يتخبط، لا يعلم من أين يبدأ... تتبعثر الأوراق... يفكر في قراءة كتاب، يقلب الصفحات لا يجد ما يريد... يقلب قنوات التلفاز... يرن هاتفه المحمول، يسمع الخبر غير المرغوب، لقد أُقرت الموازنة الجديدة للمنشأة... يُصدم بالفاجعة... اسمك غير مدرج، مع انك حصلت على علامات ممتازة في التقويم السنوي، ولكن هذا ما يقوله لك مديرك شفهياً لكي تقوم بالأعمال الموكلة إليك، ولكن يصيبك إحباط كبير مما قمت به خلال سنة كاملة من تطوير، والقيام بالأعمال الموكلة إليك على أتم وجه، وتجد إخفاقاً في دعمك معنوياً ومادياً كما تستحق، والأسباب رئيس قسم قاسٍ، أو مدير إدارة همه الأول نفسه. تباشر العمل في صباح اليوم الثاني بعد الخبر المفجع ومزاجك متعكر، تتمنى أن تنشق الأرض وتبلع من كان السبب، تقلب في نفسك ما كان وتقول حسبي الله ونعم الوكيل، تدخل المنشأة وتذكر أن عليك عملاً لابد من القيام به إرضاءً لضميرك الحي، والبعض"يطنش"لأن الخبر غير سار ومحبط، تتساءل ما الأسباب؟ ما الأعذار؟ وتجد الأعذار أقبح من أن تسمعها، تبدأ المواويل في رأسك، هل ابحث عن عمل يقدرني، ولكن هل سأجد فيه العقليات نفسها والمعاناة نفسها التي هنا؟ أم هناك قوانين وقرارات ولوائح تنجيني من مدير متسلط. يبقى أمامه خياران، إما العمل في صمت أو القيام بالأعمال كبعض الناس"التطنيش"وتأجيل العمل، وهذا سلبي ولا أرى له أي مبرر، لأنه حتى لو ظُلمت في راتب أو تعديل أو علاوة أو خلافه فعليك مراعاة ضميرك والأمانة التي سُلِمت لك، والذي كان السبب في مشكلاتك سيكون عليه الدور في يوم من الأيام، فالظلم ظلمات يوم الدين، فما عليك إلا إثبات الذات والعمل الدءوب والتطوير، لأنه لن يقدر على كسر مجاديفك وما تقوم به من عمل، وسيكون عبرة للجميع حتى لو طال الزمان، فالمعاناة السنوية لكل موظف أو رئيس أو مدير أو مسؤول يكون همهم الأول ما قدمنا، وما تعبنا هذا التعب إلا لنحصل على ما يدعمنا للبقاء أعواماً عدة. إن موظف القطاع الخاص يمر بمعاناة كبيرة تجعله منشغلاً بكل ما يدور حوله... آلية عمل غير مكتملة... أعصاب مشدودة وتذمر، فعلينا إعادة النظر والتروي في أخذ القرارات الصائبة وتجنب الأخطاء في كل موازنة سنوية جديدة للمنشآت ولمنسوبيها، وتطبيق سدد وقارب، لأنه في الأساس تحسب على المسؤولين في تلك المنشآت أي غلطة وأي تهاون وأي استقالات، وتسرب وظيفي، وعلى الموظف الصبر، فمع الصبر الفرج... ونعيش ونشوف. عبدالمحسن سلمان الهويدي - الرياض [email protected]