اعتبر البيت العالمي - البحرين غلوبل هاوس في تقريره الاقتصادي لشهر آذار مارس 2008، أن حل أزمة التضخم في دول الخليج العربية الذي وصل إلى معدلات غير مسبوقة ما زال بيد الحكومات، على أن يكون بطريقة علمية مدروسة تراعي الدوافع المحلية والخارجية. ورأى البيت العالمي في تقريره الذي صدر بعنوان:"التضخم في دول الخليج العربية... الظاهرة ليست مفاجئة وحلها بيد الحكومات"، أن ظاهرة التضخم ليست موقتة، بل ستطول لفترات زمنية طويلة وعلى مواطني دول الخليج العربية التعايش معها ما استطاعوا إلى ذلك. وأشار إلى أن التضخم في دول الخليج العربية يشكل مأزقاً لصانعي السياسة في المنطقة الخليجية، على رغم المعالجات السريعة التي يرى المسؤولون الاقتصاديون أنها الحل الأمثل أو أنها ستحد من أثر الظاهرة. وأوضح أن هناك دوافع محلية وأخرى خارجية تسببت في هذه الظاهرة، كما أن الظاهرة لم تكن مفاجئة، بل كان يعلم المسؤولون بقدومها. ورصد التقرير أربعة دوافع محلية تتسبب في رفع معدلات التضخم، في مقدمها كلفة الإيجار السكن، إذ زادت الكلفة في بعض هذه الدول لتصل إلى 30 في المئة، والسبب الثاني هو التدفقات النقدية الكبيرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، والثالث الإنفاق الحكومي المتزايد، وأخيراً رفع الرواتب بطريقة غير مدروسة. وقال إن الدوافع الخارجية تتمثل أولاً في ربط عملات بلدان الخليج العربية بالدولار الأميركي المتراجع، وثانياً اضطرار المصارف المركزية في هذه البلدان إلى خفض أسعار فوائدها تواكباً مع قرارات المصرف المركزي الأميركي. ورأى البيت العالمي - البحرين أن أفضل الطرق للحد من التضخم في ظل أسعار الصرف الحالية هي أولاً: الانفتاح والمرونة في أسواق السلع والعمل على توسيع طاقتها الاستيعابية، وثانياً بيع السندات الحكومية لامتصاص السيولة، وثالثاً تشديد القيود على زيادة إيجارات المساكن. كما اقترح التقرير لكبح التضخم فرض قيود على الأسعار عموماً، وقال إنه من المهم أيضاً التحول إلى سلة عملات كما فعلت بعض الدول الخليجية، كدولة الكويت التي تستحق التنويه بها في هذا الجانب، خصوصاً تدقيقها الصارم في الآونة الأخيرة على أسعار المواد الغذائية. وأكد أن أهم الحلول هو بيد الحكومات الخليجية، من خلال إيجاد حل لقضية ارتباط عملاتها بالدولار عبر أحد خيارين، الأول من خلال إعادة تقويم عملاتها أمام الدولار، والثاني إتمام مشروع الوحدة النقدية الخليجية والذي طرح أكثر من مرة لكن لم يتم التوافق عليه، وهو ما اعتبره التقرير العلاج الأنجع لمثل هذا الداء. وأشار إلى أنه يتعين على حكومات السعودية والبحرينوقطروالإمارات، أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في خططها لإنشاء وحدة مالية بحلول عام 2010 أم أنها تريد التأجيل، متبعة في ذلك نهج عُمان التي اتخذته في نهاية عام 2006 وتمثل في الانسحاب من المشروع برمته. وقال التقرير إن دول الخليج العربية تعاني من ارتفاع نسبة التضخم كظاهرة يصعب السيطرة عليها، كما يبدو، مشيرة إلى أن متوسط معدل التضخم في دول الخليج مجتمعة العام الماضي بلغ 9 في المئة، إذ سجلت البحرين النسبة الأقل بنحو 3 في المئة، ومن المتوقع أن يزداد العام الحالي إلى 3.8 في المئة. وفي الكويت سجل التضخم 14 في المئة، ومن المتوقع أن يراوح مكانه على الأغلب هذا العام، في حين بلغ في السعودية 6.5 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ 16 عاماً، مع إمكان صعوده طفيفاً إلى 6.8 في المئة، ووصل متوسط التضخم في عُمان إلى 6.5 في المئة وهو مرشح للزيادة إلى 7 في المئة. وفي قطر سجل التضخم 13.73 في المئة، وقد يرتفع إلى 15 في المئة العام الحالي، أما الإمارات فقد بلغ متوسط التضخم في 2007 نحو 9.8 في المئة وسيصل إلى 10 في المئة هذه العام. وأشار التقرير في الوقت نفسه إلى أن التقرير السنوي لاتحاد غرف دول مجلس التعاون لعام 2007، كشف أن اقتصاديات دول المنطقة تواجه 3 تحديات رئيسية تؤثر في النمو الاقتصادي، وهي ارتفاع الأسعار، البطالة، عدم التنويع الاقتصادي. وذكر أن الإدارة السديدة لاحتياطات الصرف الأجنبي تُعد موضوعاً ذا صلة، فالدول المصدرة للنفط في المنطقة ما زالت على نهجها القديم في شراء الصكوك المالية في الولاياتالمتحدة وفي شراء صناديق الحماية بالدولار خارج الولاياتالمتحدة. وقال التقرير:"نحن نعتقد بعكس ما يقال ويُتداول في بعض الدوائر المسؤولة، إن ظاهرة التضخم في دول المنطقة غير موقتة، ما يعني أن التدابير التي تتخذها دول الخليج لمحاربتها كزيادة دعم السلع، ورفع الرواتب، ووضع قيود على معدلات رفع الإيجارات، هي تدابير غير مجدية، بل ربما ستزيد من الطلب الاستهلاكي والخدمات مما سيؤدي بالنتيجة إلى رفع معدلات التضخم بطريقة غير مباشرة".وتوقع أن يصاحب ذلك ارتفاع في أسعار الأغذية بنسب متفاوتة، فإذا درسنا سعر القمح سنجده زاد في نهاية العام الماضي2007 إلى نحو 480 دولاراً للطن بعد أن كان 200 دولار في أيار مايو 2006، ونحو 400 دولار في أيلول سبتمبر 2007، وهذه الزيادة هي الأعلى منذ البدء في تسجيل أسعار هذا المحصول. أما الذرة فقد ارتفع سعرها بمعدل 50 في المئة على مستواها في عام 2005، كما ارتفعت أسعار الرز بنسبة كبيرة، مشيراً إلى أن الزيادة الحالية في أسعار المواد الغذائية ليست موقتة، وطالب الخليجيين خصوصاً بالتعايش معها لفترة طويلة قد تصل إلى 10 سنوات في أقل تقدير.