توقف المحللون والمراقبون خلال إعلان وزارة الداخلية القبض على مجموعة إرهابية"متعددة الجنسيات"أخيراً عند الرسالة الصوتية، التي احتوت على 71 كلمة فقط، نقلت لأحد أفراد تنظيم القاعدة في السعودية عبر تقنية ال"إم إم اس"، التي جاءت بحنجرة الرجل الثاني ل"التنظيم"أيمن الظواهري، محاولين تفسيرها والنظر في أبعادها ومدلولاتها. ويقول نص الرسالة التي نطق بها الظواهري تزكية لحاملها:"إلى من تصله رسالتي هذه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإن حامل هذه الرسالة من الإخوة الموثوقين لدينا، فبرجاء تحميله ما تتبرعون به من أموال لمئات من أسر الأسرى فك الله أسرهم والشهداء - رحمهم الله - في باكستان وأفغانستان، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم أيمن الظواهري". وفسّر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عبدالله بجاد العتيبي رسالة"الظواهري"بأنها تحمل مؤشرات عدة، أولها أن"الظواهري"يعاني من نقص في الموارد المالية، إضافة إلى أن الرسالة تأتي تأكيداً على أن الإجراءات التي استخدمت ضد تنظيم القاعدة بعد أحداث"الحادي عشر من أيلول سبتمبر"أدت إلى إٍستنزاف الكثير من أموالهم. وأوضح في حديث إلى"الحياة"أن رسالة الظواهري تأتي تأكيداً على كونه الرجل الثاني في التنظيم، وهو الشخصية الأكثر فعالية في"القاعدة"بعد غياب واضح لابن لادن خلال الفترة الماضية، إضافة إلى دلالة على احتفاظ الظواهري بحق إصدار الأوامر والقرارات التي تحركت بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ويرى أستاذ نظم الحكم والقضاء الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي البروفيسور حسن سفر أن رسالة الظواهري الصوتية توضح استغلال"العمل الخيري"من خلال كذبه وتغريره بالآخرين عندما يؤكد أن هذه الأموال ستذهب للأسر المحتاجة في باكستان وأفغانستان وأسر المعتقلين من أفراد التنظيم، في حين أن الحقيقة عكس ذلك، فهي تذهب للصرف على عملياتهم الإجرامية التفجيرية التخريبية، بحسب سفر. وأكد في حديثه إلى"الحياة"أن السياسة الإسلامية في الدولة تعتمد على حماية الأرواح والممتلكات، إضافة إلى التصدي لكل فكر ضال أو انحراف سلوكي شاذ يولد عنفاً تترعرع عن طريقه خلايا تعتدي على أرواح الأبرياء. وقال:"من هذا المبدأ أنيط بالدولة الإسلامية محاربة كل من يقدم على هذه الأعمال، وقد مكّن الله عز وجل الحكومة السعودية أخيراً ممثلة في أجهزتها الأمنية من الكشف على عناصر إرهابية متعددة الجنسيات تهدف لزعزعة الأمن وتؤدي إلى تخريب البلاد والفتك بعبادالله، خصوصاً في مواسم الحج". وأشار سفر إلى أن بيان وزارة الداخلية كشف عن مخططات إجرامية من جانب الإرهابيين يستغلون من خلالها عواطف المسلمين من أجل جمع التبرعات، وهو ما يدل على الإفلاس المادي والمعنوي ل"القاعدة"، ما دفعهم لتغليف أعمالهم بالصبغة الدينية لإجازة هذه التبرعات. ولفت في حديثه إلى أن مثل هذه الطرق تعد غشاً واستغلالاً ل"الأموال الخيرية"، لكي يستعيدوا أنفاسهم استعداداً لشن حروب على المسلمين والإقدام على تفجيرات في بلاد الحرمين الشريفين، خلافاً للتغرير بعقول الشبان ليبدأوا بذلك العيش على فتات موائد هذه الجماعات. ووصف وزير العدل الموريتاني السابق الدكتور عبدالله بن بيه في حديث إلى"الحياة"شخصية الظواهري بالمختل"فكرياً ودينياً"، عطفاً على أعماله التخريبية التي تتذرع باسم الاسلام، لافتاً إلى أن هذه الجماعات مريضة وبحاجة إلى مراجعة أنفسها قبل فوات الأوان. وفي الإطار ذاته يرى أستاذ الشريعة في جامعة الإمام في الرياض الدكتور عبدالعزيز المقحم أن رسالة الظواهري التي قادت للقبض على 28 من القاعدة ممن تلقوا توجيهات ببدء حملة إرهابية في السعودية تأتي توجيهية لكل من يثق بأن هناك أعمالاً خيرية تأتي في جنح الظلام، ويروج لها مشبوهون بعزلة عن القنوات الرسمية، وأضاف:"نعاني من أزمة ثقة حقيقية يتعين البحث في علاجها للحماية من أفخاخ الفئة الضالة".