قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز:"إن عصرنا هذا توسع في نقل الأفكار بانفتاح لم تعهده الإنسانية في تاريخها فهل نجفل منها؟... أم نفتح بيتنا التاريخي، وميراثنا العظيم لنرى دورنا الكريم وشراكتنا الإنسانية في أروع القيم والمفاهيم والمسؤوليات، وهي تتصدى لدورها الأخلاقي بثوابت دينها الإسلامي". وأضاف القول:"لذلك علينا أن نمارس حقنا مع التاريخ بثقة المؤمن المتوكل على الله في كل حوار يخدم عقيدتنا الإسلامية ومبادئ السلام والإنسانية في هذا العالم وفق رؤية نستمدها من رحابة ديننا العالمي". جاء ذلك حلال استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض أمس أعضاء الهيئة الرئاسية بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني برئاسة الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف رئيس اللقاء الوطني السابع للحوار الفكري الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين، ونواب رئيس اللقاء الدكتور راشد الراجح الشريف، والدكتور عبدالله عمر نصيف، ووزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد، والمستشار في الديوان الملكي الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، والمشاركين والمشاركات في اللقاء الوطني السابع للحوار الفكري الذي عُقِد في بريدة يومي 16 و17 ربيع الآخر الجاري بعنوان:"مجالات العمل والتوظيف... حوار بين المجتمع ومؤسسات العمل". وألقى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف رئيس اللقاء الوطني السابع للحوار الفكري الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين كلمة أوضح فيها أنه - تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وتحت رعايته وعنايته - فقد كان موضوع العمل ومشكلاته هو موضوع الدورة السابعة للحوار الوطني. 8 آلاف مواطن شاركوا في الحوار الوطني وأشار إلى أن زهاء ثمانية آلاف مواطن ومواطنة شاركوا في اللقاءات الخمسة في المناطق الخمس وفي اللقاء الأخير وتحاوروا حول الرؤى والاتجاهات المتقابلة في هذا الموضوع ليس فقط بسبب أن أحد طرفي الحوار مؤسسات المجتمع التي تقدم الخدمة والطرف الثاني المجتمع الذي يتلقى الخدمة، وإنما بسبب أن الاتجاهات التي تحكم الموضوع بطبيعتها هي اتجاهات متقابلة. عمل المرأة يستأثر بجزء كبير من الحوار وأوضح أن موضوع عمل المرأة استأثر بجزء كبير من الحوار، مشيراً إلى أنه يوجد اتجاهان في هذا الشأن، الأول أنّ أسمى وأنبل عمل للمرأة هو عملها الأساسي في المنزل وأنها إذا عملت خارج المنزل فإن الدافع والمبرر لعملها هو الحاجة، وعلى المجتمع أن يعتبر ذلك تضحية من المرأة وأن يعمل على أن يحرر المرأة من هذه الحاجة أو تقليل تأثير عملها خارج المنزل على عملها النبيل الأساسي راعية أسرة. أما الثاني فيرى أن عمل المرأة ليس الدافع والمبرر له الحاجة إنما هو الاختيار بدافع محاولة تحقيق ذاتها بالعمل واستقلال إرادتها وتحررها من التبعية للرجل وتحقيقها المساواة معه. وأفاد الشيخ الحصين بأن العالم مر بتجربتين مهمتين تتحيزان للاتجاه الثاني، الأولى منهما تجربة الثورة الشيوعية عندما أطلق لينين شعاره المشهور أن المجتمع لا يمكن أن يتقدم ونصف أفراده في المطبخ وحقق النظام مساواة المرأة بالرجل في العمل واستمرت هذه التجربة نحو 70 سنة عندما انهار النظام الشيوعي وأعلن زعيم إعادة البناء أن المساواة بين الرجل والمرأة في العمل تحققت، ولكن هناك عجز في مزاولة المرأة لدورها كأم وربة منزل ووظيفتها التربوية لا غنى عنها وأن كثيراً من المشكلات التي يواجهها الشباب في سلوكهم أو ثقافتهم أو في إنتاجهم يعود نتيجة إلى هذه السياسة في المساواة في العمل بين الرجل والمرأة. والتجربة الثانية في الولاياتالمتحدة الأميركية في بداية الستينات من القرن الثاني حيث الحركة النسوية التي اتخذت شعار المساواة التامة بين الرجل والمرأة ولكن بعد أربعة عقود وفي عام 2005 أجريت دراسة أظهرت أن نصف النساء من الأكثر امتيازات والأرقى تعليماً اخترن العودة إلى البيت والعمل رباتِ بيوت وعززت هذه الدراسة دراسات أخرى كثيرة.واستعرض عدداً من التجارب والإحصاءات وخلص إلى أن هذه التجربة أظهرت أن الإنسان عندما يحاول بطيشه وجهله أن يعارض أو يصادم قوانين الطبيعة فإنه في النهاية يُهْزَم أمامها. حكمة الإسلام في مسايرته لقوانين الطبيعة وتطرق إلى حكمة الإسلام في مسايرته لقوانين الطبيعة فهو لا يعتبر قوانين الطبيعة عدواً ويحاول أن يقهرها وإنما يعتبرها أشياء سخرها الله للاستفادة منها فمهمته أن يتناغم معها. فإذا كانت القوانين الطبيعية تحقق مساواة التكامل وليس مساواة التماثل بين الرجل والمرأة فتعترف بالفروق في الوظائف البيولوجية والفسيولوجية والسيكولوجية فكذلك الإسلام يحاول أن يتساوى مع هذه القوانين عندما رأى أن هذه التفرقة في الوظائف لها أثرها في التفرقة في الوظائف الاجتماعية عندما يقتضي الأمر ذلك. عقب ذلك تشرف الشيخ الحصين بتسليم نتائج اللقاء الوطني السابع للحوار الفكري لخادم الحرمين الشريفين. ثم ألقى عضو مجمع فقهاء الشريعة في أميركا عضو اللجنة الدائمة بالمجمع عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي كلمة أعرب فيها باسمه واسم جميع المشاركين في اللقاء عن الشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين على البادرة الكريمة لعقد هذه اللقاءات المباركة من اللقاءات الوطنية للحوار الفكري التي عدها تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي سنّ الحوار بالحكمة والكلمة الطيبة وامتداداً لسياسة الباب المفتوح التي انتهجها قادة هذه البلاد بدءاً من المؤسس - المغفور له بإذن الله - الملك عبدالعزيز ثم أبنائه من بعده وقال:"ها أنتم أولاء تسيرون على الخطى نفسها وترسمون لأبنائكم أبناء هذا الوطن هذا المسار". وشدد على انتماء أبناء هذا الوطن إلى دينهم ومحبتهم لوطنهم وملكهم وقال:"قد حباك الله محبة في قلوب شعبك، أسأل الله أن يزيدك منها، وذلك لما فيك من خصال متعددة، أذكر منها خصلتين الأولى نصرتك لقضايا الإسلام والثانية أياديك البيضاء ومحبتك الخير لأبناء شعبك فازدد منهما وسر على هذا الدرب تجد العون من الخالق والمحبة من المخلوق".