وافق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، على إحداث 204.056 وظيفة تعليمية لتسوية أوضاع المعلمين والمعلمات، وفقاً للمستويات المناسبة لمؤهلاتهم العلمية. وينهي التوجيه الصادر أمس، معاناة دامت لأكثر من عقد الزمان، دأب خلالها المعلمون والمعلمات، على المطالبة بحلها، حتى صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين، مطلع شهر رمضان الماضي، بتشكيل لجنة سداسية لحل هذه المشكلة. وعلى رغم تأخر اللجنة التي تضم وزراء التربية والتعليم، والخدمة المدنية، والمال، والتخطيط والاقتصاد، إضافة إلى وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مطلب النفسية، ورئيس ديوان المراقبة العامة، إلا ان اللجنة لم تعقد اجتماعها لمناقشة القضية، ما أثار حفيظة المعلمين، إلا ان وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد، ذكر الأسبوع الماضي، ان القضية ستحل خلال 12 يوماً، فيما أكد مصدر في وزارته، نهاية الأسبوع، ان الحل قد لا يكون خلال المدة التي حددها الوزير. وأوضح وزير الخدمة المدنية محمد الفايز، أن هذه الموافقة"جاءت بناءً على ما انتهت إليه اللجنة الوزارية المشكّلة بأمر خادم الحرمين، بناءً على اقتراح وزارة الخدمة المدنية، بدرس تحسين الأوضاع الوظيفية للمعلمين والمعلمات الذين تم تعيينهم على مستويات بسلم رواتب وظائف تعليمية تقل عن المحدد لمؤهلاتهم، بحسب ما نصت عليه لائحة الوظائف التعليمية"التعليم العام". واعتبر الفايز، إحداث هذه الوظائف بهذا العدد الكبير يأتي"تجسيداً لحرص الملك عبدالله بن عبد العزيز، على كل ما يعزز برامج الدولة وتطلعاتها، لرفع كفاءة العاملين في مختلف الأجهزة الحكومية الذين حملتهم الدولة أمانة حسن خدمة الوطن والمواطنين والمواطنات". وتقدم وزير الخدمة المدنية بالتهنئة"لكل من شملهم التحسين الوظيفي، من المعلمين والمعلمات"، وتمنى أن يكون في ذلك"حافز لهم على الجد وحسن الأداء في مجال عملهم، الذي يعد من أنبل وأهم ما يقدم للوطن والمواطنين والمواطنات، ومن الركائز الأولى والأهم في بناء المواطن والمواطنة الصالحين، ألا وهو التربية والتعليم". المعلمون يعبرون عن فرحتهم وعيونهم على "بقية الحقوق" أكد رئيس اللجنة الإعلامية لمعلمي ومعلمات المملكة خالد الجعيد، أن توجيه خادم الحرمين الشريفين، يأتي"تجسيداً لما يوليه من محبة وتقدير واهتمام بأبنائه المعلمين وبناته المعلمات". واعتبره"غير مستغرب من"ملك القلوب". ونوه ب"الدور الكبير لوزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد، والوزراء كافة أعضاء اللجنة الوزارية، في إقرار كامل حقوقنا الوظيفية من خلال هذا الأمر الكريم". وعدّ الجعيد، هذا التوجيه"دافعاً قوياً للزملاء، للعطاء في شكلٍ كبير في الميدان التربوي، وبخاصة أنه يحمل مضامين كبيرة بإقرار اللجنة بكامل حقوقنا الوظيفية"، مستدركاً"على الإدارة العامة للشؤون المالية والإدارية أن تضع المعلمين على درجاتهم المستحقة، ولا تقوم ب"تحوير الوظائف". واعتبر التقريب لأحسن رواتب بأنه"غير مجدٍ، لأن كثيراً من المعلمين لن يستفيدوا منه". من جانب المعلمين، ذكر بندر الحربي، وماجد الناصر، أن"الأوساط التعليمية والتربوية سادها الكثير من التفاؤل أكثر من أي وقت مضى، وبخاصة بعد أن أعلن صباح اليوم أمس عن التوجيه، بتعديل مستوياتنا، التي فقدناها منذ نحو 12 عاماً". وعبّر سعيد القحطاني، وسالم العتيبي، عن بالغ امتنانهما إلى خادم الحرمين، لافتين إلى أن هذا التوجيه"يجسد اهتمامه في أبنائه المعلمين وبناته المعلمات"، موضحين أن ما حمله هذا الأمر السامي"يؤكد إعطاءنا حقوقنا كافة، من مستوى مستحق، ودرجة مستحقة، واحتساب سنوات البند 105، إضافة إلى الفروقات المالية التي حُرمنا منها طيلة ال12 عاماً الماضية". وشدد جبران شراحيلي، وسلطان البراق، اللذان سبق لهما مقابلة خادم الحرمين الشريفين، مع فهد الشهري، على وجوب ان يحصلوا على حقوقهم التي أقرتها اللجنة، بالمستوى الخامس والدرجة المستحقة والمقدرة بعدد سنوات الخدمة. من جهته، وصف طارق الرشيد، القرار بأنه"أول الغيث، وستليه باقي الحقوق، بعد أن تقرها اللجنة من احتساب سنوات خدمته على بند 105، والحصول على فروقاته المالية". وأيده في ذلك عبد العزيز العثمان، الذي تمنى من اللجنة أن"تواصل عملها، وتستمر في جلب باقي الحقوق لنا". وأضاف"ليس من المنطق أن يقارن المعلم المعين حديثاً، ويعطى حقوقه كافة، بمعلم سبق له العمل لأكثر من 10 سنوات، ولم يحصل على حقوقه إلا أخيراً"، مطالباً اللجنة ب"سرعة إقرار الفروقات لإنهاء المشكلة من جذورها". مطالب المعلمين من "المجالس" إلى "أروقة المحاكم" جاء قرار خادم الحرمين الشريفين، باستحداث 204 آلاف وظيفة، تتويجاً لجهود ستة معلمين فعلوا ونفذوا وتحصلوا على بعض مطالبهم، وقدموا خدمة لأكثر من 204 آلاف معلم ومعلمة. ويروي رئيس اللجنة الإعلامية في منتدى حقوق المعلمين خالد الجعيد، ل"الحياة"، تفاصيل القصة، بالقول:"إن الفكرة بدأت في شهر آب أغسطس من عام 2007، أثناء تجمع ستة معلمين، قرروا العمل على المطالبة بمستوياتهم المستحقة وفروقاتهم المالية، من خلال الأبواب الرسمية في الجهات الحكومية". وأوضح أن"مشاورات كثيرة استمرت بينهم، تم بعدها الاتفاق على إطلاق منتدى يعنى في المطالبة بحقوق المعلمين المالية، التي حرموا منهم لعدم تعديل مستوياتهم"، مضيفاً أنه تم"إطلاق الموقع مباشرة، وشكلوا لجاناً ومنسقين في مختلف مناطق المملكة، لجمع بيانات المعلمين وحصرهم، تمهيداً لتوكيل محامٍ للترافع نيابة عنهم في ديوان المظالم". وأشار إلى أن اللجنة"رأت التوجه إلى خادم الحرمين الشريفين، لعرض القضية عليه. والتقى المعلمان سلطان البراق، وفهد الشهري، الملك عبدالله بن عبد العزيز، وعرضا عليه القضية، في حين كانت لجنة المطالبة بالحقوق تتفاوض مع المحامي". وبدأ المحامي في كانون الثاني يناير من الماضي، توجيه خطابات تظلم إلى الوزارات الثلاث المعنية التربية، والخدمة المدنية، والمال. وفي شهر آذار مارس من العام ذاته، أدخل المحامي القضية إلى أروقة ديوان المظالم في جدة. وبدأت أولى الجلسات في آيار مايو، وتفاجأ المحامي برفض أحد الدوائر الإدارية للقضية، بعد أن قدمت وزارة التربية مذكرة جوابية، تتضمن طلباً برفض القضية،"لفوات مدة السنوات الخمس النظامية للمطالبة". في حين رفضت دائرة أخرى طلباً لوزارة التربية، بعدم النظر في القضية، بحجة"عدم اختصاص المحكمة بنظرها مكانياً". وفي شهر أيلول سبتمبر، وجّه خادم الحرمين الشريفين، بتشكيل لجنة وزارية، تضم وزراء: الخدمة المدنية، والتربية والتعليم، والمال، والاقتصاد والتخطيط، إضافة إلى وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مطلب النفيسة، ورئيس ديوان المراقبة العامة، لدرس وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات أقل من المستويات التي يستحقونها، من جوانبه كافة، واقتراح أفضل السبل لمعالجته، بعد ما رفعه وزير التربية، بشأن وضع المعلمين والمعلمات المعينين على مستويات تعليمية أقل من المستويات التي يستحقونها، فيما استمرت جلسات ديوان المظالم، وشهدت الجلسة التي تليت القرار تجاذباً بين المحامي ومندوبي الوزارة. واعتراف الأخيرة بأحقية المعلمين والمعلمات في مطالبهم، وأنها لا تنازعهم في ذلك، غير أنها لا تملك الشواغر الوظيفية الكافية لتعيينهم على مستوياتهم المستحقة. إضافة إلى أنها"تتبع الآلية المعتمدة من جانب الخدمة المدنية في تحسين أوضاعهم ولم تخالفها". ووصف المندوب المطالبين ب"المعتدين على الآلية من دون مراعاة لمبدأ المساواة والعدل مع من هم أسبق منهم في التعيين". لكن المحكمة الإدارية أصدرت في تشرين الثاني نوفمبر حكماً بوقف النظر في القضية، حتى انتهاء أعمال اللجنة الوزارية المكلفة، ومعها انتظر المعلمون أكثر من 140 يوماً، لاجتماع اللجنة، وإقرارها المستوى الخامس الذي صدر صباح أمس.