لجأت مقاه، يمتلكها سعوديون، إلى تصميم الشكل الداخلي لها بطريقة تشبه إلى حد بعيد شكل"البارات"و"الكازينوهات"المعروفة عالمياً، إذ عمدت إلى إبهار الشبان، للوهلة الأولى التي يدخلون فيها المقهى، لتجعلهم خلال الأضواء الخافتة التي توحي ب"الرومانسية"، واختيار قوارير بطريقة غريبة، وترتيبها فوق الأرفف، فيما تصدح الأغاني الشرقية والشبابية، من كل مكان، والكراسي القريبة من تقديم المشروب، فيما يعبق المكان بهواء الدخان المحمل بروائح التفاح والتوت، الأمر الذي برره بعض ملاك المقاهي بأن ذلك"وسائل جذب للشبان، الذين يبحثون عن مقاه تختلف عن النمط القديم شكلاً ومضموناً". وعمدت العديد من مقاهي"الكوفي شوب"و"الشيشة"منذ عام 2002، إلى توفير الشبكات اللاسلكية التي تخول دخول الشبان إلى شبكة الإنترنت، نظراً إلى تزايد معدلات الدخول إليها بين أوساط الشبان. واقترن دخول الشاب إلى تلك المقاهي بتوافر الدخول إلى الإنترنت، إلا أنها لا تتمتع بأي رقابة، كما هي الحال في المقاهي المخصصة للإنترنت، إذ يؤكد فهد القحطاني، أحد ملاك مقاهي"الكوفي شوب"، أنه"لا توجد جهات رقابية تزور المقاهي، سوى مراقبي البلديات أحياناً". ويقول عمار النوري، وهو مدير مقهى في الخبر:"إن الشبان السعوديين باتوا يفضلون المقاهي ذات التصميم الأخاذ من ناحية الديكور والإضاءة ونوع الموسيقى والقهوة، وتوفير شبكة الانترنت". وعلى رغم أن سوق المقاهي في السعودية، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، نظراً لإقبال الشبان عليها، خصوصاً من الفئة العمرية بين 15 إلى 30 عاماً، الذين يتوافدون على أكثر من 800 ألف مقهى و"كوفي شوب"ومحال"شيشة ومعسل"، إلا أنه يندر وجود مقاهٍ تكون لاعبة في الحراك الثقافي والأدبي، كما هي الحال في بلدان عربية أخرى. في الإطار ذاته، كسرت محال"الكوفي شوب"التي تقدم أصنافاً مختلفة من القهوة الغربية اسبرسو، والكاباتشينو، والموكا، والقهوة المثلجة، احتكار القهوة العربية التقليدية المفضلة لدى المزاج السعودي، إذ أشارت دراسة اقتصادية، إلى أن مليون كوب يتم تناوله يومياً من جانب الشبان، سواءً من المحال المخصصة للجلسات اليومية، أو من المحال التي تقدم القهوة على الطرق السريعة. وينفق الشبان أكثر من 500 مليون ريال سنوياً على هذه العادة. وإذ ما صادفتَ شاباً في إحدى المقاهي، يستخدم موبايله الخاص طوال تواجده في المقهى، فذلك ليس شرطاً أنه مشغول بأعمال مهمة، بل هو يرسل ويتلقى أنواعاً شتى من صور ومقاطع الفيديو التي تكون غالبها ذات طابع"إباحي"، وسط مجاميع تقول بتناقل واستقبال آلاف المقاطع عبر تقنية"البلوتوث"في ليلة واحدة. ويقول شاب وضع اسماً مغرياً على جهازه، لجذب أكبر عدد من الموجودين حوله، إن موبايله الخاص به"التقط أكثر من مئة مقطع ممنوع خلال جلوسي في المقهى ذات ليلة". وقام عدد من بلديات المناطق، بعمليات واسعة لإزالة مقاهي الشيشة، وإبعادها إلى خارج المدن، ل"رفع الضرر عن المواطنين المجاورين للمقاهي، وحماية الأحياء والسكان من مصادر التلوث الصحي والبيئي". بيد أن ذلك لم يؤثر على مكاسب تلك المقاهي، إذ تربح بعض مقاهي الشيشة والجراك في الدماموالخبر، في الليلة الواحدة أكثر من 30 ألف ريال، خصوصاً أن الحجر الواحد من المعسل، يتراوح سعره بين 15 إلى 80 ريالاً. فيما حذر أطباء من"أنواع المعسل التي تخلط مع كميات كبيرة من الأصباغ والأحبار السائلة والألوان والنكهات التي تسبب أمراضاً ?مختلفة، كما أنها تقوم بإضافة مركبات كيماوية مسرطنة، كمادة"الجلسرين"الذي تستخدم لأغراض طبية معروفة، فضلاً عن الأنابيب الملوثة، التي تهدد بنقل أخطر الأمراض، من دون وجود رقابة طبية"، ما دعا أطباء، إلى المناداة بإقامة"حملة وطنية خاصة لمكافحة المعسل والجراك، وتكثيف الرقابة الطبية على تلك المقاهي، التي تنذر بكارثة إنسانية على الشبان"، الذين يمثلون 60 في المئة من السكان، البالغ عددهم 21 مليون نسمة.