لم يكن الأرجنتيني غابرييل كالديرون ينتظر أن يقوده الظهور في ندوات التحليل الرياضي إلى منجم الذهب الخليجي والتنقل في أكثر من محطة في السعودية وعمان خلال المواسم الأربعة الماضية، وهو راهن على سجله كلاعب مميز أدى دوراً مهماً في خدمة كتيبة الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا، قبل التفكير في الدخول إلى عالم أصحاب القبعات والبحث عن الإنجازات مجدداً، ولم يخب ظن كالديرون في قدراته حين وافق على تدريب المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2006، ولم تكن البداية سهلة، وكادت تجربته في تدريب"الأخضر"تنتهي باكراً، غير أن الانتصارات المتوالية التي حققها منحته الاستمرار في منصبه وقيادة السعودية للظهور في مونديال 2006. وعلى رغم أن غابرييل كالديرون أنجز المهمة، إلا أن تدخله في شؤون المنتخب الإدارية وتفاقم خلافاته مع المسؤولين عن الكرة السعودية عجّلا برحيله قبل أن يحقق حلمه بأن يكون ضمن 32 مدرباً في"مونديال"ألمانيا. وعقب تجربة لم يحالفها النجاح في تدريب منتخب عمان، اختار المدرب الأرجنتيني الرجوع مجدداً إلى السعودية، ولكن هذه المرة لتدريب اتحاد جدة صاحب الشعبية الجارفة والفريق الذي يحتل واجهة الكرة السعودية في المواسم الأخيرة، خصوصاً أن كالديرون سيخوض تجربته الأولى في تدريب الأندية الخليجية، وفي ذلك سوق جديدة فتحت أمام لاعب معتزل احترف التدريب أخيراً. ولم تكن بداية المدرب الأرجنتيني جيدة مع الاتحاد بعدما خسر الفريق نهائي بطولة كأس الملك بنتيجة قاسية أمام الشباب، بيد أن الأمر لم يفسد علاقة كالديرون مع مسؤولي الفريق الذين منحوه فرصة الاستمرار، ولم يلتفتوا إلى الأصوات التي نادت بالاستغناء عن خدماته. ويبدو أن كالديرون نال استحسان أنصار الاتحاد في الموسم الجديد حين قاد الفريق إلى الاحتفاظ بصدارة دوري المحترفين السعودي بفارق ثلاث نقاط عن مطارده الهلال حامل اللقب، فضلاً عن أنه قاد الاتحاد لتخطي عقبة جاره اللدود الأهلي في مرحلة الذهاب من البطولة المحلية. ويأمل كالديرون بقيادة الاتحاد إلى اللقب والدخول إلى قائمة المدربين الذهبيين في سجل البطولات السعودية، علماً بأنه سيحقق لقبه الأول في عالم التدريب في حال قاد"النمور"إلى تحقيق الفوز بأول دوري للمحترفين في السعودية. وعلى رغم الانتصارات المتوالية، إلا أن علاقة كالديرون بمسؤولي ناديه لا تخلو من المنغصات غالباً، على اعتبار أنه مدرب مهتم بالتدخل في الشؤون الإدارية واختيار اللاعبين وتحديد أماكن المعسكرات بعيداً عن التشاور مع مسؤولي النادي، ما يثير غالباً خلافات تنشب بين المدرب وإدارة ناديه تنتهي ببذل الكثير من مساعي الصلح لاحتواء الخلاف. علماً بأن محطات كالديرون السابقة حفلت بالخلافات التي تسبب فيها المدرب بمواقفه المتشددة وتدخلاته في اختصاصات الإداريين. ويبدو أن تلك الخلافات باتت تضع كالديرون على مرمى الاتهامات، على اعتبار أنه مدرب يسعى للحصول على عمولات من إصراره على تولي ترتيب الأمور الخاصة بإقامة المعسكرات واستقدام المعاونين واللاعبين، وهو ما يرى فيه الاتحاديون منغصاً من شأنه أن ينهي"شهر العسل"الذي دام منذ انطلاق الموسم الحالي. في المقابل، يخشى الداعمون لنادي الاتحاد الخوض في تفاصيل على نحو إقامة معسكر الفريق الأولمبي في بيونس إيرس خلال فترة الصيف وإجبار اللاعبين على التدرب في درجة حرارة تصل الى أربع درجات مئوية من دون مبرر لإقامة المعسكر الصيفي في بلاد تمر بفصل الشتاء! وتأتي خشية الداعمين خوفاً من تعكير أجواء الفريق الذي عرف مع كالديرون حال استقرار تنبئ بمستقبل لافت للفريق في الموسم الحالي، وهو ما يبحث عنه الاتحاديون عموماً قبل النظر إلى الفاتورة التي سيدفعونها، على اعتبار أن لا ثمن يوازي تحقيق الإنجازات والفوز بالذهب.