انطلقت أطنان من مياه زمزم منذ بداية الشهر الفضيل، محملة في صهاريج خاصة لنقل ماء زمزم، كانت تسير ما بين خمس إلى ست ساعات سالكة الطريق البري الذي يبلغ نحو 447 كيلومتراً بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لتصل إلى زوار المسجد النبوي الشريف بمدينة المصطفى، إذ تهفو قلوب مرتادي وزوار المدينتين المقدستين لرشفة من معجزة بئر لا تنضب بأرض مكةالمكرمة ارتبط لديهم ذلك الماء بدينهم فضلاً عن كونه"لما شرب له". وقالت مصادر مطلعة عن كثب بتلك البئر ل"الحياة"إن طيلة شهر رمضان المبارك وطريق مكة - المدينة لم يخل من حمولة الأطنان عبر أكثر من 25 صهريجاً موزعة على أربع ورديات لكل 24 ساعة يومياً، تُحسب حمولتها عبر مراقبين كلفوا من قبل رئاسة شؤون الحرمين الشريفين للتأكد من الحمولة وعدد السائقين الذين انطلقوا نحو مدينة المصطفى لتزويد المسجد النبوي بها، ليتحرك نحو 12 صهريجاً كل يوم على مدار الشهر كاملاً. وقال مدير إدارة الصيانة والسقيا في وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة إبراهيم بن معيض الحربي ل"الحياة":"إن القسم يسعى إلى استخدام نحو تسعة آلاف حافظة ماء وكرسي تصنع خصيصاً للسقيا بالمسجد النبوي وفق شروط ومواصفات خاصة، إذ يبدأ عمل السقيا بتأمين مياه زمزم عبر ناقلات مخصصة بمعدل 240 طناً يومياً خلال شهر رمضان محكمة الإغلاق بعد تعبئتها من مكةالمكرمة ليتم فتحها في المدينةالمنورة بعد التأكد من وسائل السلامة بها وتحليل المياه وتفريغها بالخزانات الأرضية الخاصة بالحرم وخزان السبيل". وأضاف"أن الإشراف على شبكة مياه زمزم يتم بطريقة صحيحة من حيث التصفية الفلترة فيتم توزيع الحافظات وترتيبها بكافة مواقع المسجد النبوي والسطح والساحات في جميع الصلوات مع تأمين الاحتياط وتوزيعها في المواقع عند الطلب، كما يضاف إلى الحافظات خزانات للمياه المبردة موزعة في جميع أنحاء ساحات المسجد النبوي وعددها 24 خزاناً تبلغ سعة كل منها 2 طن". وقد بلغ إجمالي كمية زمزم المستهلكة في شهر رمضان نحو 7200 طن من منبعها بمكة يومياً إلى المدينةالمنورة، بينما بلغ متوسط أعداد الحافظات الموزعة والمستهلكة يومياً نحو 6500 في الحرم، ونحو 250 حافظة في السطح، ونحو 2200 حافظة في الساحات. إن بئر زمزم هي بئر الماء الوحيدة التي تشرف عليها وزارة للبترول في العالم فبموجب إرادة سامية تشرف وزارة البترول والثروة المعدنية في الحكومة السعودية على بئر زمزم باعتبارها ثروة قومية ودينية في البلاد، وتقع البئر على بعد 20 متراً من الكعبة والتي تضخ عيونها المغذية ما بين 11 و18 ليتراً في الثانية منذ نحو خمسة آلاف عام، إذ كانت بئر زمزم من أبرز معالم المسجد الحرام، وفي قعرها ثلاث عيون، عين بجوار الركن الأسود، وعين بجوار جبل أبي قبيس والصفا، وعين بمحاذاة المروة، وكانت مبنية من غورها إلى رأسها، وكان لها حوضان، أحدهما بينها وبين الركن يشرب منه، والثاني وراءها له مجرى يذهب فيه الماء من باب الصفا، حيث يتوضأ الناس منه ويصب الزائد من الماء في بئر، ولم يكن عليه شباك، وكان موضع السقاية بين الركن وزمزم مما يلي ناحية الصفا. وهو أقدس آبار المياه عند المسلمين، وليس هناك شراب على وجه الأرض يفوق مكانة ماء زمزم عندهم، ويزيد البئر شرفاً عند المسلمين أنها حفرت بجناح جبريل، وساقت الملائكة مياهها من أنهار الجنة غياثاً للسيدة هاجر وابنها الرضيع إسماعيل عليهما السلام، وسقياً لضيوف الرحمن، ولتكون آية للناس على مر العصور.+