الكمال صفة فريدة لجلال الله وعظمته، يسمو بها سبحانه عن سائر خلقه، والبشر جميعهم لا يدركون الكمال، فالكمال لله وحده... استشعرت حقيقة الصفات الإلهية وكمالها وأدركت معها حقيقة الإنسان وحقيقة البشر التي مهما وصلوا من علو ورقي، يبقى الكمال صفة راسخة في الله سبحانه وتعالى... وأنا استشعر هذه الحقيقة، تساءلت نفسي، طالما أن الإنسان يظل دائماً أسيراً لصفات النقص والأخطاء التي تغلب على طبائعه وتصرفاته، فلماذا إذاً ينشد الكمال لدى الآخرين من أقرانه من البشر؟ فكرت طويلاً ولم أجد إجابة! بل شرد ذهني وتفكيري في سرد الوقائع الشائعة لطلب الكمال من الآخرين من دون أن نستشعر حقيقة القصور ونقص الصفات والسلوكيات لدى الإنسان، وأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق إنساناً كاملاً، وحتى الأنبياء، وهم صفوة الخلق، غير معصومين من الأخطاء. لننظر إلى مجتمعنا وما حولنا، والكل ينشد الكمال، فها هو صاحب العمل ينشد الموظف الذي يؤدي عمله وكل الأدوار الموكلة له بشكل تام، فهل يتحين له ذلك؟ لننظر إلى المعلم الذي ينشد تميز جميع طلابه، هل يتحين له ذلك؟ للنظر إلى الأب والأم هل يسيطران على سلوكيات وتصرفات جميع أبنائهما؟ لننظر إلى كل ما يحيط بنا. البتة أن نلقى كل الصفات متوافرة في الإنسان، الأدهى والأمر ما يحكم العلاقات الزوجية، قد يكون الزوج أو الزوجة يتصفان بكل المعاني والصفات المطلوبة لاستقرار الحياة الزوجية، ولكن ما أن يحدث تقصير بسيط من احدهما، تنقلب الآية! وتضيع كل الصفات الحميدة. ترتبط صفات طالب الكمال كثيراً لدى الرجل والمرأة أو بالأصح لدى الزوج والزوجة، وهناك تفاوت واختلاف في الرأي عن أي منهما يبحث الكمال في الآخر! أظن ويشاركني الكثيرون بأن ضعف المرأة دائماً، وتسلط الرجل في كثير من الأحوال، ووجود الخيارات المتاحة له يجعل من الرجل قوة في طلب الكمال من الزوجة، وفي كل مناحي الحياة ليس بمقدور المرأة الدفاع عن نفسها في هذا الجانب، وطلب أية صفات من زوجها وإلا مصيرها معروف لدى الزوجات؟ فمسكينة أيتها الزوجة فمهما عملتِ ستكونين في دوامة التفكير! هل حظيتِ برضا زوجك؟ أو ابحثي عن الصفات التي يريدها حتى وان كانت في كتب الأحلام! الإنسان في كل الأحوال يبحث عن الكمال ويبحث عن الصفات الموروثة في نظيره الإنسان الآخر ولكن الواقع يختلف، ومهما حرص الإنسان لطلب الكمال، يبقى أسيراً للضعف وقلة الحيلة. خصوصاً عند دخول التجارب الفعلية والواقعية في مختلف مجالات الحياة. ولكن لدي قناعة كاملة بأن مجرد محاولة الإنسان السيطرة وتقليل النقص والقصور في صفاته وطبائعه، يظل أمراً حميداً لا ينقصه عدم تقدير الشخص المقابل، وإن كان كذلك... فلا حول ولا قوة إلاَ بالله. الصمت حكمة لا يتقنه إلا الحكماء. * كاتبة سعودية