بعد استقبال شاب في مقتبل العمر مكالمة هاتفية تطلب منه الحضور إلى مكان ما بأسرع وقت، وما أن يغلق الهاتف يخرج مسرعاً من منزله وهو يحمل معه ثمرتين من فاكهة ويحاول متلصصاً أن يأكلها في طريقه، ليصل إلى مبنى كبير يستدعيه طبيب ويطمئن بأنه تناول شيئاً ما ليجلس على كرسي مستعداً للتبرع بدمه لإنقاذ شاب من وفاة محتومة أو من خطر يتربص به. تخرج سيدة كبيرة في السن تشكر هذا الشاب وتدعو له بالصلاح والعافية والشاب يبادلها الدعاء لولدها بالشفاء العاجل. هذه صورة لإعلانٍ يُشجع الشباب في شهر رمضان على المضي في مساعدة الآخرين والمرضى تحديداً من خلال التبرع بالدم آخذين بالمعنى الديني والصحي لهذا العمل الخيري، ويقودنا هذا الإعلان إلى السؤال، هل التبرع بالدم من المفطرات في رمضان؟. يقول أستاذ الدراسات المدنية في كلية الملك فهد الأمنية وعضو مجمع الفقه الإسلامي الشيخ الدكتور محمد النجيمي ل"الحياة"إلى أن التحليل البسيط للدم لا يُفطر في نهار رمضان بل يُفضل على من يذهب لتحليل دمه الامتناع عن الأكل والشرب، قائلاً:"من يتبرع بدمه بنسبة كبيرة فلابد أن يفطر لأنه ومن الناحية الصحية اقتضت العادة أن يتناول السوائل بعد أخذ الدم منه وهو ما يعتبر مفطراً لأنه يدخل في معنى الحجامة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم وهذا رأي الحنابلة وأهل الحديث وهو الرأي الذي تدعمه الأدلة . أما من يذهب لتحليل دمه التحليل البسيط لفحص ما أو يعمل على خلع ضرسٍ له أو إصابته بالرُعاف فإنه لا يدخل ضمن المفطرات". وحول حكم إفطار المتبرع في الدم في نهار رمضان أردف النجيمي قائلاً:"الدم الكثير الذي يخرج من الإنسان برغبة منه كالذي يؤخذ تبرعاً وإنقاذاً لأشخاص في عمليات نقل دم وجب عليه بعدها شرب السوائل فإفطاره جائز، ومن ثم عليه قضاءه بعد ذلك، ولعل أفضل أوقات التبرع في الدم في شهر رمضان هو المساء ذلك لئلا يضطر الصائم أن يفطر في نهار رمضان، لكن إن تطلب الأمر وجود حالات طارئة في النهار كإغاثة مريض يحتاج إلى دم وهو يعد من باب إنقاذ النفس المعصومة وكذلك إن تطابقت فصيلة دمه مع فصيلة دم المريض وجب عليه التبرع والإفطار في نهار رمضان"