذهب خاص في الغناء، أنا أقول لك إن هذا من غرائب المواقف ولا شك أنني أقول في العيدين، والأفراح والمناسبات، وأتكلم عن الدف وما شابهه ولم أتكلم عن أم كلثوم، ولا عن محمد عبده. وقالوا عنك أيضاً تشاهد"طاش ما طاش"، يوم كان من المحظورات؟! - في الواقع أنا لم أكن أشاهده مطلقاً، لكن أحد الشباب أتي لي ببعض الحلقات التي حجبت عن الهيئة عبر الانترنت، ولم أر فيها شيئاً، بل فيها موازنة ونقداً كأي نقد لأي جهاز حكومي، ما الإشكال في أن تنتقد وزارة المالية مثلاً أو الداخلية ما دمت لا تنتقد الدين بل تصرفات بعض العاملين. لماذا نشطت في الفترة ما قبل التفجيرات وبعدها شبه غبت؟ - لا، لم أغب ولكن أقللت، لأني اقتنعت أن في الإنترنت لا يبقى إلا السب والشتم، أما المقالات المفيدة والصائبة لا تذكر وتذهب طي النسيان، فالفائدة غير مرجوة، والناس لا تقرأ عادة إلا الصفحة الأولى وتترك البقية، ولهذا عزفت عنه. آخر مقال كتبته عنونته:"شكراً لميس"وكنت أعني أن هذا المسلسل عرّانا تماماً ويجب أن تتغير طريقة تعامل العلماء مع المجتمع. بصراحة هل تابعت تلك المسلسلات؟ - لا والله أبداً لم أشاهد ولا حتى جزء من حلقة، وأنا أكره المسلسلات أصلاً، ولكن الكلام الذي نسمعه في الاجتماعات عن لميس وما نقرأه في المجلات والصحف هو الذي دعاني للتفاعل مع الموضوع. من باب الإشاعات التي تطلق على المشاهير، ثمة قصة تروى عن قصة حمل زوجتك... فهل تلك حقيقة؟ - نعم قصة حقيقية، وكنت نشرتها في أيام"النت الأولى"بعنوان:"ثلاثة عيال بمائة ريال"، وهي باختصار أن زوجتي الثانية من بلاد الشام طال زواجنا ولم تحمل فأزعجها ذلك كثيراً، حتى إذا قابلت بالصدفة امرأة مسنة عقها ولدها، فما كان منها إلا أن تصدقت عليها ب 100 ريال، وسألتها أن تدعو لها بذرية بعد أن أخبرتها بحاجتها. وما هي إلا أشهر حتى أتانا اتصال من تلك العجوز تسأل زوجتي: أتاني ملك في المنام وأخبرني بأنك حامل، فهل أنت كذلك؟ وكانت زوجتي بالفعل للتوّ حملت ولم تخبر بالأمر أحداً. فرزقنا الله من الشامية حتى الآن ثلاثة أبناء ببركة الصدقة. في هذه القصة ذكرت أنك تزوجت من الخارج لماذا لم تتزوج من داخل المملكة؟ - لدي زوجة من داخل المملكة، ولكن أنا فلسفتي ألا أكرر الزواج من منطقة واحدة، وأنت تعلم أن للشام فضائل دينية عدة، وجمالية لتحسين النسل، أما من يتزوج اثنتين من المنطقة نفسها فلا يعتبر معدداً فأنا الآن أعيش يومين، يوم سعودي ويوم شامي، أما السعودة جيدة في أحوال، وهناك أحوال لا دخل للسعودة فيها. وكل امرأة لها مزايا مختلفة ولكل واحدة من الصفات ما لا توجد عند الأخرى. في ما يتعلق بأزمة غزة القائمة الآن ما رأيك في التعاطي الإسلامي معها؟ - أهل غزة كشفونا على حقيقتنا، فنحن قوم تسمع لهم جعجعة ولا ترى طحناً. وماذا عن الحركات الإسلامية التي كانت مؤثرة في الأزمة ومتأثرة بها؟ - أظن أن الإمام علي الطنطاوي إن لم أكن واهماً كان يتكلم عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وكان يذكر من مزاياه انه أسهم في إقامة الدولة التي عجزت كل الحركات إلى يومنا هذا أن تقيمها لأنه أقامها روحياً وترك السياسة للحاكم فقامت السياسة مع الدين إلى يومنا هذا ومن دون تنافر ولله الحمد، وهذا أبلغ رد على الحركات التي عجزت عن أن تقيم دولة لأنها لم تأت بالطريق السليم، والخروج على الحاكم لا يأتي بنتيجة أبداً ولا ينجز إلا الفشل. هل تعتبر"حماس"خرجت على الحاكم؟ - لا"حماس"وضعها مختلف،"حماس"انتخبت بحسب نظامهم، بل بالعكس هم من انقلبوا عليها، وإلا فهي جاءت بالطريقة المعتبرة شرعاً ونظاماً. وكيف ترى سياسة الحركات الأخرى في الوصول إلى السلطة؟ - إذا وصلت كما وصلت"حماس"فلا بأس، وإذا تحقق أن"حماس"لم تنجح فيجب أن يتعايشوا كما تعايش الرسول مع 360 صنماً في الكعبة لمدة 13 سنة، يعني أريد من الحركات أن تعمل بقوله تعالى"كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة"وهذا هو منهج القرآن، مثل العراق، لو قلنا إن صدام كان ظالماً مليون في المئة فإن بقاءه مع ظلمه أفضل بكثير مما هو حاصل الآن. ما رأيك بأداء"حماس"في هذه الأزمة؟ - أداؤها كان أكثر من رائع، وأنا أرى أنها انتصرت انتصاراً عظيماً، لأن إثبات المبدأ هو أعظم انتصار بغض النظر عن الخسائر، لأن الخسائر موجودة في كل حرب. هل تعتقد أن الأمة الإسلامية الآن مؤهلة للجهاد كما نادت"حماس"؟ - لا، لأني متأكد أنه حتى لو فتح باب الجهاد فستحدث انتكاسات كبيرة. الخطأ من "الهيئة" مستكبَر ... لأنها ليست كبقية أجهزة الدولة ! بما أنك أثرت موضوع الهيئة، كيف ترى أداءها والجدل الدائر بينها وبين طبقات من المجتمع؟ - لا شك أن الهيئة جهاز رسمي، والتصادم مع الناس أمر طبيعي، فهناك فرق بين معتقد الناس الديني وبين تطبيقهم لهذا الدين، كالفرق بين التهوّر والشجاعة، فهناك فرق بين الكلمة في موضع والكلمة نفسها في موضع آخر. لكن شعور الهيئة بالظلم يعود إلى اعتقادهم بأن أخطاءهم النادرة يتم تضخيمها، فيما يتجاهل أعداؤهم إنجازاتهم التي لا تحصى؟ - لأن الخطأ منهم مستكبر، لأنهم رجال دين يمثلون هذا الإسلام وليسوا كبقية أجهزة الدولة، وأنا أرى أن النقد الموجه لهم طبيعي، لكن فيه شيئاً من التحامل، مثلما أنهم يقعون في بعض الأخطاء، الهيئة تتحسس من هذا النقد لأن رجالها يرون أنفسهم يمثلون الدين، بينما يراهم الآخرون أشخاصاً عاديين يقومون بمهماتهم الرسمية، فهم يعتقدون أنك تنتقد الدين بينما أنت لا تنتقد الدين بل تنتقد تصرفاً معيناً، وأنا أرى بدلاً من ترصّد الأخطاء، التمسّك بمنهج الحوار فهو أفضل، نحن نرى أخطاء غير منطقية مثل تفتيش جوالات الناس، وقص شعر من لا يروق لهم، والتنكيد على الشباب المتنزهين حتى قبل وقوع المخالفات منهم. كل تلك أخطاء لا تليق، وتحدث باستمرار. هناك من يقول في السجال مع الهيئة، إن المجتمع هو الذي تغيّر، أما الهيئة فإنها بقيت محافظة على مبادئها، فأين ترى الإشكال في الهيئة أم المجتمع؟ - الإشكال أتى من الاثنين، لأن المجتمع تغيّر، إذ كان الضرب شيئاً أساسياً في حياتنا، الطالب يضرب في المدرسة، والابن يضرب في المنزل وهكذا، بينما الآن ابنك وهو تحت تصرفك لن يقبل منك أن تعامله بمثل ما كان أبوك يعاملك، فتغيرت مفاهيم كثيرة في المجتمع. ولكن رجال الحسبة مع إيمانهم بتغير العصر إلا أنهم يدافعون بأن الدين في الماضي هو الدين في الحاضر، فهل لأن المجتمع تغيّر يتنزّل عليه دين جديد؟ - أنا أقول إن طريقة نصح الناس يجب أن تتغير، وطريقة التعامل مع المجتمع يجب أن تتغير، حتى مع المخطئ 100 في المئة، ولا أتكلم عن قضية بعينها، فإذا أمسك شاب مختل بفتاة قد يكون الصواب ترك البنت تذهب إلى أهلها، وقد يكون لا، كل قضية بحسبها، انظر إلى الرسول عندما أتته الغامدية وقالت له أنا حبلى من الزنا فطهرني، فأعرض عنها، فلما أصرّت قال لها إذا وضعت حملك تعالي، حتى يترك لها مجالاً. لاحظ الشاهد من هذا أنه لم يسألها من هو الزاني ما دام مستوراً، انظر إلى منهج الرسول في حصر مثل هذه القضايا قدر الإمكان، خصوصاً في ما يتعلق بالأسرة، ولا أعني أن الهيئة تفضح الناس، ولكن على رجل الهيئة أن يكون مثل حكم المباراة سريع القرار ويكون بناءً على قناعة لديه وقد يصيب وقد يخطئ.