في خطوة استباقية للحد من مخاطر ظاهرة الإرهاب على المجتمع السعودي، تحركت الجهات المختصة في السعودية، بقيادة مجلس الدعوة والإرشاد التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف أخيراً، لتنفيذ خطة وطنية متكاملة هدفها تحصين الشبان من الوقوع ضحية لمخططات"الفئة الضالة". ويأتي هذا التحرك خطوة احترازية، تهدف إلى توعية أفراد المجتمع بفساد منهج"الفئة الضالة"وانحراف سلوكهم، نظراً لحاجة المجتمع لخطط متقنة تحد من هذه الظاهرة، خصوصاً أنهم ينفذون عمليات تؤدي إلى القتل والتدمير. ووفقاً للخطة الوطنية حصلت"الحياة"على نسخة منها،"فإن الجهات المختصة وبعد درس الموضوع، حددت أسباب الانحراف الفكري والمنهجي للفئة الضالة في: التأثر بجماعات التكفير ذات المناهج المنحرفة والمنتشرة في أنحاء كثيرة من العالم، إذ أثرت هذه الجماعات في هؤلاء الشبان، نظراً لحداثة سنهم وقلة علمهم، إضافة إلى حال الفراغ التي يعاني منها بعض الشبان، وعدم استثمارهم لأوقاتهم في الأمور النافعة، ما هيأ بعضهم لتقبل ما يطرح من أفكار منحرفة. وواصلت المسودة كشف الأسباب، لتضع الضعف العلمي لدى بعض الشبان في المرتبة الثالثة من مسببات انحراف الفئة الضالة، إذ إن هؤلاء بعيدون عن القرآن الكريم والسنة الشريفة، ويعتمدون على الفكر البشري البعيد عن فهم منهج السلف الصالح في الاعتقاد والدعوة والتعامل مع ولاة الأمر، إضافة إلى ضعف الاتصال بالعلماء، بسبب سوء الظن وضعف الثقة بهم، الذي نتج من التأثر بجماعات التكفير والهجرة المعروفة بحربها الشعواء على علماء الأمة، واتهامهم بالتخاذل ومجاملة الحكام، والتأثر بما يكتب على صفحات الانترنت وبعض وسائل الإعلام عن العلماء بهدف زعزعة الثقة بهم، وعدم الصدور عن آرائهم. خطأ في فهم"الجهاد" وربطت الخطة أسباب انحراف الفئة الضالة، بالأزمات والمحن التي يمر بها العالم الإسلامي، خصوصاً في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها. هذه الأزمات أحدثت رد فعل قوي لدى هؤلاء الشبان في أن يعيدوا للأمة الإسلامية عزها ومجدها من طريق الجهاد، وقد أخطأوا في فهم الجهاد ومقاصده وأحكامه، وأنزلوا كثيراً من مسائله وأحكامه على بلاد المسلمين والمجتمعات الإسلامية، ودخلوا باب التأويل والأخذ باللوازم في كل ما يقع من أحداث، إضافة إلى الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين من جميع الفئات المعادية للإسلام، سواء من داخل البلاد الإسلامية أو من خارجها، وما ترتب على ذلك من بعد عن المنهج الصحيح، وأفشوا كثيراً من الأمور المنكرة المخالفة للإسلام. ولم تنس الخطة أن تؤكد أن ضعف دور الأسرة في تربية أبنائها التربية الإسلامية المعتدلة، يدخل ضمن مسببات الانحراف لهذه الفئة، مع وجود المغريات التي تجتذب الناشئة لأنواع الانحرافات المختلفة العقدية والفكرية والسلوكية والأخلاقية، إضافة إلى ضعف المبادرة من الجهات ذات العلاقة في إيجاد محصنات للشباب، لاحتوائهم والمحافظة عليهم من المؤثرات الأخرى، وأيضاً ضعف العناية بالشؤون الثقافية من لدن الجهات المعنية، ما قلل من أثر التوجيه السليم على فكر الشباب بل انصرف بالثقافة إلى فكر دخيل على الأمة، مع وجود أعداد كثيرة من الشباب بين متسكع في الطرقات، وخامل في الاستراحات والمقاهي من المتسربين من المدارس والعاطلين عن العمل، ما يترتب عليه وجود تجمعات مشبوهة يتأثر بعضهم ببعض فيها. وخرجت الخطة من أسباب انحراف الفئة الضالة، لتشرح الآليات المطلوبة من كل جهة حكومية لإنجاح هذه الخطة، إذ حددت اختصاص وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالتأكيد على الخطباء وأئمة المساجد بتناول هذا الموضوع من حين لآخر، وبيان خطورة الفكر المنحرف على الأمة ومخالفته للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، وتزويد الخطباء والأئمة بالكتب والأشرطة المفيدة في هذا المجال، وتزويدهم كذلك ببيانات وقرارات هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في هذا الموضوع، ووضع الآلية المناسبة لضمان تطرق الخطباء والأئمة لهذا الموضوع من حين لآخر، ووضع خطط سنوية لكل فرع من فروع الوزارة تتضمن تنظيم عدد من المحاضرات والندوات واللقاءات العامة لكبار العلماء وأبرز طلاب العلم، للحديث عن هذا الموضوع والتحذير من هذا الفكر الدخيل، وتفنيد شبه أربابه، إضافة إلى إعداد دراسات وكتب عن مخاطر هذا الفكر، وطباعتها ونشرها على نطاق واسع، مع تقديم تسهيلات للجهات الحكومية التي لديها أنشطة توجيهية، كرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم وغيرهما. التجمعات المشبوهة في"المقاهي" وتختص الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقاً للخطة، بوضع خطط سنوية لنشر الوعي بخطورة هذا الفكر المنحرف، والتحذير من أربابه بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية، والتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية في رصد ما يكون في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة من مخالفات شرعية تثير الغيرة لدى بعض الشباب، وتجنح بهم لسلوك الطريق المنحرف والرد عليها، وإحالة ما تتم ملاحظته لجهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه كل مخالفة، إضافة إلى التركيز على متابعة التجمعات المشبوهة في المقاهي ونحوها واتخاذ الإجراء المناسب تجاه كل تجمع من هذا النوع. ووضعت الخطة آليات محددة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تنص على: استمرار خطباء الحرمين بتناول هذا الموضوع من حين لآخر بأساليب متنوعة، وتفنيد شُبَه أرباب الفكر المنحرف، والتركيز في دروس المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعهد الحرم على هذا الموضوع وبيان خطورة هذا الفكر على الفرد والمجتمع. وشددت على ضرورة أن تتولى وزارة التعليم العالي مهمة التأكيد على تأصيل منهج السلف في الاعتقاد في ما يتعلق بعلاقة الحاكم بالمحكوم والعكس، والتحذير من الفكر المنحرف، وغرس ذلك في نفوس الطلاب والطالبات، ويكون ذلك عن طريق المقررات الجامعية، ويكون مقرر التوحيد في الكليات الشرعية من كتب السلف لأنها مؤصلة، إضافة إلى البحوث والدراسات والدورات التي تنظمها مراكز خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات، مع استمرار الجامعات بوضع خطط لإشغال أوقات الفراغ لدى الشباب بالنافع المفيد، وتحصينهم من الفكر المنحرف عن طريق النوادي الصيفية والمخيمات الدعوية والدورات التدريبية والمسابقات التثقيفية ونحو ذلك. يضاف إلى ذلك العمل على قبول جميع الطلاب الحاصلين على الشهادة الثانوية الراغبين في التعليم الجامعي والفني، لتأهيلهم والقضاء على فراغهم، وعقد ندوات متخصصة في مراكز البحث العلمي والجهات ذات العلاقة لإثراء البحث في معرفة أسباب تأثير بعض الشباب بالفكر المنحرف، وإيجاد الحلول المناسبة لذلك، وربط مقرر الثقافة الإسلامية"متطلب الجامعات"بالقضايا المعاصرة، وصياغة المقررات بتكليف من هو قادر على استيعاب هذه القضايا وعلاجها. وفي السياق ذاته أوكل إلى وزارة التربية والتعليم التركيز في مناهج المقررات الدراسية لجميع المراحل على غرس عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهج السلف الصالح عامة في ما يتعلق بعلاقة الحاكم والمحكوم خاصة، والتحذير من الفكر المنحرف، وبيان خطورته ومخالفته للكتاب والسنة، والعمل على إيضاح المفهوم الشرعي الصحيح للقضايا التي يثيرها أرباب الفكر المنحرف، وتيسيرها للفهم في مناهج المقررات الدراسية مثل الجهاد والتكفير والولاء والبراء وغيرها كما جاء في الكتاب والسنة، وذلك حماية وتحصيناً للناشئة من التأثر بالشُبه التي يثيرها أرباب الفكر المنحرف. يضاف إلى ذلك تكثيف المناشط الشبابية عبر النوادي الصيفية، والمخيمات التوجيهية، ووضع خطط للتحذير من الفكر المنحرف عبر هذه المناشط وتجنيب هذه النوادي والمخيمات لكل الأفكار الغالية والمخالفة لمنهج الدولة، وتفعيل المشروع الذي قامت الوزارة بإعداده تحت شعار"فكر سليم لمجتمع آمن"والمشروع الذي قامت بإعداده بعض إدارات التربية والتعليم بعنوان رعاية الفكر وتعزيز السلوك، إضافة إلى تقويم أثر هذين المشروعين وأمثالهما في إفادة الشباب في السنوات الماضية، ووضع الآلية المناسبة لتطويره، إلى جانب التأكيد على أن تقوم كل مدرسة في جميع مراحل التعليم العام بترتيب إلقاء محاضرة واحدة على الأقل في كل فصل دراسي لبعض طلاب العلم في التحذير من الفكر المنحرف وبيان خطورته على الأفراد والمجتمعات، ووضع آلية لاحتواء الشباب المتسربين من الدراسة وتحديد أسباب ذلك ومعالجته، والاهتمام بجانب المدرس من خلال إشراكه في دورات تدريبية، لتحصينه وكيفية مواجهته لهذا الفكر المنحرف. مسؤولية"العدل"و"الإعلام" وفي الإطار نفسه، تختص وزارة العدل بالعمل على حض العلماء والقضاة والمؤهلين من منسوبي الوزارة بالبحث في مثل هذه المواضيع من واقع عملهم، ونشر ذلك في مطبوعات الوزارة ووسائل النشر الأخرى. في حين تختص وزارة الثقافة والإعلام بالاهتمام بوسائل الإعلام والتوجيه المختلفة، ومراقبة مخرجاتها وإزالة ومنع ما يدعو فيها إلى الفتنة والمنكرات والمخالفات الشرعية ومحاسبة من يخالف ذلك من أصحاب الصحف أو القنوات الفضائية التابعة للدولة، أو المحسوبة عليها، وإنشاء قنوات فضائية ومحطات إذاعية متخصصة في التربية والتوجيه لتأصيل منهج السلف الصالح في نفوس الناس، مع العمل على تفعيل دور الأندية الأدبية من خلال إقامة الندوات والمحاضرات التي تحذر من الفكر المنحرف وخطورته ومخالفته للكتاب والسنة، وتضمين ذلك للخطط السنوية للأندية الأدبية. ويضاف إلى ذلك توضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أرباب الفكر المنحرف في وسائل الإعلام، والسعي لاستئصال جذور الفكر المنحرف وذلك باستضافة علماء الشريعة في وسائل الإعلام، مع الاستعانة بالخبراء والمتخصصين في العلوم الإنسانية، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ونشر وتوزيع الكتب التي تعنى بمحاربة هذا الفكر المنحرف، وتفنيد الشُبه التي يثيرها أرباب هذا الفكر، وتشجيع الباحثين للكتابة حول هذا الموضوع بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والتأكيد على منع نشر ودخول الكتب التي تتعاطف مع أرباب الفكر المنحرف تصريحاً أو تلميحاً، ووضع الآلية المناسبة لتفعيل مراقبة المكتبات ودور النشر للتأكد من ذلك. العناية بالشريحة الشبابية في الوقت ذاته، تختص الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بالتركيز على اشتمال خطط النشاطات الشبابية السنوية للأندية الرياضية على ما يحذر من الفكر المنحرف وتوعية الشباب بخطورته ومخالفته للكتاب والسنة، وتكثيف الجوانب الثقافية في الأندية الرياضية وبيوت الشباب وإنشاء مراكز توعوية وتثقيفية للشباب، لتحصينهم من الأفكار المنحرفة بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية، وكذلك العناية بشريحة الشباب المتسربين من المدارس والعاطلين عن العمل، ووضع الآلية المناسبة لاحتوائهم. وتطالب الخطة وزارة العمل بالاستمرار في الحملة التي تقوم بها الوزارة لسعودة الوظائف، وإيجاد فرص عمل للشباب والقضاء على البطالة، والعناية بالشباب العاطلين، وإيجاد مراكز متخصصة لتدريبهم وتأهيلهم للأعمال المناسبة مهما كان مؤهلهم التعليمي، إضافة إلى تشجيع قيام مراكز للتدريب المهني، ودعم المراكز الموجودة ووضع المحفزات المناسبة لالتحاق الشباب بها. وتوجهت الخطة إلى وزارة التجارة بالعمل على حضّ رجال الأعمال على إيجاد مشاريع إنمائية في مختلف الحاجات في المناطق السعودية كافة، لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الشباب، وتشجيعهم على فتح مشاريع عمل صغيرة، وتسهيل الرخص والأمور الإجرائية لقيام تلك المشاريع.