يحكى أن المتنبي وأبا نواس قدما إلى أحد أسواقنا"هاذين اليومين"فربطا دابتهما على أعمدة الإنارة، وما إن همّا بالدخول حتى استوقفهما الحاجب المدعو"السيكورتي"ومنعهما من الدخول بسيفه البلاستيكي، وحجته في ذلك أنهما عزاب وليسوا بعوائل. فولول المتنبي ولمّ الحشد حوله قائلاً:"غربلك الله!"إنما نحن من أبناء الحمايل! قطع الله رأسك ويديك وما تبقى من قدميك، ونزع هاتفه ليجري اتصالاً بسيف الدولة، فشكا المتنبي له ما حدث له وما تعرض له من إهانة ولم ينسَ في نهاية مكالمته أن يزود سيف الدولة برقم حسابه! ولم تكد تمضي دقائق حتى انتفض السوق ومن فيه، واعترف الحاجب بذنبه وأناب، ودخل المتنبي السوق معززاً مكرماً واستقبل بهدية فاخرة وبكأس من"الكابتشينو"المعتق. أما أبو نواس فما إن رغب بالدخول حتى قُبض عليه بتهمة سوء السلوك والفعل الفاحش! نظراً لقصائده التي تفسد الشباب والأمة! وتجعلهم"يهشهشون". يقول الراوي المشاكس طول الله سره:"من ينظر في واقعنا يرى بأنه لا توجد أنظمة تحكم الأسواق والمتنزهات، فليس كل الأسواق للعائلات 100 في المئة! بل بحسب الواسطة والمعرفة والعلاقات المحلية، ولهذا فإن مثل هذا القرار إن كان الهدف منه الضبط والنظام، فلا بد من أن يكلف به من يتابعه بدقة، ولا يعود الأمر ل"سيكورتي"مسكين يلفحه"حميم"الصيف ويمرضه"هبوب"الشتاء، وتكاد الخطوط التي على كتفه تتساقط من طول وقوفه، فما الذي يرده من أن يدخل أحدهم كي لا يعرف مسؤول السوق فينقله من بوابة السوق إلى باب بيتهم، أو ما الذي يمنعه من قبول رشوة صدقة من أحدهم تساوي يوميته لمدة أسبوع! بل إن بعضهم يسهل المهمة لأصحابه وحبايبه ومن يملأ جيبه بالدخول عبر الممرات الخلفية! والمستودعات الجانبية، فيخترق السوق من كل مكان ولا يكون لدورهم إلا زينة للمداخل وحجة للمسؤولين المدنيين! بأن هناك ضبطاً في السوق ولا يمكن أن يدخل في السوق ولا حتى النمل الأعزب! إيه... من لك يا أبا نواس لا أنت الذي دخلت ولا أنت الذي عدت لمضاربك سالماً، بل ستذهب إلى مضارب! وأي مضارب! فيصدق فيك قول الشاعر: كل ما طقيت في أرض وتد ** من رداة الحظ وافتني حصاة [email protected]