نشرت بعض الصحف كلمة المرشد الإيراني سماحة الإمام آية الله على الخامئني التي ألقاها أمام جموع من علماء الدين والمواطنين الإيرانيين وبثتها الإذاعة الإيرانية... قال سماحته:"لو خيّل للذين يتهمون إخوانهم السنة ويسيؤون إليهم بأنهم يخدمون طائفتهم من خلال ذلك، فإنهم مخطئون، لأن ما يقومون به سيشعل نار العداوة والبغضاء، ولا يعتبر دفاعاً عن الشيعة بل عن الولاياتالمتحدة وإسرائيل". ودعا المرشد الإيراني الشيعة والسنة إلى اليقظة والوعي حيال المخططات التي يحيكها أعداء الإسلام لضرب وحدتهم من خلال إشعال نيران الفتنة الطائفية البغيضة، وقال"إن المستكبرين في العالم يعملون جاهدين لضرب الوحدة الإسلامية من خلال إذكاء العصبية الطائفية، الأمر الذي يدعو المسلمين إلى مزيد من الوعي لإحباط مخططات الأعداء". وأعرب الإمام الخامئني عن اعتقاده"بأن المساعي المشبوهة التي يقوم بها نفر من الشيعة ضد إخوانهم السنة، ونفر من السنة ضد إخوانهم الشيعة تخدم الأهداف الأميركية والإسرائيلية في العالم الإسلامي". انتهى حديث الإمام آية الله على الخامئني، وبعيداً عن الشكوك أو إدخال هذا الحديث ضمن إطار التعامل مع متطلبات مرحلة"ما"، التي جعلت العرب والمسلمين مأسورين لثورة الشك والبعد عن حسن النوايا، لابد من التعامل مع حديث الإمام الخامئني ضمن إطار صدق النوايا والمقاصد والأهداف، لأن دعوته مطلب كل مسلم عاقل يحب الخير والوحدة والتضامن وإبعاد العداوة والبغضاء وإثارة نيران الفتن التي لن تبقِي ولن تذر. وليسمح لي سماحة الإمام الخامئني أن أقول: إن عقلاء الأمة الإسلامية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعوا ولا يزالون إلى الوحدة والتضامن والحوار بين جميع طوائف ومذاهب الأمة الإسلامية، حوار عنوانه لا لمنتصر أو مهزوم، لا لمضطهد أو مظلوم، لا لمتعصب أو متطرف أو محروم، حوار يبدأ بالسلام والبسملة وينتهي بالوداع والمحبة، حوار تُحرق فيه كتب ومؤلفات زرعت وتزرع الفتنة والبغضاء والكراهية وتعمق الخلافات وتثير النزاعات الشيطانية، حوار يحترم فيه المسلم أخاه المسلم مهما كانت طائفته أو مذهبه ويراعي مشاعره وأحاسيسه ومعتقداته. ومرحباً بك يا سماحة الإمام وأنت تدعو وتناشد إخواننا الشيعة إلى محبة إخوانهم السنة وعدم الإساءة إليهم، مرحباً بك وبدعوتك عدم إشعال نار الفتنة والعداوة والبغضاء، مرحباً بك سماحة الإمام وأنت تدعو إلى اليقظة والوعي حيال المخططات التي يحيكها أعداء الإسلام لضرب الوحدة الإسلامية، مرحباً بك وأنت تستنكر وتنبه إلى المساعي المشبوهة التي يقوم بها نفر من الشيعة ضد إخوانهم السنة، ونفر من السنة ضد إخوانهم الشيعة، وأنها تصب في خدمة أعداء الإسلام. نعم يا سماحة الإمام، هذا ما يتمناه قادة المسلمين وعلماؤهم ومفكروهم والشعوب الإسلامية المحبة للخير والتسامح والتضامن والقوة والمنعة، أمتنا الإسلامية يا سماحة الإمام لم تعد تتحمل أو تحتمل مزيداً من الخلافات والصراعات والفتن والحروب، أمتنا الإسلامية بحاجة إلى تقريب العقلاء والحكماء، وإبعاد الحَمقى والجُهلاء، أمتنا الإسلامية بحاجة إلى استثمار وتنمية العقول، لا رفع الأصوات بخطب المزايدات ودق الطبول، أمتنا الإسلامية بحاجة إلى أن نعيد إليها سابق مجدها وعزها عندما تبوأ علماؤها مثل ابن سينا والرازي وابن الهيثم وابن خلدون وغيرهم المراكز المتقدمة في الطب والعلوم، لا أن نجعلها تعيش متبوئة مراكز الخوف والجوع والتخلف والصراعات. إيران، يا سماحة الإمام لها مركزها وثقلها السكاني والمذهبي في العالم الإسلامي، وإذا استمرت في التفاعل والاستجابة لدعوة الملك الصالح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار العقلاني الهادئ الذي يجمع ولا يفرق، يقوي ولا يضعف، سيكون للأمة الإسلامية شأن كبير ودور فاعل ومستقبل مشرق، ودعوتك الصادقة - إن شاء الله - يا سماحة الإمام، تصب في إطار المفهوم والهدف الذي دعا إليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويبقى دورك المهم والمؤثر في تشجيع ودعم إخواننا من العلماء والمفكرين الشيعة للتفاعل الإيجابي مع العلماء والمفكرين السنة لإعادة بناء علاقة أكثر رسوخاً، وصياغة استراتيجية تكون بمثابة السياج المنيع الذي يرمي - بمن تسول له نفسه أمراً لإحداث الفرقة - خارج نطاق الرسالة الجديدة والمفهوم الجديد للأمة الإسلامية لإعادة بنائه على الإعتدال والوسطية والتسامح، والحوار البناء لنصل في النهاية إلى وثيقة عهد إسلامية جامعة، ولتستمر رابطة العالم الإسلامي في أداء هذا الدور تدعمها وتؤيدها النوايا الصادقة من القيادات الدينية والفكرية والفلسفية في العالم الإسلامي لإشاعة أجواء التفاهم، وتصحيح المعلومات والتوجهات المغلوطة، والقضاء على أسباب الفرقة والتوتر والتطرف في الأحكام والمواقف والرؤى، فالمسلمون يستمدون نهجهم وثقافتهم وحضارتهم من دين قويم وقرآن كريم وسنة مطهرة. إن الحوار والتضامن الإسلامي هو المسلك الوحيد لخروج الأمة الإسلامية من أزمتها، والبعد عن الخلافات والصراعات المذهبية وتأجيجها، وسيُكتب للأمة الإسلامية فجر جديد وتاريخ جديد، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزل الأجر والثواب لكل من سعى ويسعى إليه، وحبه وحبب إليه، ونشره وقرب إليه. [email protected]