يبدو أن على سكان جدة الانتظار لستة أشهر مقبلة للخلاص من أزمتهم القديمة مع المياه، وهو الموعد المحدد لبدء إنتاج المياه المحلاة من محطة"الشعيبة 3". ويقول مسؤولون إن هذه المحطة ستسهم بشكل كبير في حل أزمة المياه في المحافظة، بعد أن تأخر موعد بدء تشغيل أكبر بارجة في العالم تم جلبها إلى شاطئ جدة قبل شهر. وكان محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه فهد بن فهيد الشريف عزا تأخّر بدء عمل بارجة المياه،"إلى سوء تقدير في تحديد المدة الزمنية اللازمة لتسليم الباخرة وعملها"، مشيراً إلى ضخامة البارجة"وهي عبارة عن محطة عائمة تضم مولدات كهربائية وخزانات وقود ومباني للإدارة، وطاقتها الإنتاجية تصل إلى 25 ألف متر مكعب من المياه يومياً". وخاطبت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة شركات متخصصة لديها قدرة على توفير مياه الشرب من البحر، عن طريق بوارج خاصة تحمل محطات تحلية متنقلة بطاقة في حدود 50 ألف متر مكعب في اليوم لفترة موقتة، حتى يتم إنشاء محطة تحلية"الشعيبة 3"التي حدد عام 2009 موعداً لبدء إنتاجها. ورأى المتخصص في البيئة المهندس محمد بخاري في تصريح إلى"الحياة":"أن حل مشكلة المياه في جدة من طريق بارجتي مياه"الجديدة"ليس هو الحل الأفضل للمشكلة، نظراً إلى أن هناك أكثر من 30 في المئة من المياه التي تضخها وزارة المياه يومياً في المحافظة تتسرب إلى الأرض". وأضاف:"هذا يعني أن الماء المتسرب يومياً يصل إلى 200 ألف متر مكعب، وهو ما لا تستطيع البارجة تغطيته، كونها تنتج نحو 30 ألف متر مكعب فقط يومياً". وألمح بخارى إلى أن كلفة مشروع البارجة 400 مليون ريال مبالغ فيه. وقال:"إنتاج الطن من المياه لا يكلف سوى أربعة ريالات". قبل عام ونصف العام، دشّن وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين في محافظة جدة مشروع بطاقة سقيا، الذي يستهدف حل مشكلات إمداد الماء بالصهاريج في المحافظة، وتخفيف الازدحام أمام"أشياب المياه". تنفس سكان المحافظة الصعداء، بفعل الحديث الرسمي الذي أكد أن المشروع سيقضي على مشكلات الطوابير الكبيرة، إذا قيل إن"سقيا"وهي بطاقة مُسبقة الدفع، ستسهل وصول الماء إلى العميل ب"اتصال"، إذ ستتولى الوزارة بموجبها إيصال الكمية المطلوبة من الماء بواسطة الصهريج إلى حامل البطاقة في المكان الذي يحدده، من دون الحاجة للحضور إلى أشياب الماء. وأوضحت الوزارة حينها أن من يرغب من المواطنين في شراء هذه البطاقة، فعليه أن يتوجه فقط إلى مراكز خدمات العملاء. لكن هذه الفرحة لم تدم طويلاً، فاستفاق السكان على المعاناة وأعراضها"الانسحابية". وأطلقوا صرخات مكتومة وشكوا واستنكروا وقالوا:"خطوطهم مشغولة أو لا تجيب، ولا يتم الالتزام بتوصيل الصهاريج". هناك من علق"يا فرحة ما تمت"، وآخرون قالوا:"طوابير الانتظار ارحم من انشغال الخطوط لمدة يومين وثلاثة، وعدم الرد على المتصل، أو عدم إيصال الصهاريج، والسائقون لا يعرفون العناوين، وليس صحيحاً أن منهم من يستدل على العنوان بواسطة صندوق البريد، وطالبوا بإعادة أموالهم". انتبه المواطنون لعدم فاعلية مشروع"سقيا"، وأسفوا على شراء البطاقة، واكتشفوا أنهم وقعوا في ورطة ذات كلفة مادية، ولم تقنعهم الاعتذارات التي قدمها المسؤولون. يقول أبو خالد الغامدي وماجد الأحمر:"يجب التحقيق في أسباب فشل هذا المشروع، ويجب ألا يمر الأمر هكذا، هذه القضية تدل على استخفاف بعقول المواطنين، فالأرقام التي طلب منا الاتصال بها للحصول على صهريج ماء على الدوام مشغولة".