لا تزال الأحكام الشرعية التي نطق بها القضاة في جلسات حكمهم في مناطق المملكة، محور رصد هذه الصفحة، إذ لا تزال المدونتان اللتان أصدرتهما وزارة العدل السعودية هذا العام والذي قبله، تحفلان بأحكام مهمة وظريفة، ومثيرة أحياناً، سواء في دعاوى الخصوم، أم حيثيات الحكم، أم تدخل أصحاب الكلمة الأخيرة من الهيئة القضائية: الحمد لله وحده وبعد لدي أنا القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة جدة بناء على أوراق المعاملة المحالة لنا بشرح رئيس المحكمة المساعد فقد حضر وكيلاً بالوكالة الصادرة من كتابة عدل جدة الثانية وادعى قائلاً في دعواه أن موكلتي قد تزوجت موكل المدعى عليه بموجب عقد نكاح وتم الدخول الشرعي ولا يوجد أولاد بينهما، وحيث إن المدعى عليه زوجها يهجرها ولا ينفق عليها وهو الآن مسافر ومقيم في مصر، وحيث إن موكلتي لدى أهلها منذ سنة ونصف وتضررت من جراء ذلك، نطلب الحكم بطلاق موكلتي وهي تطالب به أو المخالعة منه هذه دعواي. وبسؤال المدعى عليه وكالة أجاب ما ذكره المدعي وكالة من حيث عقد النكاح والدخول وأنه ليس هناك أولاد، فهذا صحيح وموكلي رجل أعمال وهو الآن مقيم في مصر وهو يريد زوجته ويحبها ولايريد طلاقها، كما أنه لم يهجرها وإذا أصرت على طلب الخلع فلا مانع لدينا بعد إعادة المهر وقدره خمسون ألف ريال وكذا ما سلم من أربعة طقوم الماس وستة خواتم الماس وساعتين نسائيتين وعفش البيت بالكامل، هكذا أجاب فطلبت عقد النكاح فأبرزه المدعي وكالة وجرى الاطلاع عليه، وقد ذكر أن المهر مقداره خمسون ألف ريال معجلة وأضاف المدعي وكالة قائلاً لكن الزوج لم يسلم من المهر سوى مبلغ ثلاثين ألف ريال، وأنها أعني موكلتي سامحته في باقي المهر فجرى محاولة الإصلاح بينهما فلم يصطلحا وأضاف المدعى عليه وكالة قائلاً إنه بالنسبة للمهر فإن موكلي قد دفع المهر كاملاً وقدره خمسون ألف ريال، فحيث إن الأصل عدم توصيل المهر فقد طلبت الإثبات من وكيل الزوج أنه سلم المهر كاملاً وقدره خمسون ألف ريال، فقال إثباتي هو عقد النكاح والمذكور فيه مقدار المهر خمسون ألف ريال معجلة، فأفهمته أنه له يمين الزوجة فقال لا أريد عنها كما أضاف المدعي وكالة قائلاً إنه أيضاً بالنسبة لأطقم الألماس والذهب والساعتين فهذه لم تستلمها موكلتي فلا يحق له المطالبة بها وبعرضه على المدعى عليه وكالة قال ما ذكره لاصحة له بل استلمت هذه المذكورات فطلبت منه الإثبات فطلب مهلة لذلك فرأيت لزوم تعيين حكمين من الزوجين ثم حضر الوكيلان وقد قرر وكيل الزوج أن موكله قد اختار الحكم وأما وكيل الزوجة فقد قرر أن موكلته اختارت الحكم ثم حضر الطرفان الوكيلان كما حضر الحكمان، وقد أحضرا قرار تحكيمهما حيث ذكر انه جرى محاولة الصلح برجوع الزوجة لزوجها، ولكنها رفضت وأصرت على الانفصال وأضاف الحكم طرف الزوج أنه يرى أنه لا مانع من المخالعة بأن تعيد له ما أعطاها من مهر وذهب وأثاث بناء على القاعدة الشرعية، وأما الحكم طرف الزوجة فقرر أنه بعد المحاولات، فيرى أن الحياة بينهما مستحيلة، ويرى التفريق بينهما بالطلاق، وحيث إن الزوج يطلب عوضاً فلا مانع من اعطائه تعويضاً نصف المهر والأثاث أما الهدايا الأخرى فتعتبر هدايا ولها حكمها، وأنها لا تدخل في التعويض هكذا قررا. هذا وقد جرى سؤال وكيل الزوج عن البينة التي طلبت منه بشأن ما ذكره من مجوهرات سلمها فقال إنني لم أفهم شيئاً في هذه الجلسة وأطلب مهلة أخرى لمراجعة موكلي فأفهمه أنها المهلة الأخيرة، ثم حضر الطرفان الوكيلان وبسؤال المدعى عليه وكالة عن البينة التي استمهل لاحضارها قال إنني لم أحضر بينتي من حيث المجوهرات وأطلب يمين الزوجة على أنه لم تستلم هذه المجوهرات التي ذكرتها، وبعرضه على وكيل الزوجة قال إنني مستعد لإحضار موكلتي لأداء اليمين، حيث إنها لم تستلم هذه المجوهرات، ثم في جلسة اخرى حضر المدعي وكالة، كما حضرت الزوجة مع والدها الحاضر معها كما حضر المدعي عليه وكالة فجرى إعادة محاولة الصلح بينهم فلم يصطلحا، فعرضت اليمين على الزوجة ووالدها فاستعدا ببذلها ثم حلفت الزوجة ووالدها كل منهما بمفرده، قائلاً والله العظيم الذي لاإله إلا هو انه لم يصل من المهر سوى مبلغ ثلاثين ألف ريال، ولم نستلم المجوهرات التي ذكرها سوى ما أحضرناه معنا في هذه الجلسة، ثم احضرت الزوجة ووالدها مجوهرات داخل كيس وسبق ان ذكر في الورقة في الجلسة الماضية كما أحضرا شيكاً مصرفياً صادراً عن البنك السعودي الأميركي لأمر الزوج بمبلغ وقدره ثلاثون ألف ريال جرى عرضه على وكيل الزوج فقال أما بشأن أن الذهب والأثاث فلا مانع من استلامه، واما بشأن المهر فلا زلنا على ما ذكرناه من أنه خمسون ألف ريال وهو المثبت في عقد النكاح، وقد أحضرت صورة ضبط مأذون النكاح وهي موافقة لعقد النكاح وأطلب إمهالي لإحضار مأذون النكاح لإثبات ما ذكرت، فقال المدعي إن القضية طالت ولماذا لم يحضر شاهده من قبل، فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، ونظراً لما ذكره الحكمان، وحيث أن الأصل في قبض المهر عدم التسليم ونظراً ليمين الزوجة ووالدها وحيث ما تقدم فقد حكمت بفسخ نكاح الزوجة وابنته من زوجها مقابل المهر المسلم في الشيك المذكور وقدره ثلاثون ألف ريال والذهب الذي أحضرته، وأفهمت الزوجة أن عليها العدة الشرعية من هذا اليوم حسب حالها وأفهمتها، أن لا تتزوج حتى يكتسب الحكم الصفة القطعية كما أفهمت وكيل الزوج أن الزوجة بانت منه بينونة صغرى، وبعرض الحكم عليهم قررت الزوجة ووالدها القناعة بالحكم وأما وكيل الزوج فقرر عدم قناعته وطلب التمييز فأجيب لطلبه ثم حضر وكيل الزوج وطلب استلام الشيك الذي أحضرته الزوجة ووالدها وقدره ثلاثون ألف ريال، وأننا لا زلنا على معارضتنا ولا نكتفي بمبلغ هذا الشيك فحيث قد أحضرته الزوجة ووالدها وقد راجعنا وكيل الزوج لاستلامه قبل ايداعه لبيت المال، فجرى تسليمه هذا الشيك المذكور وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.