قال المفكر الدكتور عبدالوهاب المسيري:"إن معظم المصطلحات المستوردة تحمل مفاهيم متحيّزة"، ضارباً المثل بمصطلحات"التقدم"، و"الأمة"، و"الأسرة". ووصف المسيري علم المصطلح"بالتواطؤ"، وأضاف:"إن إشكاليتنا معه في عدم سكّ مصطلحاتنا بأنفسنا". واعتبر المسيري أن المصطلح"معبأ"، لافتاً إلى تمركزه حول الذات، كما في"الصهيونية"التي تتمركز حول الذات الأوروبية، واستشهد بمصطلحات"الاستعمار"، و"المستوطنات"، مؤكداً على ضرورة"أن نسمي الأشياء بأسمائها"، وزاد:"لا يجب أن نشعر بالخوف من المسميات"، مشيراً إلى تصدير مصطلح"الانتفاضة"للغرب. وعرج المسيري في محاضرته التي أقيمت في مركز الملك فيصل بعنوان:"التحيّز وإشكالية المصطلح"، مساء الاثنين الماضي، على سنوات عمله السابقة في الرياض، في جامعة الملك سعود، واصفاً إياها"بأسعد أيام حياته"، وبين أن الندوات الصغيرة التي كانت تقام بين المفكرين والأساتذة تفوق نتائجها مؤتمرات وندوات كبرى، وذكر أن هذه اللقاءات ساعدته كثيراً في تطبيق المفهوم الذي توصل إليه عن الصهيونية، على أنماط أخرى. وقال في بداية المحاضرة:"إننا نود أن ننتقل من عالم التقاليد إلى التحديث، من دون أن نفقد هويتنا"، وركز على أن التحيّز جزء من الإنسانية،"وأن كل ما هو إنساني متحيّز"، متحدثاً عن ما سماه"الخريطة الإدراكية"، التي وصفها بأنها"إسقاط لمخزون الإنسان على واقعه"، وأشار إلى"أننا نرصد الواقع من خلالها"، معتبراً أنها سبب التحيّز الأساسي. وحول كيفية تجاوز التحيّز، شرح المسيري أن الحل في اختبار تحيز المصطلح، مؤكداً على أهمية"أن نتعلم صناعة مصطلحات جديدة"، وطالب بتفعيل استخدام"المثنى"، الذي يرى أنه"يموت في العالم العربي"، معتبراً أنه جعله يدرك أشياء كثيرة. فيما عدل المسيري مصطلح"النسوية"، إلى"التمركز حول الأنثى"، متهماً"النسوية"بأنها تحاول تعليم المرأة الصراع مع الرجل، بهدف تحطيم مفهوم الأسرة. كما أشار في سياق آخر إلى أن دور المرأة في المجتمع الحديث غير متحقق، ما يسبب لها شعوراً بالاغتراب، مؤكداً أن عملها في بيتها يعد عملاً بحد ذاته، إضافة إلى مهامها الأخرى. يذكر أن الندوة حضرها الأمير تركي الفيصل، وعدد كبير من الأكاديميين والمفكرين والمهتمين، رجالاً ونساءً، وقدم لها الدكتور سعد البازعي، الذي وصف المسيري بأنه علم من أعلام الفكر والثقافة المعاصرة، وأشار في تقديمه إلى أهم منجزاته، في إشكالية التحيّز، والمصطلح، وموسوعته عن الصهيونية.