عبدالله باهيثم.. ذاكرة وألق مضى... حين قلت له: أعطني صيغةً غير هذي: مطراً من دماءِ القبائل موجا تصدَّى لزحف الرمال وأبدله رغوةً في عيون النوارس... ثم دعاني لكي أستحمَّ بملح القصيدة..! مضى... موجعاً كالليالي السعيدة.. بينما كنتُ أسمعُ عن مدنٍ مزق الطلق أحشاءها قلت من يهبُ النخلَ لون المدينةِ.. أو هسهساتِ الرمال مال ثم استطال قال لي يا صديقي... تعال لقيتك في أرذلِ العمرِ.. تشعلُ سيجارة.. للغناء الحميم.. وترفع قبعة للنهارِ الذي لا يخاف النساء ضحكتُ.. وقلتُ له كيف لم نلتقِ قبل أن يورق الطلحُ.. هيا اذهبا.. جادلا... إننا ها هنا قاعدون..! تهدَّلتِ الآن أثداءُ تلك الليالي ومات بأضوائها الحالمون..! ومن.. قد أكون..؟! كيف لم نلتقِ قبل أن يسعل التبغُ أنفاسنا بينما الموتُ أغنيةٌ رثةٌ في شفاة الرعاة كيف لم نلتق في ادعاء الرواة..؟! ومن قد أكونْ.. تيتَّمت بعدكَ ضيَّعتُ مفتاح جدي فأوصد من دوني البابَ حارسُ ليلٍ خؤونْ..؟! *** تبسَّمتُ حين انكفأت على شهقتي.. ثم عانقني مازحاً.. فأدخلتُ رقم هواتفه في حقيبة وجهي.. أخذتُ أحدثه ساعةً.. كلما زارني الشهرُ فوق رصيف بمقهى الحفاةِ الرعاةِ الذين بنوا واستطالوا البناءْ..! كان يمسِّحُ نظارتي كلما داهمتها الرطوبةُ كان يحدثني عن مساءات اقرأ وفجر الحداثةِ كان يمدُّ يديه اتجاه الفضاء.. فقلت له يا صديقي: أعطني صيغة غير هذي: ألقاً من غبار الكواكب صمتاً مضى في الممر الأخير.. أما زلت تكتبُ ليلى..؟! قال لي: زرتها آخر الشعر.. لكن شرطي المرورِ استعارَ يدي ثم وارى بها سوأةَ الليلِ واقتادني للقاء الصباح..! قلتُ فلتعطني صيغةً غير هذي..؟! قال لي: يتبقَّى بسطح السماء سحابٌ تشرد من طلعاتِ الرياح..! وقفتُ.. ? فغامت عيوني... تمنيتُ لو يمسحُ الآن نظارتي مثلما كان يفعل حين تداهمنا همهماتُ الرطوبةِ.. لكنهُ ماتَ.. حتى استراح..! نافذة للغياب..! لليلِ المساكينِ بابانِ.. باب لظلي.. وباب لهم..! أنا المُتعبُ الآن منّي ورائي النجومُ معلقةً فوق صدرِ الحقيقةِ نائمة في ضباب الزجاج وبين يديَّ قصاصات شوق.. ودمعةُ سُكرٍ وكأسُ احتياج..! أنتِ أيتها المخمليه...! اكتبيني نقوشاً من اللغةِ السومريه..! النساءُ ورائي وما بين عينيَّ أنفٌ تنامُ به الفتنةُ السَّرمديه..! ها أنا كلَّما أتقدمُ نحو الطريق تراودني نزواتُ حذائي..! غيابك طال كثيراً وفي قلمي لغةٌ كلَّما طالَ فيها الغيابُ استحالتْ حروفاً على صفحةٍ جاهليه..! *** بين صوتي وبينكِ صمتي..! بين بيتي وبيتكِ صوتي بين كل الذي كانَ والكائنِ الآنَ أنتِ..! *** العصافيرُ فوق الشجر والممرُّ طويلٌ... طويلٌ وظلُّ العصافير أرهق ظنَّ الفراشاتِ فاعتكفتْ تنتظر...! كل تاريخنا جملةٌ فعلها الآنَ ماضٍ وفاعلها شاعرٌ مستتر..! بينما الغصنُ يرقصُ للريحِ تبحثُ عن ظلِّه واجماً ثمَّ ترقبُ عصفورةً تنتظر..! ساءلتك الهواجسُ هل ينكسر..؟! الرياحُ التي تحملُ الشعرَ ليست كتلك التي تنفضُ الطيرَ من دغدغات المطرْ..! والظلالُ التي تشتهيها العصافيرُ لا تستريحُ ولا تستقر.. ليس بيتُك هذا.. وليس لك الآن من كل هذي الظلالِ سوى أن تجدّفَ أقدامك الواحلاتِ وتمضي لآخرِ هذا المَمَرْ..!