تواصلت أمس جلسات وحلقات نقاش المنتدى الدولي الثالث للتنافسية، الذي انطلق في الرياض أول من أمس، وتنظمه الهيئة العامة للاستثمار، ويعقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وتناولت نقاشات أمس محاور عدة، أبرزها البنية التحتية، بوصفها محركاً اقتصادياً، وإمكان أن تأخذ مشاريع البنية التحتية الأولوية في زمن ندرة توافر رأس المال، ومدى ما يمكن أن تسهم به مشاريع البنية التحتية في مساعدة الدول في التغلب على الاضطرابات الاقتصادية والمالية، وكذلك إمكان تحديد أولويات مشاريع البنية التحتية في الأوقات، التي لا يتوافر فيها التمويل اللازم، كما تناولت النقاشات التنافسية والبيئة. وركّز المتحدثون والمداخلون على التأثيرات المناخية في الشركات والدول، والدور القيادي الذي ينبغي أن تقوم به الشركات لمواجهة التحديات البيئية، مطالبين بضرورة أن يكون هناك انخفاض في الانبعاثات إلى النصف إذا أردنا تخطي ارتفاع حرارة الكوكب، وعرج بعض المتحدثين على الحديث عن السيارات الكهربائية، وما يمكن أن تقوم به في هذا الشأن. ولفت متحدثون إلى أهمية توفير المعلومات لمساعدة الشركات في اتخاذ قرارات صحيحة، وأعطوا أمثلة لذلك بشركة البريد الفرنسي، التي خفضت انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة، وأمثلة أخرى في أميركا وهولندا. تركّزت النقاشات في محور الجيل المقبل من الإبداع والابتكار، الذي شارك فيه 6 متحدثين حول الشركات والمستهلكين والدول، ومن يقف وراء الطلب على الابداع والابتكار ويشجعه، وكيف تستطيع الاقتصادات الناشئة احتضان الإبداع والابتكار ورعايته، ومدى سعي الدول إلى الإبداع والابتكار، إضافة إلى كيفية استطاعة الاقتصادات الناشطة، التعامل والتكيف مع الموانع الأخلاقية في مجال البحوث العلمية. وناقش المشاركون طبيعة الإسهام الذي ستقدمه مجموعات التقنية الناشئة إلى الأعمال والنمو الإنتاجي، وكيفية تمويل بحوث التقنيات المتقدمة مع وجود الركود الاقتصادي، في ظل تقلص التمويل والمشاريع الفردية الخاصة، نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية. وقال عالم الطبيعة النظرية في جامعة سيتي الدكتور ميشيو كاكو، إن العلم لا يقف في مكانه، وسنعمل على إيجاد موجات جديدة للحياة، خصوصاً في ظل تقنية النانو، التي تسمح لنا بالتلاعب بالذرات، لنخرج بتقنية عالية يمكن وصفها ب"العجائب"، لدرجة تمكّننا من الوصول إلى قطع غيار بشرية كالكبد الاصطناعية، إضافة إلى ممرضات ومستشارين قانونيين إلكترونيين. من جهته، تحدث رئيس تحرير مجلة الطبيعة الدكتور فيليب كامبل عن معايير الشفافية والموضوعية في تمويل أية جائزة لتعزيز التنافسية، والانفتاح على التقويم والالتزام الدولي، ووضع الأولويات العلمية من خلال البحوث. وأوضح رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد السويل، أن بعض الحكومات لاحظت ضرورة قيادة الإبداع، وعملت على ابتعاث طلابها لتعزيز الإبداع والابتكار، واستعرض مجموعة من التجارب الفردية، التي كان الإبداع هو المحرك الأساسي لقيامها ونجاحها. وحول طبيعة الإسهام الذي ستقدمه مجموعات التقنية الناشئة في قطاع الأعمال والنمو الإنتاجي، أيّد مؤسس شركة"كي تي أي سي"كيب سوسة، ضرورة وجود الشباب الموهوبين القادرين على إيجاد آفاق جديدة في مجالات عدة، واستعرض تجربة شركته قائلاً:"إنها توفر عمليات التمويل في جميع الصناعات، ونجحنا في العمل من خلال أكثر من 500 استثمار في أنحاء العالم، بزيادة قدرها 22 في المئة". ولفت إلى ضرورة تحديث التكنولوجيا في ظل الأزمة المالية الحالية، الأمر الذي سينعكس على تعزيز التنافسية بين الدول، إذ إنه يوجد صلة مباشرة بين روح المبادرة والنمو الاقتصادي، ويجب أن يكون هناك تعاون أكبر بين الدول النامية والمتطورة، لتحدي الأزمة المالية العالمية، واستخدام الموارد البشرية والتكنولوجية بكلفة قليلة. وفي محور روح المبادرة في ظل التباطؤ الاقتصادي، تم التركيز على المشاريع الفردية الخاصة، وعلى دفع وتحفيز التنمية الوطنية، وكيفية استطاعة الدولة تشجيع المشاريع الفردية الخاصة، والعوائق التي تحول دون ذلك، وتعاون القطاعين العام والخاص للمساعدة في التغلب على هذه المعوقات. وتضمنت النقاشات كيفية وصول أصحاب المشاريع الفردية الخاصة إلى رؤوس الأموال في عالم مقيد مالياً، وأفضل وأنجح الطرق التي يجب استكشافها، من أجل تحقيق الازدهار والرخاء الاقتصادي. وقالت لوري بون الرئيس التنفيذي لشركة"بونفنشرز":"ان الأزمة الاقتصادية أثرت في الجميع، وننظر نظرة إبداعية اجتماعية لحلها عن طريق الجمع بين الأفراد والشركات". وبينت أن تمويل الشركات الصغيرة أصبح يشكل حافزاً استثمارياً للبنوك، إذ برز كنوع يسمح بنمو الاستثمار الخاص، وتوفير فرصة اجتماعية سيكون لها عائد اجتماعي ومادي. من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة هنري شين ستانلي بيرجمان:"إن شركته تقدم خدمات صحية للأطباء في الفروع كافة، وتمكنا من النمو بسبب فكرة الريادة من خلال الإبقاء على فريقنا في حال من الإبداع المستمر، إذ إن زبائننا هم من الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً من خريجي كليات الطب"، لافتاً إلى أنه يجب تشجيع الموظفين على المغامرة وأن أخطأوا نسددهم في وقتها بهدف تشكيل فريق عمل مميز قائم على أساس الريادة. وأكّد وكيل وزير التجارة الدولية الإيطالي أدولفو أورسو، أنه يوجد في إيطاليا 3.4 مليون رائد عمل، ونستورد المنتجات الزراعية ونصنعها ونعيد تصديرها، ونصدر المعدات، إذ إن 40 في المئة من الصادرات الإيطالية تكون من مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، وأشار إلى أن الأزمات الذي يعيشها العالم يجب أن تحل عن طريق أسس ومبادئ إدارة الأزمات. وأكّد أنه يجب على الرواد تحمل المخاطر، إذ إن الأزمة الاقتصادية لم تكن متوقعة وكل يوم تقدم لنا مفاجآت جديدة، ويجب على الدول أن تتوحد لمواجهتها، مشيراً إلى أن قطاع التصنيع والإنتاج يعد قطاعاً مزدهراً. ورأى الحاضرون أن الاقتصاد العالمي سيتعافى مع بداية عام 2010. فيما تناول المتحدثون في محور المخاطر العالمية مناقشة أبرز مخاطر الانهيار التي يمكن أن تواجه الاقتصاد العالمي في عام 2009، وانعكاسات الأزمة المالية على المدى البعيد، وكيفية استطاعة الشركات التكيف معها، وكيف تستطيع الشركات والدول المبادرة إلى وضع الاستراتيجيات اللازمة لمواجهة المخاطر الاجتماعية والسياسية، إضافة إلى استطاعة التنافسية المسؤولية الحد من حدوث الأزمات. وأوضح رئيس مجلس إدارة شركة يوبي إس إيه جي بيتر كورير، أن آثار الأزمة المالية العالمية على شركات الخدمات المالية كانت متفاوتة، إذ يجب عليهم إيجاد طرق مناسبة عن طريق خفض مصاريفها. وأشار إلى أنه من الضروري زيادة عمليات الضبط والرقابة بطرق مختلفة على رأس المال والسيولة، وإدارة المخاطر، وصناعة الخدمات المالية المتعلقة بالصناعات.